الخوالدة يكتب: دروس من باكستان وفرصة العرب.. نحو توازن الردع وإحياء التضامن الإسلامي
مدار الساعة ـ نشر في 2025/05/09 الساعة 21:48
ليست الحرب بين باكستان والهند حرباً اعتيادية مثل سابقاتها، بل تكشف عن منعطف استراتيجي جديد له أبعاد عالمية، تُلمح إلى مواجهة كامنة بين الصين والولايات المتحدة. فالصين، المتهمة بنسج علاقات دعم غير مباشر مع القوى المناوئة للهيمنة الأمريكية، تعزز حضورها عبر مشروعها الاقتصادي العملاق الذي يمر بجنوب كشمير، في الأراضي الباكستانية. ومن جهة أخرى، تُتهم واشنطن باستخدام الحوثيين كورقة ضغط تخدم توازنات تخشى من خلالها تنامي النفوذ الصيني.
في هذا السياق، برزت باكستان كلاعب إقليمي يملك رؤية دفاعية متقدمة. لقد أدارت معركتها الجوية الأخيرة ضد الهند باستخدام طائرات مقاتلة صينية فقط، مزودة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى. المفاجأة كانت أن هذه الطائرات نجحت في إسقاط 5 مقاتلات هندية متقدمة، بعضها روسي الصنع وبعضها فرنسي وإسرائيلي. وكانت المفارقة الأكبر أن هذه الطائرات سقطت داخل المجال الجوي الهندي، ما يعكس تفوقًا استخباراتيًا وتكنولوجيًا. ويبدو أن باكستان لم تُشغل راداراتها الأرضية، بل اعتمدت على تكتيكات ميدانية ذكية تشير إلى نضج في إدارة المعركة.
وفي ميدان الطائرات المسيّرة، كررت الهند سيناريو أذربيجان ضد أرمينيا، حين دفعت بعشرات المسيرات، منها ما هو متقدم كـ"هاروب" الانتحارية صهيونية الصنع، لاختبار واستهلاك الدفاعات الجوية. غير أن باكستان أدارت المشهد بكفاءة، إذ تصدت للمسيرات بمزيج من الحرب الإلكترونية، الدفاع الجوي، والطائرات المقاتلة، في مشهد يعيد للأذهان بدايات تفوق السوفييت ضد الفوّات الجوية الألمانية في الحرب العالمية الثانية.
وللحق، تُعد السعودية من أبرز الداعمين لباكستان. فقد قدمت المملكة دعمًا سياسيًا واستراتيجيًا باحتضان العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين، ما يعكس تلاحمًا عربيًا إسلاميًا يتجاوز الحدود.
الدروس التي يمكن أن يتعلمها العرب من هذه المواجهات عديدة؛ أهمها ضرورة تنوع السلاح وتكامل القدرات العسكرية والإلكترونية. إذا أرادت الدول العربية، خاصة دول الطوق والخليج، استعادة توازن الردع، يجب عليها التحرر من مصدر سلاح واحد، وبناء عقيدة ردع مشتركة تجمع بين القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية..
نتذكر جميعاً مجد القوات الجوية العربية في بعض المعارك رغم الفجوة التقني ، حين شاركت طائرات مصرية وعراقية وأردنية في الدفاع عن الأرض والعرض. وكان الأردن، كما سجّل التاريخ، هو الذي صدّ الهجوم عن دمشق حين أوشكت أن تُؤخذ، ليحفظ بذلك عاصمة العروبة، ويؤكد أن البوابة الشرقية للشام لا تُفتح إلا برجالها. انضمت المدرعات العراقية عبر الجولان، وأرسلت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والكويت ودول المغرب العرب ، قوات مدرعة وعتاداً ساهم في الصمود والصعود.
لقد أظهر العرب في تلك اللحظة التاريخية أن الهوية الواحدة إذا ما سكنت في السماء، وعلى الأرض، وفي وجدان الأمة، فإن النصر أقرب مما يتخيل العدو. وما أحوجنا اليوم، في ظل التهديدات الصهيونية والإقليمية، إلى عودة هذا التضامن العسكري والأمني والاقتصادي، وعلى رأسه تحول العقيدة القتالية نحو الدفاع المشترك، واستثمار علاقاتنا بالصين والدول الصاعدة لصياغة تحالفات ردع جديدة.
الحرب الحديثة لا تقاس بعدد الطائرات ولا صدى الانفجارات، بل بمن يتحكم بالمعلومة، بالوعي، وبقوة الردع المستترة. وفي هذا الميدان، يمكن للعرب أن يصنعوا معادلة جديدة.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/05/09 الساعة 21:48