عبابنه تكتب: رسالة من شهيد من غزة

كنتُ جزءًا من ذلك الركب الذي انطلق نحو معركة الحفاظ على الكرامة والأرض، وكانت ساحة المعركة هي الشارع، والبيت، والزقاق، والأرض التي ننبت فيها. في تلك اللحظات، لم يكن في قلبنا إلا هدف واحد: أن نعيش بكرامة في أرضنا، وأن نحمي هذا الوطن للأجيال القادمة.

اليوم، ونحن نرى وقف إطلاق النار، ونسمع أخبار تبادل الأسرى، أشعر أن دمي قد صنع شيئًا أكبر من مجرد لحظة حزينة أو ذكرى مؤلمة. دمي، وكل قطرة دم سقطت على هذه الأرض الطاهرة، كان ثمنًا للحفاظ على الأرض، كان إيمانًا بأننا في معركة طويلة لا تنتهي إلا عندما نحقق حلم الحرية.

كانت أمنيتي وأنا في ساحة المعركة أن أترك أثرًا يظل حيًا في قلوب من بعدي، وأن نبني للأجيال القادمة عالمًا أفضل، عالمًا يخلو من الاحتلال، عالمًا مليئًا بالأمل والحياة. واليوم، وأنا أرى تبادل الأسرى، وأرى تلك الوجوه التي كانت أسيرة، تُطلق سراحها، أدرك أن كل ما بذلناه كان ثمنًا لمستقبل مشرق، وأن هذا اليوم هو نتيجة تضحياتنا.

الدماء التي سالت لم تذهب هباء. لم تكن مجرد فصول من الألم، بل كانت نبتة من أجل شجرة الحرية التي ستظل تنمو. إن الأجيال القادمة التي ستعيش على هذه الأرض ستكون أكثر قوة، وأكثر تمسكًا بحقها في الحياة الحرة الكريمة. كانت تضحياتنا بداية لفرحة تلوح في الأفق، بداية لحق سيعاد لأصحابه.

وقف إطلاق النار ليس النهاية، بل هو بداية جديدة لحياة جديدة، حياة تستحق أن نعيشها بكرامة. فالمعركة لم تنتهِ بعد، ولكننا قدمنا خطوة إلى الأمام نحو التحرير الكامل. دمي كان جزءًا من هذه المعركة، وكان هو الثمن الذي دفعناه لكي يعيش أبناء غزة في عالمٍ يسوده السلام والحرية.

الحرية التي نستحقها ستأتي، وسيحملها أبناء غزة بيد قوية وأمل لا ينكسر. دماءنا كانت بذرة ستنبت في قلوبكم أنتم، أنتم من ستواصلون النضال، وستحملون الراية بأيدٍ أقوى وأبصار أكثر وضوحًا.

أنا الآن لا أرى نهاية، بل بداية جديدة، بداية الأمل الذي زرعناه في أرضنا، بداية الحرية التي تستحقها فلسطين، بداية الأجيال التي ستحمل هذا الإرث العظيم.

دماؤنا كانت الثمن، ولكننا لن نرحل إلا بعد أن نراكم تنعمون با لأرض الحرة التي قاتلنا لأجلها.