أنقذوا البلديات.. بخصخصة النفايات

علاء القرالة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/11 الساعة 01:05
تمر البلديات اليوم بمرحلة حرجة لا تحتمل الانتظار، فقد ارتفعت مديونيتها من 300 مليون دينار عام 2019 ألى أكثر من 600 مليون دينار اليوم، الأمر الذي يستنزف قدرتها على القيام بواجباتها التنموية والخدمية، حيث يعد قطاع النفايات من أكثر القطاعات استنزافا ماليا لها، بعدما تحول من «خدمة أساسية» إلى عبء مالي ثقيل يلتهم ميزانياتها، فما الحل؟.

التجارب العالمية أثبتت أن النفايات في دول كثيرة أصبحت «مصدرا للدخل» من خلال التدوير والمعالجة، بينما نحن في المملكة ما تزال بلدياتنا تنفق مبالغ ضخمة على جمعها ونقلها وصيانة آلياتها و"دفنها» في مكبات غير مستغلة، وكأن هذا الواقع قدر لا يمكن تغييره أو تجاوزه، غير أن النتيجة تكمن في أن البلديات تواصل «تراكم العجز» وتهدر فرصة تحويل النفايات إلى مورد اقتصادي يخفف الضغط المالي عنها ويخلق فرص عمل لإضعاف من تشغلهم هي الان.

الخيار المنطقي اليوم هو «خصخصة قطاع النفايات"وإسناد تشغيله لشركات متخصصة تمتلك الخبرة والمعدات، مع بقاء البلديات جهة رقابية وتنظيمية فقط، وهذه الخطوة ليست بيعا للخدمة بل تحديثا لطريقة إدارتها، بعدما أن أثبتت التجارب الدولية أنها قادرة على تحويل قطاع مكلف إلى قطاع منتج وفعال.

تجارب المنطقة والعالم تقدم دلائل واضحة على جدوى هذا التوجه، ففي أبوظبي، نجحت الشراكة مع القطاع الخاص في تقليل الكلف ورفع نسب التدوير، وفي عُمان تمكنت شركة «بيئة» من تطوير إدارة النفايات وإغلاق «المكبات العشوائية» التي تتسبب اليوم في انتشار الكلاب الضالة، وكما تعتمد ألمانيا على القطاع الخاص لتكون من أعلى دول العالم التدوير وحتى كوريا الجنوبية، التي واجهت تحديات، وتمكنت عبر إشراك القطاع الخاص بجعل النفايات قطاع مستدام اقتصاديا.

هذه النماذج قابلة للتطبيق في الأردن، وخصوصا في أمانة عمان التي تمثل أكبر مصدر للنفايات وأعلى كلفة تشغيلية، وهي الأقدر على جذب شركات عالمية متخصصة، وباستثناء ذلك وباستمرار الأمانة في الإدارة التقليدية سوف تستمر بنزف مواردها وتفاقم مديونيتها دون تحسن ملموس في الخدمة.

خلاصة القول، إن خصخصة قطاع النفايات أصبحت ضرورة ملحة وليست خيارا، فهي الطريق الأقصر لتخفيف العبء عن البلديات وإعادة توازنها المالي، ولتحويل النفايات من مصدر للعجز إلى مورد اقتصادي، ومن دون خطوة جريئة في هذا الاتجاه، قد نجد أنفسنا أمام مديونية أكبر وخدمات لا تتطور وبلديات تنهار للاسف.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/11 الساعة 01:05