
من نذر نذرا ولم يوف حتى مات، ماذا يلزم ورثته؟
مدار الساعة ـ نشر في 2025/03/17 الساعة 18:36
مدار الساعة - السؤال:رجل تزوج، وتأخرت زوجته بالإنجاب، فنذرت زوجته إنها إذا حملت ستلبس النقاب، وقدر الله تعالى لها الحمل والولادة، وبقيت مترددة بلبس النقاب، ولم تلبسه، ثم توفاها الله. زوجها يسأل عن الحكم، وهل يستطيع هو فعل أي شيء؟
الجواب:الحمد لله.
تغطية الوجه، بلبس النقاب أو غيره: واجب، على القول الصحيح من أقوال أهل العلم، وسبق بيان ذلك بأدلته في الموقع .
وإذا نذر المسلم فعل واجب: فإنه ينعقد نذره، ويكون تأكيدا للواجب بأصل الشرع.
قال البهوتي رحمه الله:
"وينعقد النذر في واجب، كـ: لله عليّ صوم رمضان، ونحوه، قال في "المبدع": إنه ينعقد موجبا لكفارة يمين إن تركه، كما لو حلف: لا يفعله، ففعله، فإن النذر كاليمين. انتهى. وقال في "الاختيارات" [يعني : شيخ الإسلام ابن تيمية] : ما وجب بالشرع إذا نذره العبد، أو عاهد الله عليه، أو بايع عليه الرسول، أو الإمام، أو تحالف عليه جماعة، فإن هذه العقود والمواثيق تقتضي له وجوبا ثانيا غير الوجوب الثابت بمجرد الأمر الأول، فيكون واجبا من وجهين، ويكون تركه موجبا لترك الواجب بالشرع والواجب بالنذر. هذا هو التحقيق. وهو رواية عن أحمد، وقاله طائفة من العلماء، فيكفر إن لم يصمه، كحلفه عليه أي: كحلفه: ليصومن رمضان، فيكفر إن لم يصمه" انتهى من "كشاف القناع" (14/ 475).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إذا نذر الواجب صح النذر وصار المنذور واجبا من وجهين: من جهة النذر، ومن جهة الشرع، ويترتب على ذلك وجوب الكفارة إذا لم يحصل الوفاء" انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (1/ 235).
وحتى على القول بأن لبس النقاب: مندوب، مشروع، وليس بواجب؛ فإنها إذا نذرت لبس النقاب، وجب عليها ذلك، ولزمها لبس النقاب، وفاء بنذرها، حتى وإن قلنا إنه مندوب، وليس واجبا بأصل الشرع. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6202) .
وبناء على ما سبق: فإنّ نذرها أن تلبس النقاب كان يجب عليها الوفاء به عند تحقق ما علقته عليه، فإذا لم تفعل فعليها كفارة يمين ثابتة في ذمتها.
ثانياً:
من مات وعليه كفارة يمين، فالواجب على أوليائه (الورثة) أن يخرجوا الكفارة من التركة، إن ترك مالاً، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن فعل واحدة منها فقد برئت ذمته، وفعل ما وجب عليه.
وينبغي أن يخرجوا أقل الأشياء كلفة (وهو الآن الإطعام) لأنّ حق الورثة قد تعلق بالتركة، فالتوسع في إخراج الكفارة سيضر الورثة، إلا إذا رضوا بإخراج الأطيب فالأمر إليهم.
قال الشربيني رحمه الله:
"ومن مات وعليه كفارة: فالواجب أن يخرج من تركته أقل الخصال قيمة، ومع ذلك فلا تخيير إلا إن استوت قيمتها، فإن عجز عن كل واحد من الثلاثة-إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة- المذكورة، لزمه صوم ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين... الآية)" انتهى من "مغني المحتاج" (6/ 192).
فإن لم تترك مالا يخرج عنها في كفارة نذرها، ولم يتطوع أحد من ورثتها ولا غيرهم بإخراج الكفارة من ماله؛ شرع لورثتها أن يصوموا عنها ثلاثة أيام، كفارة عن نذرها.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"مات رجل وعليه قضاء صيام عشرة أيام من رمضان، وكان قد شفي في شوال، ولكنه تساهل في قضاء ما عليه، فهل يصوم عنه وليه أم صيام الولي مخصص بالنذر والكفارة فقط ؟
فأجابوا: "يشرع لوليه أن يصوم عنه عدد الأيام التي أفطرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام: صام عنه وليه) والحديث عام يعم صوم رمضان، وصوم النذر، وصوم الكفارة على الصحيح" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/263).
فإذا لم تترك مالاً، فيستحب لأوليائها أن يكفروا عنها كفارة يمين، إما بالإطعام، أو الكسوة، أو بالصوم.
والله أعلم.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/03/17 الساعة 18:36