«معالي أو عطوفة أو باشا» في الأردن «قاعد بحضني وبنتف بذقني»

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/06 الساعة 16:57
مدار الساعة - بقلم: المحامي بشير المومني لعل المتأمل بالقاعدة الفقهية (اذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب) يجد لها تصريفاً متعدياً لفكرة أن العقل مناط التكليف في الدين فلا يتوقف الامر في فلسفتها الدينية على سقوط ما أوجبه المشرع الرباني من فرائض او حتى المسؤولية عن التصرفات بشكل عام متى ما سلبت هبة العقل بل ان لها فلسفة أردنية خاصة جدا هذه الأيام .. نسبة لا بأس بها من المسؤولين الأردنيين متى ما كانوا في مواقع القرار ومن قيادات المؤسسات المختلفة يبدون لك ما لذ وطاب من معسول اللسان في مديح المؤسسة فإذا ما أحيل أحدهم الى التقاعد فاجأنا نفس الشخص بسلقه وسلخه وجلخه لنفس المؤسسة التي كان بالامس يتغنى بها لينقلب حال لسانه فيصبح حاداً شحيحاً على الخير كأن لم تغن هذه المؤسسة بالامس او تك يوما بخير وأن نفس المؤسسة التي احتضنته طيلة حياته كانت تسير بشكل مثالي حتى اذا خرج منها ذلك المسؤول أصبحت من بعده خرابا ونسيا منسيا! (قاعد بحضني وبنتف بذقني) هي حقيقة وواقع ذلك المسؤول الذي لطالما تمتع تاريخيا بامتيازات لم يحظ بها العديد من الأردنيين وقد منحت له بموجب أحكام القانون لأنه (معالي او عطوفة أو باشا) وعندما يتم سلبه كل هذه الامتيازات بموجب نفس القانون التي منحها أياه ينقلب على عقبيه لينثر ما لديه من عقد نقص تشي بحقيقة أنه لم يكن مؤهلا بالأساس لتولي منصبه وموقعه الذي كان فيه وقد خلصنا الله منه بانتهاء خدماته .. معالي فلان او عطوفة علنتان لم ينظر او يتعاطَ يوما من موقعه مع الشعب الأردني والوطن باعتباره إنساناً قد ابتلاه الله بامانة المسؤولية التي توجب عليه ان يرعاها حق رعايتها بل كانت عقليته تعمل وفقا لنظرية المزرعة فيسرح في المؤسسة كيفما يشاء ويعين ويقيل وينقل ويتعسف وربما ينهب من المحصول كيفما يشاء لذا نجده وبمجرد فقدانه لامتيازاته التي كان عليها قد انقلب على الوطن ينال منه ليل نهار في المجالس وفي كل موقع اعلامي يستطيع الوصول اليه بعد ان عفت عنه الناس لانتهاء مدته .. (اذا اخذ ما أوهب أسقط ما أوجب) فبعد سحب الامتيازات وفقدان الهيلمان والنفوذ والجاه وانفضاض الناس من حوله تكون ردة فعل كل مسؤول سابق فارغ صنعه موقعه ولم يصنع موقعه وفي الحقيقة لو دققنا في السيرة الذاتية لمثل هؤلاء المسؤولين سنجدها مليئة بالعار ولم يستطع أي منهم أن يترك بصمة حقيقية او تطوير او إنجاز من أي نوع كان في المؤسسة التي ابتليت يوما فيه لسبب بسيط ذلك أن ثقافة هذا المسؤول لم تكن يوما مبنية في أداء الواجب على مفهوم الرسالة بل على ثقافة الامتيازات فإن هي ذهبت تكشفت أخلاقهم على حقيقتها بصورة قميئة بشعة قوامها الاساءة للوطن ومؤسساته.. أعلموا عباد الله بأن المسؤول السابق الذي لا يكلّ ولا يملّ من جرح مؤسسات الوطن التي خدم فيها والاساءة اليها أنما هو شر زائل قد تغمدنا الله برحمة من عنده وعافانا وعافاكم عندما تمت ازالته من موقعه لأنه بالأساس لم ير الوطن ومؤسساته يوما سوى مزرعة صالحة للنهب وممارسة النرجسية والتلذذ في ايذاء الآخرين وإفراز كل عقد النقص التي تكتنف مكنونه وقد أتيحت له فرصة الإصلاح وتطبيق (نظرياته العظيمة) باعتباره صاحب قرار لكنه كان ولا يزال شخصاً فاسداً لم يكن معنيا يوما سوى بنفسه.. ما الذي يبحث عنه (البطن الجائع) لمثل هكذا مسؤول سابق؟ الجواب (امتيازات جديدة) تضاف الى امتيازات ما بعد التقاعد التي يراها متواضعة وغير كافية لاطفاء قرقرة ( البطن الأجرب ) وحتى ذلك الحين فسيبقى معاليه او عطوفته ظاهرة أردنية فريدة انتجها مفهوم المزرعة والأمتياز ولعل المتأمل بحال بعض المعالي والعطوفة والباشاوات يقول اليوم ماذا لو كان هنالك قانون يحرم المسؤول السابق من أمتيازات ما بعد التقاعد اذا أساء للوطن ومؤسساته بأعتبار ان عنصر المسؤولية الأدبي والواجب المعنوي تجاه هذا الأردن وكل ما فيه لا يزال قائماً؟!
  • مدار الساعة
  • الدين
  • الأردن
  • لب
  • منح
  • قانون
  • المزرعة
  • ثقافة
  • صورة
  • رحمة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/06 الساعة 16:57