«الوزير القاتل»

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 01:29
بأمر المهدي المنتظر استقال من وظيفته ثم سافر لمقابلته، فأصدر أمراً بتعيينه وزيراً مفوضاً عنه، ولما عاد أقنع صديقاً له بالانضمام اليه فاقتنع.. وبعد ايام أخبره هذا الصديق أن خاطراً زاره في منامه ووسوس له ان يذبح ابنه، فطلب منه ان يفتديه بدجاجة، لكن الوسواس راوده في الليلة الثانية والحّ عليه، فاستجاب للأمر وقتل ابنه دون ان يرف له جفن. هذه ليست اسطورة ولا قصة من نسج الخيال، وان كاتب تبدو كذلك، كما أنها لم تحدث في البلاد التي عشعشت فيها الخرافات كما كنا نتسلى ونحن صغار بأحاديث الأمهات والجدات عنها، ربما تكون من باب: صدق او لا تصدق..!، لكنها قصة حقيقية، حدثت في بلدنا، وصاحبها «الوزير القاتل» حكم عليه بـ( 10 ) سنوات سجن، وهو الآن يقضيها في احدى مراكز الاصلاح والتأهيل. حين قرأت تفاصيل التحقيق وقرار الحكم الذي صدر عن المحكمة، خطر الى بالي على الفور قضية «التطرف»، لكنه تطرف من صنف آخر لم نألفه في بازارات الحديث عن هذه الظاهرة، وان كان ينتسب الى اصولها وجذورها الحقيقية. هذا التطرف الذي قاد الرجل لقتل ابنه يستند في نسخته الى (الاسطورة)، ويعبر عن حقيقية الذات المتطرفة التي تعاني من امراض نفسية، ومن جراحات عميقة افقدتها الاحساس بأثمن ما يفترض ان تمتلكه وهو عاطفة الأبوة، وبالتالي فنحن أمام حالة قد تساعدنا على فهم بعض الأسس التي يستند اليها المتطرفون، وتحديداً في المجال الديني، لاعتناق التطرف او تقمصه، بناء على هواجس ووساوس داخلية تغذيها أساطير واحلام تأخذ احياناً شكل النص الديني، او تفهمه بشكل خاطىء، او تحوله من خلال المخيال الى الواقع بلا أي تفكير. سأترك للقارىء الكريم حرية البحث لمعرفة الأساطير الدينية التي أسست لهذه الثقافة المتخلفة وكيف استغرق بعضنا فيها، وانتهت احياناً لبروز انواع شتى من التطرف، واعتقد ان في المكتبة او لدى ( العم جوجل ) ما يلزمه للوصول الى هذه المعرفة اذا اراد. يكفي ان اشير هنا الى ان «وزير المهدي» استند الى قصتين : الاولى قصة ذبح وافتداء سيدنا ابراهيم لابنه اسماعيل (وردت في سورة الصافات)، وقصة ظهور المهدي في آخر الزمان ( كما جاءت في مختلف الديانات ولدى اتباع المذاهب ايضاً)، وبدون الخوص في تفاصيلهما فقد اقحم الرجل نفسه في سياقات القصتين، وأنزل نفسه مكان «النبي» في احداهما، ثم تقمص دور وزير المهدي في الثانية، فتشكل في وعيه صور «اسطورية» قادته الى ارتكاب جريمته. بقي سؤال راودني حين قرأت القصة، وهو لماذا وقع الرجل في هذا « الفخ «، بل وظل مصراً على ان ما فعله كان عين الصواب؟ الاجابة وجدتها في اعترافات المتهم عن سبب التحاقه بالمهدي المنتظر، يقول : اخبرني «ان هناك جيوشاً ستحضر من المغرب العربي لمناصرتهم ونشر الفتوحات وقبل ذلك مساندة سوريا واطفاء الفتنة بين السنة والشيعة»، باعتبار ذلك من واجبات المنصور وزير المهدي المنتظر، حين نفهم ما قاله الرجل، نسأل، من له مصلحة في تصميم هذه الأساطير وتغذيتها وتصديرها، عندها سنعرف الاجابة، وفهمكم كفاية. الدستور
  • وزير
  • لب
  • محكمة
  • الدين
  • ثقافة
  • عرب
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 01:29