الفرجات يكتب: هل سيعكس واقع سدودنا المائي لهذا العام شح بالانتاج الزراعي وتأثير على دخل المزارعين؟
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/22 الساعة 17:50
الأردن، إحدى أكثر الدول شحًا في الموارد المائية عالميًا، يواجه تحديات متزايدة بسبب التأخر الكبير في هطول الأمطار للموسم الحالي. مع اعتماد المزارعين في غور الأردن ووادي الأردن على السدود لري محاصيلهم، تتفاقم الأزمة مع انخفاض مخزون السدود بشكل مقلق. هذا الوضع يثير مخاوف حقيقية بشأن الإنتاج الزراعي، الأمن الغذائي، وأسعار المنتجات الزراعية في المستقبل القريب، مما يستدعي التفكير في حلول جذرية ومستدامة.
الاعتماد على السدود في الزراعة: أرقام ومؤشرات
تُعد السدود مصدرًا رئيسيًا لري المزروعات في وادي الأردن، الذي يُعتبر سلة الغذاء الرئيسية في المملكة.
يعتمد المزارعون في الأغوار الشمالية على سد الملك طلال بنسبة 80% لري محاصيلهم.
تبلغ السعة الإجمالية للسدود في الأردن حوالي 336 مليون متر مكعب، لكن المخزون الحالي انخفض إلى مستويات حرجة.
في بداية عام 2025، لم تتجاوز نسبة التخزين في السدود 25% من طاقتها الاستيعابية، وهو ما يعادل حوالي 84 مليون متر مكعب فقط.
الواقع المائي وتأخر الأمطار
حتى الآن، لم تتجاوز نسبة الهطول المطري 13% من المعدل السنوي في معظم مناطق المملكة، مما يزيد من تعقيد الوضع.
تشير التوقعات الجوية إلى فعاليات جوية محدودة في الفترة المقبلة، مما يعني أن الموسم المطري الحالي قد لا يكون كافيًا لرفد السدود أو تحسين الوضع المائي بشكل كبير.
من المتوقع أن تظل الأراضي العطشى تمتص كميات كبيرة من المياه المتساقطة، مع ارتفاع نسب التبخر بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
تأثير الأزمة على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي
1. تراجع الإنتاج الزراعي:
سيؤدي نقص مياه الري إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل الطماطم، الخيار، والبطاطا، التي تُشكل النسبة الأكبر من سلة الغذاء الأردنية.
في عام 2024، شهدت المملكة انخفاضًا بنسبة 20% في الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه النسبة في 2025.
2. ارتفاع أسعار الخضروات:
أي تراجع في الإنتاج المحلي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخضروات. على سبيل المثال، في الأزمات السابقة، ارتفعت أسعار بعض الأصناف مثل الطماطم بنسبة 150%، حيث تجاوز سعر الكيلو دينار ونصف مقارنة بـ 0.4 دينار أردني في الظروف الطبيعية.
3. تأثير مباشر على دخل المزارعين:
يعتمد ما يزيد عن 40,000 مزارع في وادي الأردن على الزراعة كمصدر رئيسي لدخلهم.
تراجع الإنتاج سيعني خسائر فادحة لهؤلاء المزارعين، مما يهدد استقرارهم المالي ويزيد من مستويات الفقر والبطالة.
انعكاسات الأزمة على الأمن الغذائي
يُعتبر الأمن الغذائي ركيزة أساسية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. مع انخفاض الإنتاج الزراعي، ستلجأ المملكة إلى استيراد كميات أكبر من الخضروات والفواكه، مما يزيد من العجز التجاري ويثقل كاهل الميزانية.
من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على استيراد الغذاء بنسبة 30% في عام 2025 إذا استمرت الأزمة المائية الحالية.
الحلول المقترحة
1. تحسين إدارة الموارد المائية:
تطوير شبكات الري لتقليل الفاقد المائي، حيث تُقدر نسبة الفاقد في بعض المناطق بـ 40%.
تطبيق تقنيات الري بالتنقيط لتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة.
2. تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة:
توسيع مشاريع تحلية المياه لتلبية احتياجات المناطق الزراعية، خاصة في وادي الأردن.
تحسين كفاءة محطة الخربة السمراء لمعالجة كميات أكبر من المياه وإعادة استخدامها لري المزروعات.
3. تشجيع الزراعة المستدامة:
دعم المزارعين لتبني أصناف زراعية مقاومة للجفاف وتستهلك كميات أقل من المياه.
تقديم حوافز لتطبيق أساليب زراعية حديثة مثل الزراعة المائية (Hydroponics).
4. زيادة الاعتماد على المياه الجوفية:
يمكن استغلال بعض الآبار العميقة كمصدر مؤقت لحين تحسن الوضع المائي.
وضع ضوابط صارمة لمنع الاستنزاف الجائر للخزانات الجوفية.
5. التعاون بين الجهات المعنية:
تشكيل فرق عمل مشتركة بين وزارتي المياه والزراعة وسلطة وادي الأردن وجمعيات المزارعين، لوضع خطة طوارئ شاملة.
تفعيل نظام إنذار مبكر لمراقبة المخزون المائي وتحديد أولويات الاستخدام.
6. التكيف مع التغير المناخي:
الاستثمار في مشاريع الحصاد المائي لتعزيز قدرة السدود على جمع المياه.
زيادة التوعية حول أهمية ترشيد استهلاك المياه في كافة القطاعات.
تُعد التحديات المائية التي يواجهها الأردن مؤشرًا على الحاجة إلى تحرك سريع وشامل لضمان استدامة القطاع الزراعي والحفاظ على الأمن الغذائي. من خلال تطبيق استراتيجيات فعالة وتنفيذ حلول مبتكرة، يمكن تقليل آثار هذه الأزمة على المزارعين والمستهلكين. يبقى الأمل برحمة الله تعالى، مع أهمية إستمرار تحقيق التوازن بين الموارد المحدودة والاحتياجات المتزايدة.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/22 الساعة 17:50