د. منذر الحوارات يكتب لـ مدار الساعة: هل نحتاج لحكومة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/15 الساعة 23:34
د. منذر الحوارات رويداً رويداً ينقضي الوقت مائة يوم ستحدد فشل ام نجح ، في بدايتها جلس الرئيس كطبيب في أول مواجهة لحالة مرضية صعبة وميئوسة بحيث ان المريض وذويه متعلقون بشأبيبه عله ينقذ ذلك المتعوس بالمرض، حيث يبدأ بتعداد الامور الجيدة ، الدم جيد القلب مقبول الكلى تعمل ، ولكن تحاشى ذكر اي شيء عن الانتقالات الورمية التي أخذت كل مأخذ في النيل من الجسد وهي على وشك الانقضاض عليه وجعله أثراً بعد عين، وأخطر ما في الامر هو استمرار الطبيب في تناسي الحالة الحقيقية للمريض ومعالجته على ان اموره جيدة، وهذا بالضبط ما حصل مع دولة الرئيس . فأمام دولة ينهش مواطنيها الفقر، ويُبتلى اقتصادها بالركود، وينخر جهازها الحكومي الاداري الفساد ، ويتراجع مستوى التعليم والصحة ، وتظهر فيها آفات اجتماعية مستحدثة وخطيرة ليس أقلها الاٍرهاب والمخدرات ، وفوق ذلك يغيب فيها اي شكل من المشاركة المجتمعية في صنع القرار ، فيقتصر الامر على ثلة من العباقرة ملهمون ومتميزون يُؤتى بهم من حيث لا يعلم الا الله ، وعقب موجات هائلة من الاحتجاجات والرفض جيء بدولة الحكيم . جلس في مواجهة الشعب وقدم شرحاً مستفيضاً وذكياً عن الحال ، فكان بسيطاً وذكياً وانساناً ، تحدث في كل شيء فقدم الوعود وبث الأمل ، وحرك الإحساس ان اللحظة هي نهاية الحقبة المظلمة وان القادم هو الأمل الواعد والتغيير الحقيقي للافضل والاجمل. أخذت دولة الحكيم النشوة بطريقة صعوده السينمائية، وكأنه جاء محمولاً على اكتاف محبيه من الشعب فتناسى المشكلة وبداء يسجل انطباعاته مع الأشياء بل ويصوّرها ، لمنحها بذلك الشرف والخلود ، وفي ذروة ذلك تناسى المشكلة الحقيقية وبداء بالتصرف على اساس ان المشكلة بسيطة وحلولها ابسط الى هنا انهي السرد التخيلي لواقع مر. وسأطرح السؤال، هل نحن بحاجة الى حكومة؟ طالما ان الامر يقتصر على اعادة تدوير وطرح قوانين لن يأتي من ورائها الا الخراب والفقر، الا يكفي لذلك مجموعة من الخبراء الاقتصاديين الحياديين؟ اما إدارياً أفلسنا بحاجة الى إداريين متمرسين يجيدون الحكم الاداري برشد؟ منذ سنوات ونحن نرى الحكومات تأتي وتذهب وليس على اجندتها سوى قوانين بعينها وأخص الضريبة ، ألم يبق من شيء أمامهم سوى هذا القانون، لا افهم في الاقتصاد ولكني اسمع كما غيري ان الحكومات التي تريد ان تحفز الاقتصاد تقوم بتخفيض الضرائب ، في الاتجاهين الشخصي وعلى صعيد الشركات كي تزيد الشراء ويزداد التحصيل، اما لدينا فالاقتصاد متوقف والمواطن مرهق من الاعباء وكي تقوم الحكومة بجعله مشلولاً تاماً تزيد العبء عليه بحيث ان التفكير في السوق يصبح أمراً محفوفاً بالمخاطر . وبعد ذلك يقومون بالتذرع بالمنطقة ومخاطر الربيع العربي وخط الغاز الذي تمكنوا استرداد الخسائر من جيوبنا عشرات المرات، ولو فكروا قليلاً لوجدوا ان الحالة التي مرت فيها المنطقة كانت الفرصة الذهبية لنا لمضاعفة اقتصادنا عشرات المرات، ولكنهم فشلوا عن ذلك لأنهم ليسوا أهلاً له ولا بكفاءة من يستطيعون القيام بمثل هذا العمل. ومع ذلك فهاهم يصنعون قانونهم الجديد ليس مهماً شكله ومحتواه الان، ولكنهم حينما أرادوا طرحه للنقاش، فشلوا في فهم ما هوا النقاش والحوار حول اي قانون، انه ليس الفضاء الشعبي ولا الشعبوي، ولم ولن يتوصلوا الى ان الحوار حول هكذا أمور هو الإطار المؤسسي للهيئات والجهات القادرة على ابدأ الرأي الحرفي، والمؤلم اكثر انها اعني الحكومة حينما ارادت ذلك فشلت في إيجاد أشخاص يمتلكون القدرة حتى على فعله، وهذا مرده بإختصار الى غياب اي خبرة سياسية حقيقية لأي من أعضائها، فجلهم لفظت به الصدفة او فساد مؤسسات الدولة وعدم انحيازها للكفاءة . اما بالعودة الى القانون والرئيس، فكليهما يواجهان شعباً ذكياً، ادرك قوة أدواته، ووحدته في مواجهة المزيد من إخفاقات الوزارات وخيبة قوانينها وعقم عقلياتها. فقانون الضريبة هذا محاولة للتذاكي لن تمر، فحتى الصغار يتداولون الخيبة والمأزق الذي يمر به صانعوه. اما دولة الحكيم ، لقد مُنحت فرصةً ذهبية ليحملك المستقبل على أعناقه ولكنها ضاعت للاًسف.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/15 الساعة 23:34