من جديد.. المخابرات تعيد رسم المعادلة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/14 الساعة 17:16
مدار الساعة - من جديد، تعيد المخابرات العامة رسم معادلة "الأمن والاستقرار"، وترسيخها كعمود مفصلي تستند عليه الدولة الأرنية، بل وتجتاز "الدائرة"، كما هي دوماً، كل محطةٍ تشكل تهديداً للأمن الوطني، الذي تصونه بيقظة استخبارية، وتعززه بقدرات استثنائية، شهدت بها إنجازات أمنية رفيعة، ودول وأجهزة استخبارية عالمية. الدائرة، وهي تقدّم اليوم الأردن بصورة الآمن والمستقر، ترسخ حقيقة أنها حارس قلعة الصمود الوطني، بل وحامي مسيرة الإصلاح والتطوير، وتثبّت عامل الطمأنينة لدى الأردنيين على وطنهم ومستقبلهم، وهي تكشف وتحبط، بل وتمنع استباقياً كل ما يستهدف أمن الأردن وشعبه ومؤسساته. ما سمعناه أمس على شاشة التلفزيون، لم يكن وحسب اعترافات إرهابيين ضللتهم أفكار التكفير وضلوا عن طريق الصواب، بل هي شهادات حيّة بتلك الحرفية الأمنية واليقظة الاستخبارية والدقة العملياتية التي يتميز بها فرسان الحق وحراسه، لتكشف لنا هول مخططات كادت أن تهز بيوتنا جميعا، لو نَفَذَت إلى دربها، لا سمح الله، قبل أن تجد "قاطع طريق الشر" لها في المرصاد. ومع أنها ليست بحاجة إلى شهادة أحد، إلا أن "الدائرة" -كما يرتبط اسمها في وجدان الأردنيين-دفعها ذكاؤها الأمني والوطني لبث تسجيلات أمس، ليس إلا لترسل رسالة ليس للأردنيين، الذين يثقون بها ويفخرون بفرسانها، بل لكل من تسوّل له نفسه أو تغرر به أفكاره أو توجهه تياراته: أننا هنا على حدود الوطن وفي عمقه، عيوننا ساهرة، ودماؤنا منذورة، وأرواحنا رخيصة في سبيل حمايته. التسجيل التلفزيوني، الذي لم يكن يعلمه ولا ينتظره الأردنيين، قدّم دليلاً من نوعٍ آخر على الوعي الأمني لميكانيزما الرأي العام، والإدراك لحقه في الاطمئنان أكثر، والاطلاع على تفاصيل له أن يعلمها، لكنها أي المخابرات اختارت التوقيت الأسلم، بعد كشف خيوط كامل الخلية الإرهابية ومخططاتها، وهو ما يشكل صمام الأمان في العمل الأمني الرفيع. وتشرح طبيعة الظرف والمرحلة خروج هذه التفاصيل والاعترافات متلفزة بالصوت الصورة، مع أنها المرة الأولى منذ سنوات بعد أن بث الجهاز تسجيلاً اعترافياً للمجرم زياد الكربولي (أيار 2006)، إذ أن هذه القضية، خلية السلط، لها خصوصية يعرفها الخبراء بأبعاد العمل الاستخباري، وتعكسها الإشادات التي صدرت من دول أوروبية بإنجاز المخابرات فيها، تكمن في عنصر السبق الزمني والاستخباري في كشف البصمات الفكرية والإرهابية لأفراد الخلية، والقدرة على التعقب، والنجاح في إبطال ما هو أكبر من مخططات خسائر تنفيذها تتجاوز ما هو بحسبان أياً منا. ويعيدنا كل ذلك لحقيقتين استخباريتين طالما تمتعت بهما الدائرة في التعامل مع الأحداث المفصلية: العمل بصمت، واكتمال حلقة الإنجاز، وهي عناصر المهنية والحرفية والابتعاد عن الأضواء، التي عرفناها كأردنيين بجهاز، لا تزيدنا الأيام على صعوبتها والأحداث مهما قست إلا ثقة به، واعتزازاً بفرسانه، وفخراً بإنجازاته. ويقرأ كثيرون، ساسة وأمنيون وإعلاميون، هذه الإضافة الاستخبارية الناجحة لسجل المخابرات الأردنية، أنها تؤكد أن مفهوم الدولة العميقة، الذي لا يفقه كنهه كثيرون ويفسرونه بسطحية، ليس إلا دولةً مستقرة، ووطناً أمناً وشعباً مطمئناً، تجتمع عواملها بأداء الجهاز الأمني ليدفع مؤسسات الدولة نحو العصرية والإصلاح والديمقراطية، التي لا حارس لها إلا الأمن، ولا ضامن لاستمرارها إلا الاستقرار. واليوم، لابد لنا كأردنيين، وبعد أن توضح لنا حجم ما يحاك لبلدنا ومؤسساته وأمنه واستقراره من مخططات، أن نقف إلى جانب المخابرات، التي تقف دوماً إلى جانب الوطن، لنكون سنداً للمؤسسة الأمنية بوعيٍ وطني، وحسٍ أكثر مسؤولية نحو وطننا وأبناءنا، فنحميهم من ضلال الفكر وضياع الحاضر والمستقبل.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/14 الساعة 17:16