العتوم يكتب: نحو جامعة افتراضية أردنية: هل هي ضرورة وطنية ومطلب تشريعي للتعليم العالي في العصر الرقمي؟

ا.د. عدنان العتوم
مدار الساعة ـ نشر في 2025/11/29 الساعة 13:13
يشهد التعليم العالي عالميًا تحولات عميقة بفعل الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت الجامعات الافتراضية والالكترونية أحد الحلول الاستراتيجية لتوسيع فرص التعلم وتقليل الكلفة وتحقيق العدالة التعليمية في العالم وخصوصا لكبار العمر. وما زال التعليم الجامعي الاردني يعتمد بشكل شبه كلي على الحضور الوجاهي رغم وجود مساقات تدرس بطرق الكترونية أو برامج مدمجة ورغم توفر بنية رقمية متقدمة وتجارب ناجحة في التعليم التقليدي أو المدمج. ومع غياب جامعة افتراضية أردنية بنظام جامعي متكامل قائم على بيئة افتراضية تمنح الدرجات العلمية الكاملة، تبرز الحاجة الملحّة لإطلاق فكرة مشروع وطني في هذا الاتجاه للاسباب الاتية:

1. توسيع فرص التعليم العالي : تتيح الجامعة الافتراضية فرصًا متساوية أمام الطلبة من مختلف المحافظات ، وخصوصا المتقدمين في العمر ولم تسمح ظروفهم بالحصول على الدرجة العلمية.

2. خفض كلفة التعليم: التعليم الافتراضي يقلل من النفقات التشغيلية مثل الأبنية والصيانة والتنقل وغيرها على الجامعة وبالتالي الطالب.

3. استقطاب الطلبة العرب والدوليين: يمكن للأردن أن يصبح مركزًا إقليميًا للتعليم الرقمي العربي والاقليمي.

4. تعزيز التنافسية والابتكار والتغيير: توفر الجامعة الافتراضية بيئة مرنة تسمح بتحديث البرامج بسرعة لتواكب حاجات السوق والتغيرات على متطلبات البرامج العصرية.

الواقع القانوني للتعلم الإلكتروني وتحدياته في الأردن : رغم عدم وجود نص صريح في التشريعات الأردنية يسمح بإنشاء جامعة افتراضية متكاملة، إلا أن هناك أرضية قانونية وعملية يمكن البناء عليها:

1. قانون الجامعات الأردنية ( رقم 18 لسنة 2018) وتعديلاته يمنح الجامعات صلاحيات تصميم البرامج التعليمية ومنح الدرجات الأكاديمية ولكنه لا يتطرق الى الجامعات الافتراضية.

2. تعليمات دمج التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي تُتيح للجامعات الأردنية تقديم محتوى تعليمي رقمي متزامن وغير متزامن.

3. الاعتراف بالجامعات الأجنبية الإلكترونية يعد سابقة قانونية يمكن توسيعها لتشمل جامعة وطنية افتراضية.

4. التجربة الوطنية في فترة جائحة كورونا وما تبعها من قرارات لتقديم بعض المساقات بطريقة مدمجة او عن بعد في جميع الجامعات الاردنية.

ومع ذلك فان هنالك تحديات كبيرة أمام هذه الفكرة منها:

1. مقاومة من مؤسسات التعليم العالي التي تتاثر بوجود مثل هذه الجامعات.

2. غياب إطار تشريعي خاص بالتعليم الافتراضي الكامل.

3. الحاجة إلى آليات ضمان جودة ومراقبة أكاديمية رقمية.

4. ضرورة حماية حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الإلكتروني.

5. أهمية تطوير نظام امتحانات إلكتروني آمن ومعتمد.

6. الحاجة إلى تعديلات في أنظمة الاعتماد وضبط الجودة.

إن إنشاء جامعة افتراضية أردنية ليس ترفًا أكاديميًا، بل ضرورة استراتيجية لمواكبة التحول الرقمي العالمي وضمان استدامة التعليم العالي. الأردن يمتلك الكفاءات البشرية، والبنية التقنية، والإطار القانوني القابل للتطوير، مما يجعل تنفيذ هذا المشروع ممكنًا خلال سنوات قليلة إذا توافرت الإرادة والرؤية الاستراتيجية المنسجمة مع ذلك. ويمكن كمرحلة انتقالية ان نسمح لبعض الجامعات بإطلاق برنامج تجريبي (Pilot) لاختبار فعالية برامج في الدبلوم او البكالوريوس، تدرس بالكامل عن بعد، والعمل على تشجيع الجامعات الأردنية على تطوير محتوى رقمي لبرامج كاملة وليس لبعض المساقات لتعزيز الثقافة الرقمية لدى الطلبة وأعضاء هيئة التدريس. ومن باب فتح الحوار والعصف الذهني في الفكرة، تخيل جامعة اردنية افتراضية وفق المعطيات الاتية:

1. جامعة وطنية (لربما غير ربحية) تقدم برامج دبلوم و بكالوريوس وماجستير ودكتوراه عن بعد.

2. النظام الأكاديمي يعتمد على التعليم القائم على المشاريع وحل المشكلات وخدمة المجتمع والاختبارات الرقمية الامنة.

3. مجلس أمناء وهيئة أكاديمية وأدارية تتبع نظم رقمية وإجراءات الكترونية لضمان الجودة.

4. نظام إدارة تعلم متكامل مثل Moodle أو Canvas..

5. شراكة بين القطاعين العام والخاص دون تحميل الطلبة كلفً مرتفعة.

6. الحد الأدنى لعمر الطالب عند دخوله برامج البكالوريوس أو الدبلوم هو 24 عام لاعطاء فرصة لمن فاته قطار التعليم العالي ولتقليل التنافسية مع الجامعات الاردنية التقليدية.

....... النقاط السابقة ليست معطيات نظرية بل هي وصف لنموذج لجامعات افتراضية موجودة فعليا في العالم وبعضها معترف به في الأردن.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/11/29 الساعة 13:13