عن الميليشيات والقلوب المليانة

بلال حسن التل
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/26 الساعة 10:24

لا أدري بماذا نفسر هذه (الشوشرة) التي اثيرت اعتراضاً على استخدام نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ايمن الصفدي لمصطلح الميليشيات، أم أن القضية ليست (رمانة بل قلوب مليانة). فمصطلح ميليشيات ليس مصطلحاً معيباً، كما انه مصطلح متداول للدلالة على القوات التي لا تأخذ شكل وتنظيم الجيوش النظامية، فالميليشيات كما هي معرفة في أكثر من مرجع وفي الكثير من الادبيات هي (التنظيم المسلح أو الجماعة المسلحة، التي تشكلها عادة قوات غير نظامية من مواطنين، يعملون عادة بأسلوب حرب العصابات، بعكس مقاتلي الجيوش النظامية?الجنود المحترفين. أو قد يكونون من ناحية تاريخية مقاتلين ينتمون لطبقات نبيلة مثل الساموراي والفرسان. ومع بدايات القرن العشرين، ظهرت ميليشيات يمكن اعتبار أعضائها مقاتلين محترفين مع بقاء حالتهم كـ«مقاتلين وقت جزئي» أو «عند الطلب». ويمكن أن تكون في عدة أطر:

قوات تابعة للجيش النظامي كما الحال في الصين أو سويسرا.
أو منظمات مسلحة تابعة لأحزاب أو حركات سياسية، أو هي قوات دفاعية يقع تشكيلها من طرف سلطات أو مواطني منطقة سكنية أو جغرافية محددة في إطار جهوي أو ديني وقد تكون مدعومة أو معاقبة من السلطات).
ومصطلح الميليشيات استخدمته الفصائل الفلسطينية نفسها، وكذلك الدوائر القريبة منها والمعبرة عنها، من ذلك ما ورد في الصفحة (٢٦)من كتاب «مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية» الصادر عن مركز «رؤية للتنمية السياسية» القريب من حركة حماس والذي وضعه الباحثان الفلسطينيان عوني فارس وساري عرابي الذي سبق وان اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فقد جاء في هذه الصفحة ما يلي حرفيا (.... اضافة الى بعض الممارسات التي قام بها الفدائيون والميليشيات التابعة لهم داخل المدن الاردنية والتي أدت الى خلخلة الأمن والنظام).
تاريخياً لعبت الميليشيات أدواراً مركزية في تحرير الشعوب، سواء من المحتل، أو الانظمة الاستبدادية.
خلاصة القول؛ ان مصطلح الميليشيات ليس معيباً، وقد استخدمته الفصائل الفلسطينية نفسها في خطابها. فلماذا يصبح مصطلحاً مستنكراً عندما يستخدم من وزير أردني، ولماذا تنتفخ اوداج البعض على وزير خارجيتنا؟.. ولماذا لم تنتفخ هذه الاوداج عندما تجاهل القيادي في حماس خليل الحية شكر الاردن والاردنيين على نصرتهم لغزة ووقوفهم بجانبها، بينما لم يضق وقته عن شكر دول وشعوب لم تقدم لغزة عُشر ما قدمه الاردن؟!.
وهؤلاء الذين يتصرفون على اساس ان قضية فلسطين قضية عربية اسلامية، (وهي كذلك)، لماذا لم تنتفخ اوداجهم اعتراضا على تصريح عضو المكتب السياسي لحركة حماس د. باسم نعيم تعقيبا على كلام الصفدي، والذي قال فيه باسم نعيم «نعتقد ان هذا شأن فلسطيني داخلي. والفلسطينيون قادرون على تحديد خياراتهم، كما لا نتدخل في خيارات الدول والشعوب)، لأن هذا التصريح يوحي بأن قضية فلسطين مقتصرة على ابنائها، وكأنها ليست قضية كل العرب والمسلمين، مما يتناقض مع المفهوم الذي تبني عليه قوى اردنية موقفها في مناصرة حماس، التي يرفض عضو مكتبها السي?سي التدخل في الشأن الفلسطيني، بينما تتكرر دعوات قادة حركة حماس لجماهير الاردنيين للتحرك لنصرة مواقف حماس، فلماذا لا يعتبر هذا تدخلا في الشأن الاردني، علما بان الاردنيين في غالبيتهم الساحقة ليسوا بحاجة لاحد كي يحرضهم للوقوف الى جانب غزة، كجزء من وقوفهم مع فلسطين كل فلسطين، التي هي قضية أمة، لا قضية فصيل بعينه، وهي بالنسبة للاردن قضية اردنية داخلية، ونحن اكثر من يتفاعل معها، ويتأثر بتداعياتها.
وزير خارجيتنا ايمن الصفدي كان اقوى الاصوات واوضحها في المحافل الدولية بالدفاع عن غزة وحماس، مجسدا بذلك لموقف الاردن الرسمي والاهلي، فلماذا التنكر لذلك كله؟!. ولماذا يريد البعض تكييف مواقف الاردن وتجميدها وفق رؤية هذا البعض، حتى وان كانت هذه الرؤية ضد مصالح الاردن.. ولماذا الكيل بمكيالين؟!

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/26 الساعة 10:24