الضمور: “راية لا تنكس… ووطن لا يُخترق”

د. محمد خير فيصل الضمور
مدار الساعة ـ نشر في 2025/04/16 الساعة 17:28

في يومٍ تتماوج فيه الأعلام الأردنية على وقع النشيد الوطني، وتنبض فيه القلوب بالولاء والانتماء، نقف إجلالًا ليوم العَلَم؛ هذا الرمز الخالد الذي لا يرفرف فقط في السماء، بل يسكن الوجدان، ويروي قصة وطنٍ كتب مجده بالحكمة، وسقاه بالدماء الزكية، وحرسه بالشرف، وصانه رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

تزامن هذا اليوم الوطني البهيّ، مع بشرى عظيمة تمثّلت في يقظةٍ أردنية بهية، كشفت عنها الأجهزة الأمنية الباسلة، حين أجهضت، بحمد الله وتوفيقه، مؤامرةً سوداء كانت تستهدف زعزعة أمن البلاد واستقرار العباد. فأي سموّ أعظم من أن تحتفل الأمة برايتها، وهي ترى درعها الحصين وسيفها اللامع يحبطان الظلام قبل أن يقترب؟!
لقد أثبت الأردن مرةً أخرى أن من أراد الفتنة فيه، فلن يحصد إلا الخيبة، وأن من ظنّ أن هذا الوطن رخوةٌ أطرافه، واهنةٌ أركانه، فقد جهل معدن الرجال، وخانته بصيرته. فالعيون التي لا تنام، والسواعد التي لا تلين، والعقول التي تزن المواقف بميزان الوطن، كانت له بالمرصاد.
قال تعالى: “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” [الأنفال: 30]، وإنّ من دلائل عناية الله بهذا الوطن، أن يقيّض له رجالًا يسبقون الخطر، ويجتثّون الفتنة من جذورها قبل أن تشتعل. فكل محاولة للمساس بالأردن هي صدى خافت يرتدّ إلى صداه، ويفتضح أمره قبل أن يتمادى.
يا وطن المجد، ويا راية العز، فيكِ اليوم نرى المعنى الحقيقي للثبات، وفي أجهزتنا الأمنية نرى صورة الجندي الذي يحمل روحه على كفّه، لا يبتغي إلا مرضاة الله، وصون الوطن، ورفعة المليك. فهنيئًا لنا برايةٍ لا تُنزلها الخطوب، ولا تنال منها العواصف، وهنيئًا لنا بأمنٍ يصنعه الرجال لا الشعارات.
ليست هذه المحاولة الدنيئة الأولى، ولن تكون الأخيرة، لكنّ العبرة أن الأردن لا يُخترق، لأن جذوره ضاربة في الأرض، ولأنّ بناءه أقيم على الحق، وأسّس على العدل، وارتفع بسواعد أبنائه الذين أقسموا أن يبقى الأردن حصنًا منيعًا، وسورًا عظيمًا لا تُفتح فيه ثغرةٌ ولا يُرى فيه خلل.
قال تعالى: “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل” [آل عمران: 173]. وهكذا شعب الأردن، إذا حمي الوطيس، ازدادوا ثباتًا، وإن تكالبت الأيادي السود، ازدادوا يقينًا بعدالة قضيتهم، ووحدة صفّهم، وسموّ رايتهم.
رايتنا اليوم لا ترفرف فحسب، بل تصرخ في وجوه من تآمروا: لن تنالوا من وطننا. وأمننا ليس حالة طارئة، بل هو عقيدة تتوارثها الأجيال. وإنّ الراية التي خطّ على نجمتها السباعية معنى الوحدة والحق والعدل والكرامة، لن تُنكس، ما دام خلفها شعب يؤمن، وجيش يحمي، وقيادة توجّه وتلهم وتحتوي.
وها نحن نكتب، لا بالأقلام فحسب، بل بنبض القلوب: أن الأردن أقوى من كل المؤامرات، وأسمى من كل الحسابات. ورايتنا لن تنزل، ما دام فينا عرقٌ ينبض، ووجدانٌ يهتف: “الله، الوطن، الملك”.
والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

مدار الساعة ـ نشر في 2025/04/16 الساعة 17:28