المحتوى الالكتروني وضرورة وجود رقابة

د.صهيب علي الهروط
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/19 الساعة 13:22

بدون أي مقدمات لما نريد الوصول إليه ، فاليوم نحن أمام أهم قضية نتابعها ، فتأثير منصات التواصل الإجتماعي في الأونة الأخيرة بات مقلقا وخطيرا على المجتمعات، ومنها مجتمعنا الأردني ، حيث وصلت توابعه نحو محاولات البعض توظيفه بإتجاه خلخلته ، وزرع عادات غريبة ودخيلة عليه .

المراقب للمحتوى الإلكتروني عبر منصات التواصل الإجتماعي المختلفة في هذه الأيام وما سبقها من شهور ، يجد أن تطورا وتحولا نحو إنشاء المحتوى الإلكتروني من قبل كافة فئات المجتمع ، دونما إكتراث وإلتزام بقيمنا ومبادئنا الأصيلة وهذا ناقوس خطر غير مقبول ولا نعمم ذلك على المحتوى الهادف والناصح .
إن ما يبث وينشر من خلال المقاطع ، ولا نقول أن المنشورات الكتابية هي المقصود فقط ، بل أن المقاطع التصويرية هي الاكثر حاجة لفرض الرقابة عليها ، لأنها تحمل العديد من التغييرات التي أصابت العائلة والتربية في آن واحد ، فنجدها غريبة على المجتمع الأردني ، الذي لم نجده في أي مرحلة من مراحل نشأته ، مبني على ثوابت مختلة أو غير صلبة ، بل كان دائما كالبنيان المرصوص .
لن نقول أن كل ما ينشر ويبث مخالف لذلك ، بل أن الفضاء الإلكتروني يعج بالعديد من المقاطع الهادفة والناصحة في كثير من الأحيان ، وما تتضمنه من امور متعلقة بسلوكيات داخل مجتمعاتنا بقالب كوميدي يناغي ويضاهي ما يعرض عبر المسارح من مسرحيات ، ولكنها قليلة وجمهورها متواضع وغير مرغوب في تداولها أو مشاركتها ، بعكس بعض المقاطع التي تنتشر كالنار في الهشيم .
دعونا نتفق على أن عدم وجود الرقابة على قانونية هذه الممارسات وبما يخص المحتوى الإلكتروني لضبطه وتحدد مساراته في إطار قانوني ، ساهم بشكل كبير في زيادة مضطردة لهذه المقاطع ، وبالنتيجة نصل إلى مجتمعات تحكمها مقاطع تستهدف خلق عادات جديدة ، ظن مرتاديها أنها صحيحة وواقعية .
كما أن التكسب المالي في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة ، في أقل السبل والوسائل ؛ سهل إنتشار هذه العادات والسلوكيات ، وبه وجد البعض بأنه فضاءا يسمح بالحصول على مردود مالي هائل وكبير ، ضاربين عرض الحائط تقاليدنا ومبادئنا وقيمنا كمجتمع محافظ نتكئ على إرث هائل من التضحية والكرامة.
المطلوب اليوم أن نحاصر ونطوق المحتوى الإلكتروني بكافة تفاصيله ، ليس رغبة في التضيق أو غير ذلك ، بل سبيلا يهدف للمحافظة على مجتمعاتنا من الانقياد و التبدل نحو عادات وتقاليد تزعزع استقراره ، مما ينتج مجتمعا هشا ضعيفا متجردا من كافة قيمه الدينية والأخلاقية .

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/19 الساعة 13:22