الرشيد يكتب: امريكا تعمل على الربح المادي فقط

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/06 الساعة 10:22
امريكا تعمل على الربح المادي فقط
وصفت امريكا بأنها شركة للانتاج ،لها صفة اساسية هي الربح المادي فقط. لكنها لا تعمل الا وفق معيار الربح المادي، حيث يمكن بسهولة ان تتخلى عن وعودها وتنقض اتفاقياتها الدولية لو تعارض الامر مع هذا المعيار، وبغض النظر عن نتائج ذلك على الجميع حتى حلفائها، بدأ ذلك واضحا للعامة في اجتماع الدول الصناعية الكبرى في كندا مؤخرا. لقد أعرب دونالد تاسك رئيس المجلس الاوروبي عن هذه الاشكالية ،حين حذر ان موقف ترامب بشأن حرية التجارة واتفاقية المناخ والملف النووي الايراني يشكل خطرا حقيقيا، واكد على ان النظام الدولي المرتكز على حكم القانون يواجه مخاطر، والاغرب ان الذي يشكل هذا الخطر ليس المشتبه بهم المعتادون لكن الداعم الرئيسي هو امريكا. كان الرئيس الامريكي الاسبق بوش الاب ،علق على قمة ماستريخت في اوائل التسعينات من القرن الماضي التي مهدت لتأسيس الاتحاد الاوروبي قائلا ،يجب الا تعطى اوروبا أكثرمما تستحق ، وما ذكره بوش ينفذه ترامب ضد اوروبا واليابان والصين والمكسيك بفرض جمارك على منتجاتهم. لم تسكت الدول الصناعية الكبرى بل هددت بإجراءات مماثلة. ترامب يريد ايقاف الاغراق الصيني لأسواق بلاده ،في حين ان امريكا تحتكر تجارة الصويا مثلا، وتصدر ملايين الاطنان من الكسب كعلف للحيوانات حيث يعتمد غذاء اوروبا من اللحوم على ذلك. ثم نجحت امريكا في اغلاق مصنعين في فرنسا وايطاليالمنع الانتاج الصناعي للبروتين، باستخدام عملية خاصة بتكرير البترول ابتكرها عالم فرنسي.
امريكا تحاول التملص من كل تعهداتها السابقة، وكذلك النظام العالمي الذي ارست قواعده لانه لم يعد في صالحها، بعد بزوغ الصين كقوة اقتصادية ومنافستها بقوة على قمة الاقتصاد العالمي. نعود ونذكر شيئا عن تاريخ الرأسمالية ونقول: تقسم مراحل الرأسمالية الى ثلاثة أقسام: 1-مرحلة اعداد طويلة ،وهي مرحلة القرون الثمانية من عام 1000-الى العام 1800م
2-مرحلة نضج قصيرة ،القرن التاسع عشر
3-مرحلة التدهور الطويلة التي دفعت اليها صحوة الجنوب ، والتي بدأت موجتها الاولى في القرن العشرين ، وهذه المعركة ضد النظام الامبريالي التي لا تنفصم عن التوسع العالمي للامبريالية ، تحمل في طياتها احتمال السير في الطريق الطويل للتحول لما بعد الرأسمالية ونحو الاشتراكية ،وتبدأ في القرن الواحد والعشرين موجة جديدة من المبارات لشعوب ودول الجنوب. أولا: أدت التناقضات الداخلية الخاصة بجميع المجتمعات المتقدمة السابقةللحديثة ،وليس فقط في اوروبا الاقطاعية ، لموجات متتالية من الاختراع التدريجي لمكونات الحداثة الرأسمالية . حدثت أقدم هذه الموجات في الصين حيث بدأت هذه التحولات ابتداء من مرحلة السونج (القرن الحادي عشر )لتتوسع في مرحلتي المنج والكنج ،لتمنح الصين تقدما واضحا في الاختراعات التكنولوجية ،وفي انتاجية العمل الاجتماعي وفي الثروة ،لم تتمكن اوروبا من تجاوزه الا في القرن التاسع عشر بدأت الموجة الاخيرة لهذه المرحلة الانتقالية الطويلة للوصول للعالم الرأسمالي في اوروبا الاطلنطية ، ابتداء من غزو الامريكتين لتتطور في خلال العقود الثلاثة للمرحلة المركانتيلية (1500-1800م)والرأسمالية التاريخية التي فرضت سيطرتها تدريجيا على المستوى العالمي ،هي ما انتجته هذه الموجة الاخيرة الشكل الاوروبي للرأسمالية التاريخية،التي بثتها اوروبا المركزية والاطلنطية ، وسليلتها في الولايات المتحدة وبعدها في اليابان . ثانيا: أخذت الرأسمالية التاريخية شكلها النهائي الناضج في نهاية القرن الثامن عشر مع حدوث الثروة الصناعية الانجليزية التي اخترعت الصناعة الآلية ،وكذلك قيام الثورة الفرنسية التي اخترعت السياسة الحديثة وعاشت الرأسمالية الناضجة لوقت قصير يمثل قمة هذا النظام وهو القرن التاسع عشر،وفيه يفرض تراكم رأس المال شكله النهائي ويصير القانون الأساسي الذي يتحكم في التطور الاجتماعي ،ومنذ البداية كان هذا الشكل من التراكم في الوقت ذاته بناء وهداما ،وقد توصل ماركس لهذه الملاحظة المبكرة التي تقول :التراكم يدمر الاساسين اللذين تقوم عليهم الثروة وهما الكائن الانساني والطبيعة. الواقع ان الرأسمالية التاريخية تقوم في خلال المرحلة القصيرة لنضجها بمهمات تاريخية تقدمية لا يمكن انكارها ،فهي تخلق الشروط التي تجعل من الممكن والضروري تجاوزها الى الاىشتراكية / الشيوعية سواء على المستوى المادي او على مستوى الوعي السياسي والثقافي الجديد المرتبط بها والاشتراكية(ومن باب أولى الشيوعية) ليست اسلوبا للانتاج ،أرقى لانه يدفع قوى الانتاج بسرعة أكبر ويربطها بنظام عادل لاقتسام الدخل ،بل هي بالاحرى مرحلة ارقى لتطور الحضارة الانسانية .
ثالثا:
دخلت الرأسمالية التاريخية ابتداء من نهاية القرن الثامن عشر في المرحلة الطويلة لأفولها ،واعني بذلك ان الابعاد المدمرة للتراكم تتغلب منذئذ على بعدها التاريخي البناء والتقدمي . لكن في أقاليمنا ومنطقتنا نجد ان مشكلة الانا والاخر على المستويين الشخصي والجماعي واحدة من أكثر المشكلات السياسية حساسيةوتوترا ونزاعا في المجتمعات المعاصرة ،وتحل المشكلة على صعيد المواطنة والحريات الشخصية والجماعية انطلاقا من الحقوق الدستورية والمساواة والحرية المدنية ومنظومة حقوق المواطنة، ومن ثم عدم التمييز بين المواطنين على اي معيار، واعتمادا على رسوخ التقاليد السياسية والحقوقية في هذه البلدان. فمن حق المواطن الذي تنتهك حقوقه ان يلجأللقضاء المختص والمستقل كي يذود عن حقه ويحصل عليه. Dr.samh.alrasid@gtmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/06 الساعة 10:22