'لاعب الشطرنج' يتولى القيادة: الذكاء الاصطناعي يصمم ويقود صواريخ المستقبل إلى ما وراء النظام الشمسي
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/14 الساعة 14:56
مدار الساعة -تحول الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة برمجية إلى لاعب محوري في مستقبل الفضاء، في ظل قدرته المتزايدة على تحسين تكنولوجيا الدفع التي تقود الصواريخ والمركبات الفضائية إلى ما وراء حدود النظام الشمسي.
وبينما تتسابق وكالات الفضاء والشركات الخاصة لإطلاق مئات الصواريخ سنوياً، تتجه الأنظار نحو تقنيات جديدة تجعل السفر الكوني أسرع وأرخص وأكثر أماناً بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يقود هذا السباق.
من تصميم الصواريخ إلى تشغيلها
ووفق ما نشره موقع "Space"، يسعى فريق من المهندسين والباحثين وطلاب الدراسات العليا نحو الاستفادة من تقنيات "التعلم الآلي"، وتحديداً التعلم المُعزز؛ لتطوير محركات أكثر كفاءة قادرة على اتخاذ قرارات ذاتية وتعديل أدائها خلال الرحلة.
ويُعد "التعلم الآلي" فرعاً من فروع الذكاء الاصطناعي، يُعنى بتحديد الأنماط في البيانات التي لم يتم تدريبه عليها بشكلٍ صريح، وهو مجال واسع ذو فروعٍ عديدة، وله تطبيقاتٌ كثيرة، حيث يُحاكي كل فرعٍ الذكاء بطرقٍ مختلفة: من خلال التعرّف على الأنماط، أو تحليل اللغة وتوليدها، أو التعلّم من التجربة.
هذا الفرع الأخير تحديداً القائم على التعلم من "التجربة" يُعرف باسم "التعلّم المعزز"، يُعلّم الآلات كيفية أداء مهامها من خلال تقييم أدائها، مما يُمكّنها من التحسين المستمر عبر التجربة.
ومن شأن هذه الأنظمة تحليل البيانات، واختبار عدد لا نهائي من السيناريوهات، وتحديد أفضل تكوينات ممكنة للصاروخ والمفاعل.
ويشبّه العلماء دور هذه الأنظمة بلاعب شطرنج خاض آلاف المباريات "لا يحسب كل الاحتمالات، بل يبني حدسه من التجربة المُستمرة"، ويُنشئ خبرة بديهية مماثلة في الآلات والأنظمة، ولكن بسرعة وكفاءة حسابية تفوق قدرة البشر.
يُمكن عبر الاعتماد على "التعلم المُعزز" تحسين فهم الإنسان للأنظمة بالغة التعقيد التي تتحدى حدود الحدس البشري، فهو يُساعد في تحديد المسار الأمثل لمركبة فضائية متجهة إلى أي مكان في الفضاء، وذلك من خلال تحسين نظام الدفع اللازم لإيصالها إلى وجهتها.
كما يُمكنه أيضاً تصميم أنظمة دفع أفضل، بدءاً من اختيار أفضل المواد وصولاً إلى ابتكار تصميمات تُحسّن نقل الحرارة بين أجزاء المحرك.
نحو صواريخ نووية
وبحسب العلماء فإن أحد أكثر الاتجاهات الواعدة هو "الدفع النووي" سواء عبر "الانشطار أو الاندماج"، الذي يمتلك القدرة على تقليص زمن الرحلات بين الكواكب بشكل هائل، ويُسخر نفس القوى التي تشغل القنابل الذرية وتغذي الشمس.
ويعمل الانشطار النووي عن طريق شطر الذرات الثقيلة مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم لإطلاق الطاقة، وهو مبدأ يُستخدم في معظم المفاعلات النووية الأرضية. أما الاندماج النووي، فيدمج الذرات الأخف مثل الهيدروجين لإنتاج طاقة أكبر، ولكنه يتطلب ظروفًا أكثر قسوة لبدء حدوثه.
غير أن "الانشطار النووي" يُعتبر أكثر نضجاً، وقد اختُبرت هذه التقنية سابقاً في برنامج "نيرفا" التابع لوكالة ناسا، حيث يُمكنها تمكين رحلات أسرع إلى المريخ مع استهلاك أقل للوقود.
وبات "الاندماج النووي" الحلم الأكبر، لكنه يتطلب السيطرة على بلازما شديدة الطاقة داخل حقول مغناطيسية مُعقدة - وفق العلماء - وهو مجال يلعب فيه الذكاء الاصطناعي دور المشرف الذكي القادر على ضبط الحقول المغناطيسية لحظة بلحظة، أي أنها مُهمة شبه مستحيلة للإنسان.
محركات المستقبل
استخدمت التصاميم المُبكرة للدفع الحراري النووي في ستينيات القرن الماضي - مثل تلك المستخدمة في برنامج "NERVA" التابع لناسا - وقود "اليورانيوم" الصلب المصبوب في قوالب على شكل موشور، ومنذ ذلك الحين، استكشف المهندسون تكوينات بديلة، بدءاً من طبقات من الحصى الخزفية وصولًا إلى حلقات محززة ذات قنوات معقدة.
ويتفق العلماء على أنه كلما زادت كفاءة المفاعل في نقل الحرارة من الوقود إلى الهيدروجين، زادت قوة الدفع التي يولدها، وفي هذا المجال، أثبت التعلم المعزز أهميته البالغة.
لكن يظل التحدي الأساسي أمام "الدفع النووي" هو إدارة الحرارة داخل المحرك وتحويلها إلى طاقة دفع بكفاءة، وهنا، يختبر المهندسون منذ عقود تصميمات متعددة للوقود والبنية الداخلية للمفاعل.
في هذا الشأن، استطاع الذكاء الاصطناعي تحقيق خلال أشهر فقط، ما كان يتطلب سنوات من التجارب البشرية المكلفة، عبر تحليل مئات المتغيرات، واختيار أفضل التصاميم، وتوقع أداء كل جزء قبل تصنيعه.
مع هذا، فإن التحكم في المجالات المغناطيسية داخل بئر مُتعدد الطبقات "ليس بالأمر الهين"، حيث يستلزم أن تكون هذه المجالات قوية بما يكفي لإبقاء ذرات "الهيدروجين" في حالة حركة مستمرة حتى تندمج، وهي عملية تتطلب طاقة هائلة للبدء، ولكنها تصبح مستدامة ذاتياً بمجرد انطلاقها.
ويُعدّ التغلب على هذا التحدي ضرورياً الآن لتوسيع نطاق هذه التقنية لتطبيقات "الدفع الحراري النووي".
إدارة الوقود للبعثات الديناميكية
لا يتوقف دور الذكاء الاصطناعي عند مرحلة التصميم، ففي ظل مهام فضائية تتغير أولوياتها طوال الوقت من تطبيقات عسكرية إلى استكشاف علمي، يساعد "التعلم المُعزز" في: توقع استهلاك الوقود، والتخطيط للمسارات الفعّالة، واتخاذ قرارات لحظية خلال الرحلة ليتحول الصاروخ إلى آلة قادرة على التكيف مع بيئة متغيرة.
عنصر "التكيف مع المتغيرات" أيضاً من العناصر التي تشغل بال العلماء، حيث يولون اهتماماً بالغاً بالمركبات الفضائية القادرة على أداء أدوار مُختلفة استجابة للمتغيرات والاحتياجات المهمة بمرور الوقت.
فعلى سبيل المثال، يجب أن تستجيب "التطبيقات العسكرية" بسرعة للتغيرات الجيوسياسية المتسارعة، ومن الأمثلة على التقنيات المُكيَّفة مع هذه التغيرات السريعة "قمر LM400 الصناعي" التابع لشركة لوكهيد مارتن، والذي يتمتع بقدرات متنوعة مثل الإنذار الصاروخي والاستشعار عن بُعد.
وتماماً كما ساهمت الدراجات والطائرات والسيارات في دفع تطور البشرية، يمكن أن يصبح "التعلم الآلي" الركيزة الأساسية للانتقال بين الكواكب.
وبينما تتسابق وكالات الفضاء والشركات الخاصة لإطلاق مئات الصواريخ سنوياً، تتجه الأنظار نحو تقنيات جديدة تجعل السفر الكوني أسرع وأرخص وأكثر أماناً بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يقود هذا السباق.
من تصميم الصواريخ إلى تشغيلها
ووفق ما نشره موقع "Space"، يسعى فريق من المهندسين والباحثين وطلاب الدراسات العليا نحو الاستفادة من تقنيات "التعلم الآلي"، وتحديداً التعلم المُعزز؛ لتطوير محركات أكثر كفاءة قادرة على اتخاذ قرارات ذاتية وتعديل أدائها خلال الرحلة.
ويُعد "التعلم الآلي" فرعاً من فروع الذكاء الاصطناعي، يُعنى بتحديد الأنماط في البيانات التي لم يتم تدريبه عليها بشكلٍ صريح، وهو مجال واسع ذو فروعٍ عديدة، وله تطبيقاتٌ كثيرة، حيث يُحاكي كل فرعٍ الذكاء بطرقٍ مختلفة: من خلال التعرّف على الأنماط، أو تحليل اللغة وتوليدها، أو التعلّم من التجربة.
هذا الفرع الأخير تحديداً القائم على التعلم من "التجربة" يُعرف باسم "التعلّم المعزز"، يُعلّم الآلات كيفية أداء مهامها من خلال تقييم أدائها، مما يُمكّنها من التحسين المستمر عبر التجربة.
ومن شأن هذه الأنظمة تحليل البيانات، واختبار عدد لا نهائي من السيناريوهات، وتحديد أفضل تكوينات ممكنة للصاروخ والمفاعل.
ويشبّه العلماء دور هذه الأنظمة بلاعب شطرنج خاض آلاف المباريات "لا يحسب كل الاحتمالات، بل يبني حدسه من التجربة المُستمرة"، ويُنشئ خبرة بديهية مماثلة في الآلات والأنظمة، ولكن بسرعة وكفاءة حسابية تفوق قدرة البشر.
يُمكن عبر الاعتماد على "التعلم المُعزز" تحسين فهم الإنسان للأنظمة بالغة التعقيد التي تتحدى حدود الحدس البشري، فهو يُساعد في تحديد المسار الأمثل لمركبة فضائية متجهة إلى أي مكان في الفضاء، وذلك من خلال تحسين نظام الدفع اللازم لإيصالها إلى وجهتها.
كما يُمكنه أيضاً تصميم أنظمة دفع أفضل، بدءاً من اختيار أفضل المواد وصولاً إلى ابتكار تصميمات تُحسّن نقل الحرارة بين أجزاء المحرك.
نحو صواريخ نووية
وبحسب العلماء فإن أحد أكثر الاتجاهات الواعدة هو "الدفع النووي" سواء عبر "الانشطار أو الاندماج"، الذي يمتلك القدرة على تقليص زمن الرحلات بين الكواكب بشكل هائل، ويُسخر نفس القوى التي تشغل القنابل الذرية وتغذي الشمس.
ويعمل الانشطار النووي عن طريق شطر الذرات الثقيلة مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم لإطلاق الطاقة، وهو مبدأ يُستخدم في معظم المفاعلات النووية الأرضية. أما الاندماج النووي، فيدمج الذرات الأخف مثل الهيدروجين لإنتاج طاقة أكبر، ولكنه يتطلب ظروفًا أكثر قسوة لبدء حدوثه.
غير أن "الانشطار النووي" يُعتبر أكثر نضجاً، وقد اختُبرت هذه التقنية سابقاً في برنامج "نيرفا" التابع لوكالة ناسا، حيث يُمكنها تمكين رحلات أسرع إلى المريخ مع استهلاك أقل للوقود.
وبات "الاندماج النووي" الحلم الأكبر، لكنه يتطلب السيطرة على بلازما شديدة الطاقة داخل حقول مغناطيسية مُعقدة - وفق العلماء - وهو مجال يلعب فيه الذكاء الاصطناعي دور المشرف الذكي القادر على ضبط الحقول المغناطيسية لحظة بلحظة، أي أنها مُهمة شبه مستحيلة للإنسان.
محركات المستقبل
استخدمت التصاميم المُبكرة للدفع الحراري النووي في ستينيات القرن الماضي - مثل تلك المستخدمة في برنامج "NERVA" التابع لناسا - وقود "اليورانيوم" الصلب المصبوب في قوالب على شكل موشور، ومنذ ذلك الحين، استكشف المهندسون تكوينات بديلة، بدءاً من طبقات من الحصى الخزفية وصولًا إلى حلقات محززة ذات قنوات معقدة.
ويتفق العلماء على أنه كلما زادت كفاءة المفاعل في نقل الحرارة من الوقود إلى الهيدروجين، زادت قوة الدفع التي يولدها، وفي هذا المجال، أثبت التعلم المعزز أهميته البالغة.
لكن يظل التحدي الأساسي أمام "الدفع النووي" هو إدارة الحرارة داخل المحرك وتحويلها إلى طاقة دفع بكفاءة، وهنا، يختبر المهندسون منذ عقود تصميمات متعددة للوقود والبنية الداخلية للمفاعل.
في هذا الشأن، استطاع الذكاء الاصطناعي تحقيق خلال أشهر فقط، ما كان يتطلب سنوات من التجارب البشرية المكلفة، عبر تحليل مئات المتغيرات، واختيار أفضل التصاميم، وتوقع أداء كل جزء قبل تصنيعه.
مع هذا، فإن التحكم في المجالات المغناطيسية داخل بئر مُتعدد الطبقات "ليس بالأمر الهين"، حيث يستلزم أن تكون هذه المجالات قوية بما يكفي لإبقاء ذرات "الهيدروجين" في حالة حركة مستمرة حتى تندمج، وهي عملية تتطلب طاقة هائلة للبدء، ولكنها تصبح مستدامة ذاتياً بمجرد انطلاقها.
ويُعدّ التغلب على هذا التحدي ضرورياً الآن لتوسيع نطاق هذه التقنية لتطبيقات "الدفع الحراري النووي".
إدارة الوقود للبعثات الديناميكية
لا يتوقف دور الذكاء الاصطناعي عند مرحلة التصميم، ففي ظل مهام فضائية تتغير أولوياتها طوال الوقت من تطبيقات عسكرية إلى استكشاف علمي، يساعد "التعلم المُعزز" في: توقع استهلاك الوقود، والتخطيط للمسارات الفعّالة، واتخاذ قرارات لحظية خلال الرحلة ليتحول الصاروخ إلى آلة قادرة على التكيف مع بيئة متغيرة.
عنصر "التكيف مع المتغيرات" أيضاً من العناصر التي تشغل بال العلماء، حيث يولون اهتماماً بالغاً بالمركبات الفضائية القادرة على أداء أدوار مُختلفة استجابة للمتغيرات والاحتياجات المهمة بمرور الوقت.
فعلى سبيل المثال، يجب أن تستجيب "التطبيقات العسكرية" بسرعة للتغيرات الجيوسياسية المتسارعة، ومن الأمثلة على التقنيات المُكيَّفة مع هذه التغيرات السريعة "قمر LM400 الصناعي" التابع لشركة لوكهيد مارتن، والذي يتمتع بقدرات متنوعة مثل الإنذار الصاروخي والاستشعار عن بُعد.
وتماماً كما ساهمت الدراجات والطائرات والسيارات في دفع تطور البشرية، يمكن أن يصبح "التعلم الآلي" الركيزة الأساسية للانتقال بين الكواكب.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/14 الساعة 14:56