الأمير الحسن: المواطنة ليست ثمرة الأمن والاستقرار والديمقراطية
مدار الساعة - أمين الرواشدة - شارك سمو الأمير الحسن بن طلال،رئيس منتدى الفكر العربي، امس الاحد، في أعمال ندوة بعنوان "دولة النهضة العربية: المئوية الأولى للحكومة العربية الفيصلية والمملكة السورية"، نظمها منتدى الفكر العربي.
وقال سموه خلال أعمال الندوة إن الحكومة العربية/ المملكة السورية (1918- 1920)، برئاسة جلالة المغفور له الملك فيصل الأول بن الحسين، طيبّ الله ثرّاه، أرست ميراثاً حضارياً وتراثاً سياسياً ونهضة عربية تأسست على مبادئ القومية العربية والحرية والوحدة والاستقلال والمساواة والتقدم.
وأضاف سموه ان "النظرة البعيدة نحو المستقبل العربي تجلّت في هذه النهضّة المتقدّمة، حيث كان حق تقرير المصير المؤسسّي أحد أبرز إنجازات تلك الحقبة بعد قرون من حكم الآخر، وذلك عبر مسار المضيّ في طريق تحقيق الاستقلال والوحدة العربية".
وأوضح سموه أن تجربة الحكومة العربية ترتبط بالنهضة العربيّة، التي انتهجت مفهوم الحاكمية الراشدة، بوصفه مفهوما نهضويا حيويا، وأولت البعد الحضاري الإنساني للمنطقة العربية اهتمامها، تزامنا مع التمسك بأسس الأصالة الحضارية والوحدة العربية والتاريخ المشترك لمواجهة التحديات والمخاطر المحيطة بالأمة.
واعتبر سموه أن الحكومة العربية شكلت تجسيداً لليقظة القومية العربية، بقيادة الملك فيصل الذي أيقظ آمال الوحدة والاستقلال في نفوس العرب، ومثل لديهم رمزا للحرية والكبرياء، ورهن حياته لاستعادة العزة والكرامة العربية الشامخة، فحارب حتى انتصر، وعمل على تحقيق الوحدة، بين جميع المكونات المجتمعيّة، من خلال مساعي تعزيز القومية العربية والتضامن والتكافل.
ولفت سموه إلى معالم البناء النيابي الديمقراطي للحكومة العربية، متجسداً في المؤتمر السوريّ العام 1919-1920، الذي شكل ممثلاً سياسياً ودستورياً للعرب في سورية الطبيعية، وعبر عن التغيرات الاجتماعية- السياسية.
وبين سموه أن المؤتمر، وضع دستورا متقدما باسم "القانون الأساسي" عام 1920، ورفض إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، ومبايعة الأمير فيصل ملكاً دستورياً على سورية بحدودها الطبيعية.
وأشار إلى أن الدستور عبّر عن المفاهيم القانونية الدستورية للحركة العربية، عندما نصّ بأن "البلاد ملكية دستورية نيابية، تكفل الحريات السياسية والاقتصادية وحقوق الطوائف الدينية، وتساوي بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات.
ودعا سمّوه إلى تجديد خطاب النهضة وتفعيل الإرادة العربية في خدمة الصالح العام، لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة والتحول نحو المساهمة الفاعلة في مستقبل العرب والعالم.
وأكد أن المواطنة ليست ثمرة الأمن والاستقرار والديمقراطية، ولكل مواطن دور ومسؤولية للعمل على تحقيق ذلك، مشدداً على أهمية المواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي والفكري المجتمعي، وللبعد الإنساني، من الرحمة والتكافل والتعاون ورفض أشكال التمييز وإعلاء الحريات وضمانها، وللبعد القانوني والدستوري والديمقراطي، عبر علاقة تشابكية واعية.
ولفت سمّوه إلى أهمية تحقيق الأمن الديمقراطي، عبر اعتماد الحاكمية الرشيدة والاحترام المتبادل بين المكونات المجتمعية.
وقال إن الأمة الواحدة يتنازعها الآن هويات جديدة على حساب الهوية العربية، بعضها اقليمي طائفي ديني/ أممي، معتبراً أن "الإشكالية تكمن في التعامل مع هذه التحديات بعيداً عن الرؤية العربية المشتركة التي تصون الحق وتمنع العدوان وتحقق المصلحة العربية المشتركة".
من جانبه، تحدث أمين عام منتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبو حمّور، عن إحياء ذكرى أول دولة عربية مستقلّة حملت رسالة لنهضة العربية الكبرى وثورة العرب، بقيادة الهاشميين، وجعلت من هذه الدولة رغم قِصر فترتها صورة واقعية على قابلية تحقيق الوحدة وتعظيم المشتركات والارتقاء والتقدم في مدارج الحضارة.
ولفتت الأكاديمية والباحثة الدكتورة أبو الشعر، إلى أن هذه الندوة تبرز أهم المفاصل الاستثنائية في تاريخ العرب، عندما تجمع العرب في دمشق، حاملين أول راية عربية هاشمية، من أجل الاستقلال والحرية، حيث أعلن يوم 30 أيلول من عام 1918 يوماً لـ " الاستقلال العربي"، وقدمت الدكتورة أبو الشعر ورقة عنوان "بناء الدولة والمؤسسات في عهد الحكومة العربية والمملكة السورية".
وتناولت ورقة الأكاديمي والمؤرخ الدكتور محمد الأرناؤوط التنوّع والتعدّد في سوريا، وموقف الحكومة العربية من المكوّنات الدينية والأثنية في قانونها الأساسي على قاعدة العدالة والمساواة.
وقدَّمت أستاذة تاريخ العرب الحديث والمعاصر في جامعة فيلادلفيا الدكتورة فدوى نصيرات، ورقة بعنوان "التجربة السياسية والفكرية للجمعيات العربية وأثرها في بناء الدولة"، مثلما ركزت ورقة أستاذ التاريخ في جامعة آل البيت الدكتور عليان الجالودي، على "الاتجاهات السياسية والفكرية في سورية وجبل لبنان بين عامي 1916-1920".
وتحدث في الجلسة الثانية أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية الدكتور علي محافظة، حول "العلاقات الخارجية للحكومة العربية بدمشق"، بينما تناولت مديرة تحرير الدراسات والمعلومات في جريدة "الغد" الدكتورة نادية سعد الدين "التعددية في التجربة السياسية والبرلمانية".
وتحدث الأكاديمي والباحث الدكتور جورج طريف الداود، عن الأردن في عهد الحكومة العربية في دمشق، من حيث الأوضاع الإدارية والقانونية في شرقي الأردن قبل فترة الحكومة العربية الفيصلية، أمّا حركة التعريب ونهضة الثقافة والتعليم في عهد الحكومة العربية، فقد تناولها نائب أمين عام منتدى الفكر العربي للشؤون الثقافية ومدير تحرير مجلة المنتدى كايد هاشم.