صنع في الأردن
تلقيت دعوة من غرفة صناعة عمان لحضور لقاء تمّ يوم الثلاثاء الماضي، بمشاركة معالي وزير الدولة لشؤون الإعلام/ الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهدف اللقاء التعريف والتشاور مع حملة (صنع في الأردن). تحدث كل من سعادة العين زياد الحمصي رئيس غرفة صناعة عمان، والمهندس موسى الساكت عن هدف الحملة وأهميتها، ودورها في إنعاش الاقتصاد الوطني، وأنّ الصناعة تساهم بما يقارب 25% من الناتج المحلي للدولة الأردنية، وأنها السبيل الأمثل للقضاء على الفقر والبطالة، وأنّ حملة (صنع في الأردن) لازالت مستمرة منذ أن تم إطلاقها في عام 2013م، وأنها تزداد اتساعا عاما بعد عام.
إن الحديث عن الصناعة في الأردن يحتاج إلى وقفة مع الإعلام والصحافة؛ لأنني أتذكر أنني قرأت تقريرا صحفيا نشر في جريدة الرأي بتاريخ 16/4/2015م عنوانه: (التخبط الحكومي يغلق 1500 مصنع بعامين ويدفعها للهجرة)، كما أتذكر أني قرأت خبرا نشر في موقع خبرني بتاريخ 18/3/2018م عنوانه (إغلاق 26 مصنعا منذ مطلع العام بالأردن). ما نفهمه من هذين الخبرين أن مسلسل الإغلاقات في المصانع لا يزال مستمرا، لكن يخطر على البال سؤالان:
السؤال الأول، ما السبب في إغلاق كل تلك المصانع؟ أحد الأسباب المهمة التي لا يتم ذكرها أو تذكّرها غالبا هو أن بعض هذه المصانع مخالف للشروط والمواصفات( كشروط السلامة العامة والصحة) أو أنه ارتكب مخالفات تقتضي الإغلاق وفق النظام والقانون، فإغلاق بعض المصانع قد يكون ظاهرة صحية، لكن أن يؤخذ الخبر ناقصا بحيث تظهر السلبية وحدها والجانب المظلم من المسألة دون الجانب المشرق، فهذا يعزز حالة الإحباط عند الناس، ويشي بحالة اقتصادية مزرية، وهنا تظهر مسؤولية الإعلام أو الإعلام المسؤول، بأن يقوم بنقل الأخبار بدقة (خاصة الأرقام)، وأن يقوم بالتوضيح الذي يُبعد عن الأذهان أي إيحاء باليأس والقنوط.
والسؤال الثاني، لماذا لا يتم ذكر عدد المصانع التي تم افتتاحها في خلال نفس الفترة؟ أي لماذا نكتفي بذكر الخبر المحزن، ولا نذكر الخبر المفرح؟ هناك مصانع تغلق في كل العالم، لكن بالمقابل هناك مصانع أخرى تفتح أبوابها، فمن العدالة أو الأمانة أن يتم ذكر الأمرين، كي لا نساهم بنشر الروح السلبية بين الناس.
ومن الجدير بالذكر أن الصناعة الأردنية غزت كثيرا من الأسواق، حتى امتدت إلى 125 دولة حول العالم، ولا أدّعي أن هذا المؤشر الكمّي يعتبر كافيا، بل لا بد من مؤشرات أخرى لتوضيح الصورة، ولكن عندما نعلم أن عدد الدول المستورِدة للصناعة الأردنية قبل سنوات لم يتجاوز 40 دولة، ثم ارتقت لتصبح 125 دولة سنعلم أننا أمام جهود تبذل في هذا المضمار، يقودها جلالة الملك بنفسه.
ماذا تريد حملة (صنع في الأردن)؟ إنها تهدف إلى إبراز الإنجازات التي وصلت إليها الصناعة الوطنية، وكذلك تسليط الضوء على أهم المعيقات التي تقف أمام نمو الصناعة وازدهارها، ومحالة إيجاد الحلول لها، كارتفاع أسعار الطاقة وخصوصا الكهرباء، والضرائب المتعددة وغيرها. كما تهدف الحملة إلى تعزيز ثقة المستهلك بالمنتج الوطني، وأنه في السنوات الأخيرة صار يضاهي المنتجات المستوردة من حيث الجودة، وينافسها من حيث الأسعار.
إن التوجه نحو شراء المنتج المحلي يعني أننا ندعم الاقتصاد الوطني، فهذه المصانع تساهم في ربع الناتج المحلي للبلاد، بالإضافة إلى أننا نخلق فرص العمل لأبنائنا، ونزيد من وجود العملات الأجنبية في بلادنا. فبهذا يكون التوجه نحو شراء المنتج المحلي من الواجبات الوطنية، لنعزز صناعتنا ونقول بفخر: (صنع في الأردن).
الدستور