إنجازات أهم من الإشاعات
لست ميالا ولا معنيا بمطاردة الإشاعات، علما بأن المهنية تدحضها في حال طاردناها، لكنني أتوقف عند حقيقة وهي انغماسنا في الحديث الرخيص الذي يدمر الثقة والدول ولا يبنيها، ففي الوقت الذي ينشغل فيه بعضهم باجترار ومضغ الاشاعة، فيبرعون بتقديمها بقوالب جديدة تحمل المضامين ذاتها، نجتهد نحن في مطاردة الانجاز الذي قل المهتمون به، وهو الانجاز الذي كان بالنسبة لنا «حلما» ونحن في بواكير حياتنا في البحث عن الوعي وتوسيع المدارك وترسيخ المشاعر مع الوطن وثقافته..
يبرع بعضهم ويجتهد في انتاج قوائم الفساد؛ وذلك الحديث الذي ينم غالبا عن جهل كثير من ناقليه، بينما نتحدث عن إنجاز أردني لا تنتبه إليه وتستمتع فيه سوى الأذواق والعقول المتوازنة المحبة لبلادها ومستقبلها، الحديث عن المشروع النووي الأردني السلمي، وبغض النظر عن سلميته فإن جهات دولية ومافيوية كثيرة تحرص على أن لا تتقدم الأردن تنمويا ولا تستقر، فكيف سيكون موقفها حين يتقدم الأردن على الصعيد النووي البحثي أو توفير الطاقة أو بناء الخبرات الوطنية في هذا المجال؟ ..وهنا يجب أن أنقل لكم وجهة نظر «قوية» تتحدث عنها نخبة محترمة، مفادها أن «غاز اسرائيل» هو الذي يحاول إجهاض مشروعنا النووي، وأن اتفاقيته تلزم الأردن بدفع مليار سنويا، سواء أخذ غازا أم هو لم يأخذ..(هو موضوع تتحدث به نخبة ويوردون الكثير من الأدلة على صحته، وقد نكتب عنه يوما بشكل أوضح)..لكننا نتحدث الآن عن الشوط الكبير الذي قطعه الأردن بنجاح على صعيد المشروع النووي السلمي، حيث نشرت «الدستور» الاحد الماضي مقابلة موسعة مع د خالد طوقان رئيس مجلس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، أورد فيها حقائق كثيرة مهمة، وسأتوقف عند الذي تحاربه كل الجهات المعادية للأردن، وهو الأمر الذي نعتبره إنجازا كبيرا، يجب أن نبني عليه إن نحن كنا حقا نفكر في مستقبل بلدنا والأجيال.
من ضمن مرافق البنى التحتية لمشروعنا النووي السلمي، انشاء مفاعل نووي بحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا، وتنفيذ مشروع المسارع النووي (وهو مشروع اقليمي)، والأهم من هذا وذاك بناء مهارات وعقول أردنية مختصة وخبيرة مدربة، ومثل هؤلاء من كانوا وما زالوا القوة الحقيقية التي ترعب الأعداء، ولا يتعلق الموضوع بالقوة العسكرية بل يتعلق بالتنمية بشكل عام.
قامت الهيئة بابتعاث 170 طالبا للدراسة في جامعات عالمية في مجالات الطاقة النووية، وتخرج من هؤلاء الطلبة أكثر من 100، تدرب بعضهم في أكبر وأهم المرافق النووية العالمية، وعادوا الى الأردن، ونعتز كأردنيين بأن 110 من هذه الكفاءات الأردنية هي التي تدير وتشرف على المفاعل النووي البحثي، الذي بدأ فعلا بإنتاج النظائر المشعة التي تستخدم في مجالات الطب والزراعة ومختلف العلوم والصناعات والأبحاث العلمية..هذا إنجاز يستحق الاحتفال لو أنصفنا.
في الوقت نفسه فإن المسارع النووي «السنكروترون» يعمل، وبدأ فعلا باستقبال أبحاث الباحثين الأردنيين في بعض المجالات، حيث جرى الأسبوع الماضي إختبارات «مجانية» في مجالات الآثار والجيولوجيا والبيئة، لباحثين أردنيين د. وائل السخنة ود. طايل حسن من جامعتي اليرموك ومؤتة على التوالي، وهي اختبارات تكلفأكثر من 120 الف دولار لو تم إجراؤها في مرافق أخرى خارج البلاد، بعد تحصيل موافقات بالطبع من الدول المالكة لهذه المرافق النووية البحثية..
هي نبذة سريعة عن نمط تفكيرنا وعن اهتمامنا ووسائل اعلامنا مقارنة بالذي يجري فعلا على صعيد النووي الأردني، ولن نتحدث الآن عن تلك الجهود العدوانية التي تستهدف الأردن ومحاولاته في البناء والتقدم، فثمة حرب مستعرة لا يراها متواضعو التفكير والوعي او حملة الاجندات متعدية الحدود.
الدستور