الجامعات الأردنية وتحديات التنمية..

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/02 الساعة 01:41
يمتاز الاردن عن غالبية المجتمعات المشابهة له في الواقع والمستوى الاقتصادي التنموي بخاصيتين تتمثل الأولى بكثافة الاقبال على التعليم العالي وترتبط الثانية بضعف ارتباط مخرجات التعليم بسوق العمل. في كل عام وما ان تظهر نتائج الثانوية العامة حتى تباشر الأسر بتجهيز نفسها للبحث عن الجامعة التي سيلتحق بها الأبناء والسير في إجراءات القروض أو الترتيبات المالية التي ستساعد الأسر على تمويل رحلة عبور الابناء لمراحل التعليم التي قد لا تنتهي قبل حصوله على الدكتوراة. خلال هذه المرحلة لا شيء يهم الأسرة أو الطالب أكثر من استكمال متطلبات التخرج ونيل الدرجة الجامعية. اليوم وبالرغم من وقوف مئات آلاف الخريجين في صفوف الانتظار للوظائف الحكومية التي قد لا تأتي يتكرر المشهد ويعاود الأهالي البحث عن مقاعد للابناء الناجحين في الثانوية العامة في التخصصات الراكدة بالرغم من انعدام الموارد الاقتصادية والقناعة بان لا سبيل لحصول الخريج على وظيفة في المستقبل المنظور. اندفاع المجتمع والابناء نحو التعليم الجامعي مع العلم بندرة أو انعدام فرص العمل المستقبلية للخريج يشكل أحد أهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتنموية وربما السياسية التي يجابهها المجتمع. هذا العام وبعد ان دفعت الجامعات الأردنية بعشرات آلاف الخريجين إلى سوق العمل المشبع تستعد أكثر من 31 جامعة لاستقبال مقاربة وسط تساؤلات الأهالي والابناء والمؤسسات عن مستقبل هذه الاعداد من الشباب والصبايا الذين انضموا إلى صفوف من يتابعون فرص العمل التي قد يعلن عن توفرها بين فترة واخرى. الحل لمشكلات البطالة وآلية توليد فرص العمل تحتاج إلى منهجية واسلوب يختلف تماما عن الاساليب والطرق التي تتبعها مؤسساتنا والقائمون على التخطيط ورسم السياسات. في بلد يستضيف ما يقارب مليون عامل عربي واسيوي هناك حاجة ملحة إلى اعادة برمجة العلاقة بين التعليم وسوق العمل لربط مخرجات التعليم بحاجات السوق بشكل ومستوى يختلف عن ما هو موجود اليوم. في الجامعات الأردنية التي تأسست لتلبي احتياجات محيطها والعالم من الاختصاصات والكفاءات العلمية والمهنية ولكي تقود برامج التنمية والتطوير تبرز الحاجة إلى تطوير تقنيات أداء الأعمال ورفد السوق بأدوات وتكنولوجيا يستخدمها الخريج بصورة تضاعف الانتاج وتخفض الكلف وتساعد اصحاب العمل على احلال العمالة الأردنية المدربة مكان العمالة الاجنبية الرخيصة. الجامعات الأردنية مطالبة بانفتاح أكبر على أسواق العمل والتفاعل الحيوي مع القطاعات والمجتمعات والتعرف على احتياجاتها مع الحفاظ على الميزة التنافسية لكل منها. لا شي يمنع ان يكون لكل تخصص في جامعاتنا نافذة للخدمة تطل من خلالها الجامعة على محيطها وتسعى لرفع نوعية الخدمات التي تقدم في الاختصاص الذي تقدمه الجامعة. في الطفيلة ومعان والكرك وجرش وعجلون والمفرق وسائر مناطق الأردن يتوقع من الجامعات ان تلعب دورا رياديا تضع من خلاله خلاصة المعارف والمهارات ونتائج الابحاث في الخدمات التي يتلقاها المواطن. المدن الصناعية والقرى الحرفية في كافة محافظات الأردن اليوم بحاجة إلى من يرفدها بالتدريب والتوجيه ويقدم لها نماذج مثالية للخدمة المعيارية اللائقة. بدون اشراك الجامعات في مسيرة التنمية والسماح بخروج المعارف والخبرات إلى القرى والأسواق والمعامل والورش فإن من الصعب احداث التغيير والنهوض الذي وجه به جلالة الملك ودعت الحكومة إلى تحقيقه. في الجامعات التي تشتمل على كليات للطب يخرج الطلبة إلى المستشفيات فما الذي يمنع خروج طلبة الجيولوجيا والمعادن إلى الجبال والاودية وطلبة ميكانيك السيارات إلى المدن الصناعية وطلبة التكييف والتبريد إلى ورش الخدمات ونوافذ الخدمة التي يمكن ان تقيمها الجامعات. النهضة العلمية لا تتوقف عند مزيد من الجوائز العالمية والابحاث المنشورة على اهميتها بل عندما تتغير قيم العمل والخدمة وتوظيف المعرفة في خدمة المجتمع. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/02 الساعة 01:41