الى أين يتجه الشرق الأوسط

مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/30 الساعة 02:49
بقلم المخرج محمد الجبور لايزال الشرق الأوسط في حالة تغير مستمر وسيبقى كذلك لبعض الوقت ومن المحتمل أن يمر عقد أخر قبل أن أن يتم الوصول فى النهاية الى حالة توازن في القوى. يجب على صناع القرار في الوطن العربي النظر بحذر في تطور ديناميات القوی المحركة وسياسات القوی العالمية والاقليمية قبيل إعداد استراتيجياتهم. كان من الممكن لقلة قليلة من الناس أن يتوقعوا النهاية المأساوية للنظام القديم (او المنظومة القديمة) للشرق الأوسط والذي صمد لعقود امام التحولات الكبرى في ديناميات (ومعادلات) القوى العالمية إن منطقة الشرق الأوسط التي كانت تعد مهداً للحضارات ومصدر حيوي للطاقة العالمية اصبحت الأن محطاً للأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وحيث لاتنتهي فيها النزاعات والحروب المدمرة وحركة السكان المشردة تعاني البلدان الضعيفة والمفككة والفاشلة في الشرق الأوسط من صعوبة التأقلم مع التطرف القومي والديني والطائفي النامي. والسؤال هو: الى أين يتجه الشرق الأوسط وماهي موقف الجهات المحلية في هذا المسلك؟ يمكن أن نجد الإجابة من خلال دراسة ديناميات القوی في الشرق الأوسط والتي من المرجح أن تحدد النظام المقبل للشرق الأوسط. قسم البريطانيون والفرنسيون منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الاولى وأنشأوا العديد من الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم كوسيلة لتأمين مصالحهم في المنطقة. وفي هذه العملية وضعوا أساساً لنظام الشرق الأوسط والذي بقى في محله حتى الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة عندما هيمنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على المشهد وأنشأوا نظام عالمي ثنائي القطب. أشعلت العديد من الانقلابات والثورات المنطقة وتم الاطاحة بعدة مماليك من قبل الأنظمة القومية العربية أو في حالة إيران من قبل جمهورية اسلامية جديدة كانت هناك كذلك نزاعات حدودية وحروب طويلة كحرب اسرائيل مع العرب وحرب العراق مع ايران بالرغم من هذه التحولات والانجرافات ظلت حدود مابعد الاستعمار التي رُسمت بين بلدان هذه المنطقة ثابتة بشكل صارم كان ينبغي لنظام الشرق الأوسط أن ينهار مع سقوط الاتحاد السوفيتي في 1989 وبعد انتهاء الحرب الباردة كما حصل لنظام اوروبا الشرقية إلا أنها بقيت ثابتة وكان من المفترض أن يجلب الغزو العراقي في 2003 تغييراً شاملا ولكن موجة التغير بدأت من تونس في 2010 خلال فترة مايسمى بـ “الربيع العربي” اصبحت العديد من القوى العالمية والاقليمية والمحلية فاعلة ومتشابكة إلا انه لم تصل القوی المتشابكة الی حالة توازن مستقر حتى الان. بعد 1989 أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة التي كانت بوسعها أن تملأ الفراغ الذي تركه السوفياتيون ومع ذلك فقصر النظر والتقلبات في السياسات الخارجية التي تبنتها ادارتي حزبي الجمهوريون والديمقراطيون جعلت من الولايات المتحدة غير قادرة على اتباع مسار لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط. مع ذلك تبنت إدارة جورج بوش نهج المحافظين الجدد ذا المدى الطويل لتشكيل النظام الجديد للشرق الأوسط إلا أن إدارة اوباما عكست التيار بابتعادها عن الشرق الأوسط مع قبول نفوذ قوى اخرى في المنطقة. لا تزال رؤی إدارة دونالد ترامب المقبلة غير قابلة للتنبؤ من حيث سياستها في الشرق الأوسط، حيث تظهر في بعض الاحيان المشاعر والرغبات المجردة لشخص ترامب عن السياسة الخارجية غير متوافقة. فيبدو أنه يرغب بعلاقة ودية مع روسيا ويدعم اسرائيل وكذلك الرجال الأقوياء في تركيا ومصر ولكنه يعادي وبدون تحفظات إيران التي تعد واحدة من أقوى حلفاء روسيا. روسيا مرت بعدة عقود مضطربة بعد 1989 ولكنها الان ظهرت من جديد كقوة كبيرة وعادت الى الشرق الأوسط عبر إيران ونظام الأسد في سوريا تستثمر روسيا بشكل فعال في علاقات ثنائية اخرى مع تركيا والعراق ومصر واليمن وحتى المملكة السعودية العربية وبالتالي يمكن القول بأنه سيكون لها تأثير متزايد على تشكيل النظام الجديد للشرق الأوسط.
  • عرب
  • صمد
  • اقتصاد
  • الدين
  • مال
  • عربية
  • لب
  • وفيات
  • مقبلة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/30 الساعة 02:49