الشديفات يكتب: من 'أم الكروم' إلى نيويورك.. حين يَنتصر عواد بالعَقل لا بالوَليمة، وتخسر مناسف الانتخابات أمام الكفاءة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/11/08 الساعة 13:16
في مسلسل " أم الكروم " ، الذي يُعدّ من أرقى ما قدّمته الدراما الأردنية ، لم يكن عواد مجرد بطل شعبي يسعى لكرسي البلدية ، بل كان رمزًا لجيلٍ أراد أن يُصلِح لا أن يَرِث ، وأن يخدم لا أن يتسيّد.
في مواجهته مع جبر الجبر و أبو سالم و أصحاب النفوذ و المال ، انكشفت معركة حقيقية بين الوعي و المصالح ، بين من يرى في البلدية خدمة عامة ، و من يتعامل معها كغنيمة شخصية .
كان “عواد” يريدها إدارة تنمية ، بينما أرادها الآخرون ديوان جاهة و ولائم انتخابية ، ولأن الناس – آنذاك كما اليوم – كانت تميل إلى من “ يذبح أكثر ” ، انتصرت الوليمة على الكفاءة ، و خسرت البلدة فرصة النهوض و التطور .
اليوم ، و بعد عقود من “ أم الكروم ”
يتكرّر المشهد و لكن على مسرحٍ أكبر
في نيويورك ؛ حيث فاز زهران ممداني بمنصب عمدة المدينة ، متحديًا ضغوط اللوبي اليهودي ، و مُنافسة شرسة من مرشحين جمهوريين مقربين من دونالد ترامب .
فاز ممداني لا لأنه ابن عشيرة أو واجهة مالية ، بل لأنه ابن مشروع سياسي يخاطب الناس بعقولهم لا بطونهم ، و يقدّم رؤى لا موائد .
لم يوزع “ مناسف ” انتخابية ، ولم يعد بـ“ فتيتة ” جماعية ، بل طرح خطة حكم محلي حديث ، تتحدث بلغة العدالة و الكفاءة لا العشيرة و الولاء .
و في المقابل ، ما زال “ عواد ” الأردني يخوض معركته ذاتها ، معركة ضد ثقافةٍ ما زالت ترى في البلدية مقهى عام لا مؤسسة دولة ، و تَربُط الفوز بكرم الضيافة ، لا بقدرة الإدارة.
يتقدم في وجهه اليوم عشرات من “ جبر الجبر ” الجُدد ؛ يملكون المال و الجاه و يتقنون فن الوجاهة ، لكنهم يجهلون أساسيات الإدارة المحلية .
هؤلاء الذين يرون في البلدية درجًا للمكانة الاجتماعية ، لا منصةً لخدمة الناس ، هم التحدي الحقيقي أمام أي قانون إصلاحي قادم .
إنّ المفارقة بين “ عواد ” و “ ممداني ” تختصر المسافة بين الوليمة و الفكرة ، و بين مجتمعٍ يختار على أساس العاطفة و آخر يصوّت للمنهج و الرؤية .
فـ“ ممداني ” انتصر رغم كل الضغوط ، لأنه أقنع الناس بخطته لا بكرمه ، بينما خسر “ عواد ” لأن مجتمعه لم يكن مستعدًا بعد ليصدّق أن الإصلاح لا يُطهى في القدور ، بل يُبنى في العقول .
القانون الجديد للإدارة المحلية الذي يجري العمل عليه في الأردن اليوم ، هو الفرصة الأخيرة لتجاوز تلك الفجوة التاريخية .
فالقوانين لا تُصلح وحدها ما أفسدته الثقافة الانتخابية ، لكنها تستطيع أن تفتح الباب أمام جيلٍ من “ العوادين الجدد ” — جيلٍ يؤمن أن التنمية ليست شعارًا انتخابيًا ، بل مسؤولية و واجب .
المطلوب أن يمنح هذا القانون الأولوية للكفاءة و المساءلة ، و أن يغلق الباب أمام الطامعين الذين يرون في البلدية وجاهة لا مسؤولية ، و غنيمة لا خدمة .
لقد أرسل فوز ممداني من نيويورك رسالة عابرة للقارات: أن الديمقراطية لا تُقاس بالهتاف و الصور ، بل بصدق الرؤية و حجم الإنجاز بعد أن تنتهي الزفّة الانتخابية .
هي رسالة إلى كل “ عواد ” مؤمن بالكفاءة ، أن الزمن سيتغيّر ، و أن الناس ستتعلم يومًا أن تختار من يعمل ، لا من يذبح .
و حين نصل إلى يومٍ ينتخب فيه الأردنيون “ عوادهم ” لأنه الأكفأ لا لأنه الأكرم ، و حين يصبح “ المنسف ” احتفالًا بالإنجاز ، لا وسيلة إليه ، و حين نرى قانون إدارة محلية يمنح الناس حق الاختيار لا واجب الولاء —
حينها فقط ؛
نكون قد تجاوزنا “ أم الكروم ” و كتبنا أول فصول الدولة التي تُبنى من القاعدة لا من القمة .
إنّ فوز “ زهران ممداني ” ليس قصة خارجية بعيدة ؛ هو إنذار حضاري يقول إن الديمقراطية تبدأ من الحي ، من الناس ، من الإدارة المحلية .
و إنّ الوقت قد حان لنكتب قانونًا يجعلنا نرى “ عوادًا ” حقيقيًا في كل بلدية أردنية ، يُنتخب لأنه الأكفأ لا لأنه ابن فلان .
فـ“ البلديات ليست جدرانًا و مُوازنات… بل الجبهة الأولى في معركة بناء الدولة ”
و حين يختار الأردني ممثله المحلي كما اختار أهل نيويورك ممداني — على أساس الوعي لا الهوية ، و الإنجاز لا الوليمة —
حينها فقط
يمكن أن نقول إنّ مشروع
“ الإدارة المحلية الجديدة ”
قد نجح في إعادة الروح إلى الدولة
و الكرامة إلى السياسة
في مواجهته مع جبر الجبر و أبو سالم و أصحاب النفوذ و المال ، انكشفت معركة حقيقية بين الوعي و المصالح ، بين من يرى في البلدية خدمة عامة ، و من يتعامل معها كغنيمة شخصية .
كان “عواد” يريدها إدارة تنمية ، بينما أرادها الآخرون ديوان جاهة و ولائم انتخابية ، ولأن الناس – آنذاك كما اليوم – كانت تميل إلى من “ يذبح أكثر ” ، انتصرت الوليمة على الكفاءة ، و خسرت البلدة فرصة النهوض و التطور .
اليوم ، و بعد عقود من “ أم الكروم ”
يتكرّر المشهد و لكن على مسرحٍ أكبر
في نيويورك ؛ حيث فاز زهران ممداني بمنصب عمدة المدينة ، متحديًا ضغوط اللوبي اليهودي ، و مُنافسة شرسة من مرشحين جمهوريين مقربين من دونالد ترامب .
فاز ممداني لا لأنه ابن عشيرة أو واجهة مالية ، بل لأنه ابن مشروع سياسي يخاطب الناس بعقولهم لا بطونهم ، و يقدّم رؤى لا موائد .
لم يوزع “ مناسف ” انتخابية ، ولم يعد بـ“ فتيتة ” جماعية ، بل طرح خطة حكم محلي حديث ، تتحدث بلغة العدالة و الكفاءة لا العشيرة و الولاء .
و في المقابل ، ما زال “ عواد ” الأردني يخوض معركته ذاتها ، معركة ضد ثقافةٍ ما زالت ترى في البلدية مقهى عام لا مؤسسة دولة ، و تَربُط الفوز بكرم الضيافة ، لا بقدرة الإدارة.
يتقدم في وجهه اليوم عشرات من “ جبر الجبر ” الجُدد ؛ يملكون المال و الجاه و يتقنون فن الوجاهة ، لكنهم يجهلون أساسيات الإدارة المحلية .
هؤلاء الذين يرون في البلدية درجًا للمكانة الاجتماعية ، لا منصةً لخدمة الناس ، هم التحدي الحقيقي أمام أي قانون إصلاحي قادم .
إنّ المفارقة بين “ عواد ” و “ ممداني ” تختصر المسافة بين الوليمة و الفكرة ، و بين مجتمعٍ يختار على أساس العاطفة و آخر يصوّت للمنهج و الرؤية .
فـ“ ممداني ” انتصر رغم كل الضغوط ، لأنه أقنع الناس بخطته لا بكرمه ، بينما خسر “ عواد ” لأن مجتمعه لم يكن مستعدًا بعد ليصدّق أن الإصلاح لا يُطهى في القدور ، بل يُبنى في العقول .
القانون الجديد للإدارة المحلية الذي يجري العمل عليه في الأردن اليوم ، هو الفرصة الأخيرة لتجاوز تلك الفجوة التاريخية .
فالقوانين لا تُصلح وحدها ما أفسدته الثقافة الانتخابية ، لكنها تستطيع أن تفتح الباب أمام جيلٍ من “ العوادين الجدد ” — جيلٍ يؤمن أن التنمية ليست شعارًا انتخابيًا ، بل مسؤولية و واجب .
المطلوب أن يمنح هذا القانون الأولوية للكفاءة و المساءلة ، و أن يغلق الباب أمام الطامعين الذين يرون في البلدية وجاهة لا مسؤولية ، و غنيمة لا خدمة .
لقد أرسل فوز ممداني من نيويورك رسالة عابرة للقارات: أن الديمقراطية لا تُقاس بالهتاف و الصور ، بل بصدق الرؤية و حجم الإنجاز بعد أن تنتهي الزفّة الانتخابية .
هي رسالة إلى كل “ عواد ” مؤمن بالكفاءة ، أن الزمن سيتغيّر ، و أن الناس ستتعلم يومًا أن تختار من يعمل ، لا من يذبح .
و حين نصل إلى يومٍ ينتخب فيه الأردنيون “ عوادهم ” لأنه الأكفأ لا لأنه الأكرم ، و حين يصبح “ المنسف ” احتفالًا بالإنجاز ، لا وسيلة إليه ، و حين نرى قانون إدارة محلية يمنح الناس حق الاختيار لا واجب الولاء —
حينها فقط ؛
نكون قد تجاوزنا “ أم الكروم ” و كتبنا أول فصول الدولة التي تُبنى من القاعدة لا من القمة .
إنّ فوز “ زهران ممداني ” ليس قصة خارجية بعيدة ؛ هو إنذار حضاري يقول إن الديمقراطية تبدأ من الحي ، من الناس ، من الإدارة المحلية .
و إنّ الوقت قد حان لنكتب قانونًا يجعلنا نرى “ عوادًا ” حقيقيًا في كل بلدية أردنية ، يُنتخب لأنه الأكفأ لا لأنه ابن فلان .
فـ“ البلديات ليست جدرانًا و مُوازنات… بل الجبهة الأولى في معركة بناء الدولة ”
و حين يختار الأردني ممثله المحلي كما اختار أهل نيويورك ممداني — على أساس الوعي لا الهوية ، و الإنجاز لا الوليمة —
حينها فقط
يمكن أن نقول إنّ مشروع
“ الإدارة المحلية الجديدة ”
قد نجح في إعادة الروح إلى الدولة
و الكرامة إلى السياسة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/11/08 الساعة 13:16