قراءة اقتصادية لاستطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية

د. رعد محمود التل
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/23 الساعة 06:34

في إطار تحليل اتجاهات الرأي العام الأردني حول قدرة الحكومة على تحمل مسؤولياتها، أجرى مركز الدراسات الاستراتيجية استطلاعاً للرأي بعد مرور 100 يوم على تشكيل حكومة الدكتور جعفر حسان، التي تم تشكيلها بتاريخ 18 سبتمبر 2024. وقد تم تنفيذ الاستطلاع بين 5 و10 يناير 2025، وشمل عينة وطنية بلغ عدد أفرادها 1608 شخصًا من مختلف مناطق المملكة. تم توزيع العينة بالتساوي بين الذكور والإناث بنسبة 50% لكل منهما، وتراوح عمر المشاركين بين 18 عامًا فما فوق.

بالإضافة إلى العينة الوطنية، تم تنفيذ الاستطلاع على مجموعة من قادة الرأي البارزين في المجتمع الأردني، والذين بلغ عددهم 664 شخصًا من فئات متعددة تشمل كبار رجال وسيدات الدولة، القيادات الحزبية، النقابية، الأكاديمية، الاقتصادية والإعلامية. وقد بلغت نسبة الاستجابة لهذه العينة 94.8%، مما يعكس اهتمامًا عاليًا في تقييم أداء الحكومة.
ما يدعو للتفاؤل، بأنه عند مقارنة نتائج الاستطلاع الحالي مع استطلاعات سابقة حول تقييم أداء الحكومات للفترة ذاتها، نجد أن المواطنين وقادة الرأي في الأردن يقيّمون أداء حكومة الدكتور جعفر حسان بشكل إيجابي مقارنة بالحكومات السابقة. يعكس هذا التفاؤل قدرة الحكومة على التعامل مع التحديات الراهنة وإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والديناميكية العالية التى أطرها الرئيس وبعض أعضاء الفريق الحكومي وخاصة بالمتابعة الميدانية والقرارت والاجراءات التي التي تم إتخاذها مؤخراً.
عند تقييم قدرة الحكومة على تحمل مسؤوليات المرحلة، أظهر الاستطلاع أن 51% من العينة الوطنية يعتقدون أن الحكومة كانت قادرة على تحمل المسؤوليات خلال 100 يوم، في حين أن هذه النسبة ارتفعت إلى 70% لدى عينة قادة الرأي. كما أشار 55% من قادة الرأي إلى أن رئيس الحكومة كان قادرًا على تحمل المسؤولية، مقارنةً بـ 51% من العينة الوطنية. أما بالنسبة للفريق الوزاري، فقد أفاد 47% من العينة الوطنية و55% من قادة الرأي بأن الفريق الوزاري كان قادرًا على تحمل مسؤولياته خلال هذه الفترة.
في المجال الاقتصادي، أظهر الاستطلاع أن 32% من العينة الوطنية يرون أن الحكومة يجب أن تركز على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، بينما أفاد 30% بأن أولويتها يجب أن تكون معالجة الفقر ومشكلة البطالة. أما في مجال زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، فقد أشار 30% من عينة قادة الرأي إلى أن الحكومة يجب أن تركز على هذا الجانب، في حين أبدى 29% منهم اهتمامهم بمعالجة الفقر والبطالة. وفي الاجابة عن سؤال "ما هو برأيك ما يجب ان تركز عليه الحكومة في المرحلة المقبلة؟"، تصدرت قضايا البطالة والفقر بنسبة 49% لدى العينة الوطنية و46% لدى عينة قادة الرأي قائمة التحديات التي تواجه الأردن، تلتها ضرورة اتخاذ الحكومة قرارات لتحسين الوضع الاقتصادي وخلق فرص العمل، خفض الأسعار وغلاء المعيشة، تحسين الرواتب وتطبيق الحد الأدنى للأجور.
كما أظهرت نتائج الاستطلاع الحالي تحسنًا في توقعات الأردنيين تجاه الاقتصاد، حيث عبّر 58% عن تفاؤلهم بالاقتصاد خلال العامين القادمين مقارنة بـ37% في نيسان 2023. كما توقّع 12% تحسن وضعهم الاقتصادي خلال الأشهر الـ12 المقبلة مقارنة بـ8% سابقًا، بينما يرى 52% أن وضعهم الحالي أسوأ مما كان عليه قبل عام، مقارنة بـ61% سابقًا، وأفاد 36% بعدم حدوث تغيير. على صعيد الأسر، توقّع 36% تحسن وضع أسرهم، مقابل 29% توقعوا تدهوره، و32% يرون أن الوضع سيبقى كما هو. أما بالنسبة للاقتصاد في ظل الحكومة الحالية، فقد أبدى 52% من العينة الوطنية و59% من عينة القادة تفاؤلهم.
في المجال الاجتماعي والخدمي، كان تحسين الخدمات الصحية والتعليمية من أهم أولويات المواطنين. حيث أفاد 41% من العينة الوطنية و52% من عينة قادة الرأي بضرورة تحسين الخدمات والرعاية الصحية وتطوير نظام التعليم. أما في المجال السياسي، فقد أشار 33% من العينة الوطنية إلى أهمية قيام الحكومة بدور أساسي في السياسات الإقليمية الجديدة، فيما يرى 36% من قادة الرأي أن الحكومة يجب أن تركز على تعزيز سيادة القانون والحريات العامة.
أما في المجال الاستثماري، فقد أشار 49% من العينة الوطنية إلى أهمية تنفيذ المشاريع الكبرى في قطاعات المياه والنقل والطاقة، بينما أفاد 44% من قادة الرأي بأن الحكومة يجب أن تركز على تسهيل إجراءات الاستثمار المحلي والأجنبي والانفتاح على قطاعات جديدة.
عند تقييم نتائج أداء حكومة الدكتور جعفر حسان بعد مرور 100 يوم على تشكيلها، يتبين أن تقييم المواطنين لها كان أعلى مقارنة بأداء الحكومات السابقة خلال الفترة ذاتها، وذلك يقدم صورة متفائلة نسبيًا عن أداء الحكومة في بداية ولايتها. إلا أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة البطالة والفقر، تظل من أبرز الأولويات التي يجب على الحكومة معالجتها بشكل عاجل، ويبقى أن على الحكومة في الفترة المقبله ستواجه اختبارًا حقيقيًا في كيفية تحقيق تطلعات المواطنين في مجالات الاقتصاد، التعليم، الصحة، والاستثمار في ظل الوضع المحلي والإقليمي المتقلب.

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/23 الساعة 06:34