أكذوبة العداء بين إسرائيل وايران والولايات المتحدة الأمريكية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 11:19
صدر كتاب جديد في الولايات المتحدة الامريكية بعنوان (التحالف الغادر، التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الامريكية) للكاتب تريتا بارسي، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز حيث يسترسل الكاتب في كشف معلومات غاية في الأهمية والدقة عن طبيعة العلاقة التي تربط ايران بإسرائيل وأمريكا.
حيث يؤكد هذا الكتاب على ما تطرقنا اليه في مقالات سابقة عن كذبة ما يسمى حلف الممانعة او المقاومة، وأن الخطابات الرنانة والتصريحات التي تطلقها الابواق الفارسية بين الحين والآخر ضد إسرائيل وأميركا، وغيرها من التراشق الإعلامي ما هي الا استهلاك إعلامي بهدف اللعب على مشاعر وعواطف الشعوب ولكن الواقع يقول غير ذلك حيث أن ما يجري في الخفاء بين تلك الدول من تنسيق على درجة عالية من الحرفية في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة لاحكام السيطرة على الشرق الأوسط.
وقد أخذ هذا الكتاب أهميته كونه يقوم على مقابلات مع مسؤولين رسميين من تلك الدول والتي كشفت عن وجود تعاملات سرية تقوم بها تلك الدول بخلاف ما يصدر عنها من تصريحات والتي تبدو للسذج عدائية، وهي لعبة سياسية بامتياز تتعزز بتحقيق ايران وأعدائها المفترضين مصالح قد تكون مشتركة او منفردة لأحد الأطراف في مقابل تنازلات من الطرف الاخر.
وبوضوح اكثر، يقوم الكاتب بتحليل العلاقة بين المثلث الإيراني الإسرائيلي الاميريكي على انها علاقة مصالح وتنافس إقليمي وليس تنافس عقائدي حيث تتعاون ايران وإسرائيل سريا على الهيمنة على المنطقة دون الإضرار بمصالح الطرف الاخر، وأن ما يحدث من خلاف بينهما في بعض الأحيان ما هو الا نتيجة للأطماع بالحصول على مكاسب ولكنه لا يفسد العلاقة الباطنية فيما بينهما، كما ويؤكد الكاتب على ان أياً من التصريحات النارية التي تطلقها بين الحين والآخر ايران وإسرائيل ليس لها تطبيق على ارض الواقع وهي ليست سوى تصريحات مدروسة بدقة وعناية حتى يعتقد المراقبون للأوضاع الخارجية بحتمية الحرب بين البلدين مع استحالة حصول أي شيء بينهما.
ويؤكد الكاتب أن ايران لا تعتبر تهديدا للولايات المتحدة او إسرائيل لان عقيدتها عقلانية واستفزازية لكنها لا يمكن ان تقوم بأعمال من شأنها أن تزعزع نظام الحكم فيها بعكس الحال مع نظام صدام حسين الذي تقوم عقيدته على أستخدام القوة مع الغرب وكذلك الحال مع نظام طالبان.
اما أوجه الشبه بين ايران وإسرائيل فكلتا الدولتين تعتقدان بتفوقهما على جيرانهما العرب بل وتحتقران العرب نظرا للانتصارات التي حققتاها على العرب في العصر الحالي، وترى إسرائيل وإيران أن العرب شعوب متخلفة ليس باستطاعتهم عمل شيء من قبيل الاستهزاء بالعرب والاستخفاف بهم.
ويرى الكاتب أن إسرائيل وإيران تلتقيان في علاقتهما مع العرب في نظرية (لا سلام، لا حرب) حيث لن يقوم الإسرائيليون بعقد سلام مع من يعتقدون انهم اقل منهم شأناً ولا يريدون خوض حروب مع العرب طالما ان الأوضاع تسير في صالحهم، اما الإيرانيون فيقومون بنشر التشيع في المنطقة العربية لإيجاد كيانات سياسية او حزبية مسلحة لزعزعة استقرار الدول العربية مثال ذلك لبنان واليمن، وايضاً يقوم الإيرانيون بترويج نظرية ان العرب يريدون النيل منا.
واستنادا الى مؤلف الكتاب فإن السلام بين إسرائيل والعرب يضرب مصالح ايران الاستراتيجية في المنطقة ويحد من قدرتها على الهيمنة والتأثير خاصة في سوريا ولبنان، كما الوصول الى سلام قد يؤدي الى تسوية سياسية في المنطقة من شأنها ان تؤدي الى زيادة النفوذ الأمريكي مما يعني انحسار قدرة ايران في المنطقة وهو امر لا يريده الإيرانيون.
ويكشف الكتاب عن معلومات غاية في السرية عن تهافت الإيرانيين على كسب ود الإدارة الامريكية في عام ٢٠٠٣ من خلال المساهمة في تسهيل غزو العراق على أمل عقد صفقة مع الأمريكان لتطبيع العلاقات بينهما، وقد تم إرسال العرض الإيراني السري مع مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية ومنها تغيير سياستها تجاه إسرائيل ووقف برنامجها النووي ومحاربة تنظيم القاعدة.
وقد تضمنت الوثيقة السرية الإيرانية عبر الوسيط السويسري (تيّم غولدمان) عرض ايران استخدام نفوذها في العراق من خلال المليشيات التابعة لها في تحقيق الأمن والاستقرار وكذلك وقف برامج ايران البيولوجية والذرية، والاهم من ذلك عرضت ايران وقف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة والضغط عليها لوقف العنف ضد إسرائيل، كذلك تعهدت ايران بتحويل حزب الله اللبناني الى حزب سياسي، ولكن الأهم في تلك الوثيقة السرية هو استعداد ايران للاعتراف بإسرائيل كدولة شرعية مما يكشف النفاق والكذب الإيراني بمسألة تدمير ايران لإسرائيل ومحوها عن الخريطة.
وأخيرا يؤكد الكاتب ان اللوبي الصهيوني في أوائل الثمانينيّات قد نصحوا الإدارة الامريكية بأن لا تأخذ التصريحات او الشعارات الإيرانية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل بعين الاعتبار كونها ظاهرة صوتية عقيمة لا تأثير لها في السياسة الإيرانية.
أن أهمية هذا الكتاب تقوم من خلال تحرير عقول العرب والمسلمين من أوهام النصر والنجدة الإيرانية للقضايا الإسلامية والعربية وعلى رأسها قضية فلسطين، وأن على العرب عدم توقع النصر ممن يقتل المسلمين المسالمين في سوريا واليمن ولبنان والعراق فقط كونهم أهل السنة ولم يطلق نظام ايران المتبجح بقوته طلقة واحدة باتجاه إسرائيل، بل انه كان الأحرص على تفتيت المقاومة المحاذية لإسرائيل من خلال إذكاء الفتنة بين مكونات الشعبين الفلسطيني واللبناني لحماية شريكهم إسرائيل، فهل من مدكر.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 11:19