الدوابشة يكتب: الارتداد المتوقع هجوم بوندي بيتش كنتيجة لصمت العالم على جرائم غزة والسودان

سليم الدوابشة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/14 الساعة 15:29
في صباح يوم 14 ديسمبر 2025، اهتزت مدينة سيدني الأسترالية على وقع هجوم مروع في شاطئ بوندي الشهير، حيث أسفر عن مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة عشرات آخرين خلال احتفال يهودي بحانوكا.

كان الهجوم، الذي وصفته السلطات الأسترالية بأنه "عمل إرهابي معادٍ للسامية"، يستهدف تجمعاً للجالية اليهودية، وشمل إطلاق نار عشوائي وكشف عن أجهزة متفجرة بدائية في مركبة قريبة.

قتل أحد المهاجمين، واعتقل الآخر، فيما يجري التحقيق في احتمال تورط شخص ثالث.

لكن هذا الحدث المأساوي ليس مجرد حادثة معزولة أو نتيجة لتصرف فردي عشوائي.

إنه، في جوهره، ارتداد متوقع لصمت العالم المستمر أمام الجرائم اللاإنسانية التي ترتكب في مناطق مثل غزة والسودان وغيرها من بؤر الصراعات المنسية.

عندما يغض الطرف المجتمع الدولي عن مذابح جماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، يزرع بذور العنف التي تنبت في أماكن غير متوقعة، مثل شاطئ هادئ في أستراليا.

هذا الهجوم يعكس كيف أن الفشل في مواجهة الظلم يؤدي إلى تفشي الكراهية والانتقام، مما يهدد الاستقرار العالمي ككل.

صمت مدوٍ أمام مذابح غزة

منذ اندلاع الصراع في غزة في أكتوبر 2023، شهد العالم جرائم حرب مروعة، بما في ذلك قصف مدنيين، تدمير مستشفيات، وحصار يؤدي إلى مجاعة جماعية. تقارير منظمات حقوقية دولية توثق آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فيما يُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.

ومع ذلك، اكتفى المجتمع الدولي، ممثلاً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بإصدار بيانات تنديد وشجب روتينية. الفيتو الأمريكي المتكرر حال دون أي قرار ملزم يفرض وقف إطلاق النار أو عقوبات حقيقية على الجانب المسؤول.

هذا الصمت ليس مجرد تقصير؛ إنه تواطؤ يشجع على استمرار الجرائم، ويولد شعوراً بالظلم العالمي الذي يتغذى عليه التطرف.

في غزة، أدى الصمت الدولي إلى تصعيد الكراهية ضد الرموز اليهودية في بعض الأوساط، حيث يُرى الهجوم في بوندي كرد فعل مشوه لتلك الجرائم غير المعاقب عليها.

لو كان العالم قد اتخذ إجراءات حاسمة، مثل فرض حظر أسلحة أو دعم تحقيقات محكمة الجنايات الدولية، لربما منعنا انتشار موجة الكراهية التي وصلت إلى شواطئ أستراليا.

السودان نموذج آخر للإهمال الدولي

كذلك في السودان، حيث اندلعت حرب أهلية شرسة منذ أبريل 2023، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين، مع تقارير عن جرائم حرب تشمل الاغتصاب الجماعي والتطهير العرقي.

المنظمات الإنسانية تحذر من مجاعة كارثية، لكن رد الفعل الدولي يقتصر على الشجب والمساعدات الإنسانية المحدودة. مجلس الأمن يجتمع، يناقش، ثم يتفرق دون قرارات ملزمة، مفضلاً الحفاظ على مصالح الدول الكبرى على حساب الضحايا.

هذا الإهمال يعزز الشعور بأن حياة بعض البشر أقل قيمة، مما يغذي الراديكالية التي قد تنفجر في أي مكان، كما حدث في سيدني.

انعكاسات على الحالة الإنسانية العالمية

هذا الصمت المزدوج – على غزة والسودان وغيرها من الصراعات في اليمن أو أوكرانيا – لن يقتصر تأثيره على المناطق المعنية.

إنه يهدم أسس النظام الدولي الذي بني بعد الحرب العالمية الثانية لمنع تكرار المذابح.

عندما يفشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات حقيقية، مثل نشر قوات حفظ سلام أو فرض عقوبات اقتصادية، يفقد مصداقيته، ويفتح الباب للفوضى.

الهجوم في أستراليا هو دليل حي على ذلك

الجرائم غير المعاقب عليها تولد جرائم أخرى، وتنتشر الكراهية كوباء عابر للقارات.

في النهاية، يجب على العالم أن يستيقظ قبل فوات الأوان. الشجب وحده لا يكفي؛ نحتاج إلى إصلاح جذري للنظام الدولي، يضمن عدالة متساوية لجميع الشعوب.

إلى أن يحدث ذلك، فإن حوادث مثل بوندي بيتش ستظل تذكيراً مؤلماً بأن الظلم في مكان واحد يهدد الإنسانية في كل مكان.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/14 الساعة 15:29