هل تحررت المرأة لتتمرد ؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/27 الساعة 13:27
لقد بلغت والدتي من العمر عتيا وهي لا تعرف من علم الكتابة ولا القراءة شيئا وجل ما اسعفها من الثقافة قراءة الفاتحة والمعوذتين لتبرير صلاتها بلباس التقوى والقبول، حيث كانت مغيبة عن محيطها التعليمي انطلاقا من فكر الذكور ان المرأة للبيت واشغاله وتربية الاطفال، وان كان يسمح لها ان تحرث الارض وتبذر البذار مع بعلها وذلك في حدود الحقل واسواره، ولا حجة لهم بعدم وجود كتاتيب في القرية ووجود مدارس وكليات خارج القرية , العقلية التقليدية والوراثية عند الرجال في حينها كانت نابعة من بئر الجهل والتخلف وسلوكيات مجتمع يعتبر الانثى فيه جارية , وكان محظور عليها ان تختلط في اي مجتمع ثقافي او تعليمي او اطلاق العنان لفكرها وعقلها اللذان وهبهما الله لها لتختار بين الصالح والطالح لمصلحتها ولمصلحة بيتها واولادها , فكيف تكون اما واعية لما حولها ؟ , علاوة على ان الرجل لم يهتم بان يثقف نفسه بعيدا عن مصدر قوت بيته الذي غالبا ما كان يجنيه من زراعة ارضه طيلة اليوم وبذلك حكم على نفسه وعلى امراءته بالجهالة علاوة على تمسكه بنظرية الشرف والكرامة وانطلاقا من تفسير منقوص ان الرجال قوامون على النساء والتي كانت سائدة في مجتمع متخلف ومبررا لسلب المراءة حقها في تكوين شخصيتها ومنحها الفرصة لتثبت للرجل انها اهلا للثقة وان كرامتها من كرامته وكرامة اهلها واهله. ولان الرجل مخلوق نمطي تكون الوراثة من حياته ومع ذلك فهو دائم الترقب للقادم الجديد الذي قد يغير نمط وفكر حياته ليجد نفسه قد دخل في صراع جديد مع رؤيا جديدة لواقع مجتمع اصبح لا يفرق بين المرأة والرجل في مجال العلم والعمل واصبح قانون الحياة لا رجعة فيه لانماط سابقة، وعليه مشاركة المراءة فيه، ومن هنا يبدأ الصراع داخلهم بين الموروث والمحدث او بين الحديث والمستحدث وهو صراع دائم التجدد كلما تقدم العصر وتقدمت الحياة وبكل النقط المحورية في حياتهم , وما يهمنا هنا ان المرأة وفي خظم هذا الصراع المستمر نجدها حائرة بين القديم الجديد ويتملكها الخوف والترقب والشك والغيرة المستمرة داخل المجتمع ,حيث انها في حالة من التخبط بين القديم الذي لايلبي رغباتها ويريد اعادتها الى سنين الظلام والحرمان والتخلف الاجتماعي وبين الجديد الذي لايتفهم مشكلاتها وازماتها ومخاوفها بقدر اهتمامه بها من جانب الانتاج فقط اوالذي بشكل من لاشكال يريدها سلعة تجارية يجني من وراها لارباح المادية فقط، ومخاوفها من صراع المجتمع الذي يتخبط بين القديم والجديد والذي يريد ان يجد لها زاوية جديدة ليعزلها ولكن هذة المرة بطريقة عصرية جديدة تتماشى مع الحضارة الجديدة حتى لاتاتية بازمات جديدة بالمستقبل ولا تسبب له اي ازعاج ايضا. وقد اصبحت المرأة الآن تخوض غمار الحياة العملية والاجتماعية والسياسية نتيجة التقدم الحضاري والتكنولوجي وحاجة الرجل لمن يحمل عنه همومه الاسرية والمعيشية واصبحت كاتبة واديبة وشاعرة وناقدة ومدرسة تثقيفية في بيتها، وترى كثيرا من النساء يعتلينا المناير الثقافية في المنتديات والتجمعات الادبية والفنية وخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي يقارعن ويناقشنا الادب بالادب والعلم بالعلم وبالحجة والدليل , وان كانت لا تخلوا المداخلات من مناكفات ومجادلات ودية , ومنهن من يمتطين صهوة الشراسة لاثبات وجهة نظرهن وفي صحة ما يرموا اليه من افكار او ردود حتى تضحد نظرية ان المراءة ناقصة العقل هذا وللدين شأن اخر، وبهذا تكون المرأة العصرية قد تمردت على عصر الاجداد والجدات.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/27 الساعة 13:27