مكالمة الـ 30 مليار دولار التي أنقذت العالم: جيمي ديمون يكشف السر وراء إنقاذ 'بير ستيرنز' عام 2008.

مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/06 الساعة 18:21
مدار الساعة -بعد مرور أكثر من 16 عاماً على الأزمة المالية العالمية، لا يزال اتصال هاتفي واحد في ليلة عصيبة من عام 2008 يُعدّ من أكثر اللحظات تأثيراً في تاريخ وول ستريت.

فقد كشف جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان تشيس، أن طلباً عاجلاً بقيمة 30 مليار دولار تلقّاه قبيل افتتاح الأسواق الآسيوية، كاد أن يحدد مصير النظام المالي بأكمله.

كان بنك بير ستيرنز، أحد أقدم البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة، يعيش شهوراً من الضغوط المتزايدة بسبب انهيار سوق الرهونات العقارية عالية المخاطر، ورغم التوقعات بأن البنك يملك وقتاً لمعالجة أزمته، فإن الوضع انقلب بشكل حاد في ليلة واحدة عندما اتصل الرئيس التنفيذي للبنك، آلان شوارتز، بديمون قائلاً: "نحتاج 30 مليار دولار الليلة… وإلا لن نصل إلى جلسة الغد"، وفقا لموقع Day Trading.

أدرك ديمون أن انهيار البنك بهذا الشكل المفاجئ مع افتتاح الأسواق في آسيا قد يطلق سلسلة انهيارات أكبر، ويحوّل أزمة الرهونات إلى انهيار مالي شامل.

سباق الـ 48 ساعة: قرار تحت الضغط

تحوّل مقر جي بي مورغان خلال دقائق إلى غرفة عمليات مالية، استُدعي الموظفون بشكل عاجل، وفُتحت الشاشات في كل المكاتب، وبدأت عملية فحص مكثّف لأصول والتزامات بير ستيرنز.

عملت فرق التدقيق والاستثمار على ضغط ستة أشهر من الفحص المالي في سباق ماراثوني لم يتجاوز 48 ساعة، انتهى بموافقة البنك على التدخل لإنقاذ المؤسسة المتعثرة.

ووفق روايات المشاركين، فإن تلك الساعات القليلة شهدت حالة من الطوارئ الحقيقية، حيث اعتُبر التأخر في اتخاذ القرار مخاطرة قد تؤدي إلى اضطرابات عالمية تتجاوز حدود السوق الأمريكية.

انعكاسات طويلة الأمد: دروس للمتداولين وصنّاع القرار

تستحضر هذه القصة اليوم وسط حالة التوتر التي يعيشها بعض المتداولين، خصوصاً مع تشدد السيولة وارتفاع أسعار الفائدة واتساع مخاطر الائتمان في عدة أسواق، ورغم اختلاف القواعد والضوابط التنظيمية عن مرحلة ما قبل 2008، يرى محللون أن قصة بير ستيرنز تذكّر بأن الأسواق قادرة على الانقلاب في ساعات، وأن السيولة قد تختفي بشكل مفاجئ.

وتشير الخبرات التاريخية إلى أن مراقبة عوائد السندات وفروق الائتمان ومستويات السيولة، خصوصاً في الأصول عالية التقلب مثل العملات الرقمية، تُعد مؤشرات أسرع من العناوين الإخبارية في الكشف عن إشارات الخطر المبكرة.

قيادة في قلب الأزمة

يسلط ديمون الضوء في روايته على جانب آخر من الأزمة يتمثل في أهمية القيادة السريعة والحاسمة، ففي لحظة تجمّد فيها كثيرون خوفاً من اتخاذ القرار، استطاع جمع فريقه وتنفيذ عملية إنقاذ معقدة تحت ضغط زمني غير مسبوق.

لا يزال اتصال منتصف الليل بقيمة 30 مليار دولار مثالاً حيّاً على هشاشة النظام المالي العالمي وكيف يمكن لقرار واحد أن يغير مسار الأسواق، وبينما تختلف الظروف اليوم، تبقى هذه القصة درساً دائماً في أهمية الاستعداد للأزمات، وفي الدور الذي يمكن أن تلعبه القيادة الواضحة في لحظات الارتباك المالي الشديد.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/06 الساعة 18:21