العتوم يكتب: انتهت الحرب والاحتلال باق

د. حسام العتوم
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/18 الساعة 11:07
مع إعلان قطر وحماس وإسرائيل إسدال الستارة عن حرب غزة – المأساة – مع قرب تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لسلطاته الدستورية بتاريخ 20 يناير 2025، وربطها فقط بملف كامل الرهائن الإسرائيليين بعددهم المحدود، وبعدد من المعتقلين الفلسطينيين، وبعد الاتفاق اللبناني – الإسرائيلي على انهاء الحرب بينهما، ورغم المماطلة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو وربطها بعودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من قطر، واشتراط وزير المالية سيموتريش عودة الجيش للقتال والسيطرة على المساعدات أو الخروج من الحكومة، تبقى قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة (فلسطين، ومزارع وتلال شبعا، والجولان – الهضبة العربية السورية وحاليا جبل الشيخ والقنيطرة) عالقة من دون حلول ناجعة تفضي لسلام دائم.
وبالمناسبة السابع من أكتوبر 2023 بدأ من وسط مسألة الاحتلال الإسرائيلي المعقدة ، واغراق السجون الإسرائيلية بالمعتقلين الفلسطينيين ، والتطاول على الأقصى المبارك .وصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و حماس متوقعة في الفترة القريبة القادمة . وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية مهرولة في المقابل و ممثلة بالرئيس المنتهية ولايته جو بايدن ، ووزير خارجيته توني بلينكين ، ونانسي بيلوسي رئيسة البرلمان الأمريكي ، بتسجيل نصر انهاء الحرب في غزة و في لبنان لصالح حقبتهم الرئاسية البالية ، وهم من لم يحركوا ساكنا من أجل انهاء الحرب وسط أعوام 2023 وبدايات 2025 ،و أداروا ظهورهم لحرب الإبادة الإسرائيلية التي طالت شعبي فلسطين و لبنان ،ولامست أطراف اليمن ، و تسببت في استشهاد أكثر من 46 الف شهيد ، جلهم من الأطفال ، و النساء ، و الشيوخ .
واقتراب إسرائيل من قطر الشقيقة ، وهي التي لم توقع معاهدة سلام معها حتى الان ، يعود لعدة أسباب تشبة صيدا لعدة عصافير بحجر واحد ، ففي قطر مكتب حماس السياسي الذي يقوده خالد مشعل ، وهي دولة نفط و غاز ، ومن أهم دول العرب الثرية ، وهي القادرة إلى جانب المجتمع الدولي على المساهمة بقوة في اعادة بناء غزة و جنوب لبنان . و العين الإسرائيلية ، و الأمريكية أيضا عليها في المستقبل القريب كما يبدو لتوقيع معاهدة سلام إسرائيلية تفتح الطريق لسلام مماثل مع المملكة العربية السعودية الشقيقة من دون فتح ملف قمة العرب في بيروت عام 2002 التي طالب فيها الأمير / الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله بتطبيع عربي كامل مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ووفقا للشرعية الدولية عبر قرار مجلس الأمن 242 .
و الغريب هنا في شأن إسرائيل هو أنها انسحبت من سيناء عام 1979 ،ومن غزة عام 2005 أول مرة ، ومن إقليمي الباقورة و الغمر الأردنيتين عام 2019 بقوة معاهدات السلام مع المصريين ،والفلسطينيين ، و الأردنيين ، وحاليا تقيم علاقات سلام مع ( الإمارات ، و البحرين ، و المغرب ) . وشنت حربا هوجاء مسعورة ذات الوقت مع المقاومة العربية في فلسطين و لبنان و اليمن في الأعوام 2023 و 2025 ) و لازالت ، و عبر جريمة حرب علنية مؤسفة ، متهمة اياها بالأذرع الإيرانية ،بينما أذرعها تمتد لدول ( الناتو) مجتمعة و أبعد ، و تراهن على توقف رشق اليمن لها بالمسيرات و الصواريخ ضد سفنها المارقة من باب المندب ،و الهدف بعيد المدى هو ترسيخ احتلالها و استطيانها و عدوانها غير المشروع ، متسلحة بنازية قذرة لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها منذ زمن أودولف هتلر 1939 / 1945 .
شخصيا لم أسمع سابقا بإسم - خليل حية - الجاحد بحق الأردن ، - حامل القضية الفلسطينية - على ظهره منذ بزوغ إسمها عامي 1947 / 1948 وحتى الان ، وهكذا سيبقى في المستقبل ، وعبر الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس ، وهو الذي تبين لاحقا بإنه مجرد قائد ميداني صغير لحماس في غزة الفداء و التضحية ، بينما عرفنا إسم (أبوعبيدة ) الكبير الملثم ، الناطق بإسم كتائب القسام الشجاعة ، المنصف للأردن و دوره في مساندة الشعب الفلسطيني البطل المناضل ، في غزة و في الضفة الغربية ، وقضيته العادلة ، وهو الذي لا يخشى الشهادة إلى جانب كل قوى المقاومة العربية. وعرفنا خالد مشعل الذي يعترف بإنقاذ مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه لحياته بعد محاولة إسرائيل اغتياله بعمان عام 1997 ، و إيعاز جلالته أيضا وقتها بعلاج -أحمد ياسين – مؤسس حماس منذ عام 1987 و أبرز قادتها ، في الأردن . وكنا في الأردن وسنبقى نشكل الخندق المتقدم المدافع عن فلسطين و قضيتها العادلة و عن قضايا العرب الخاضعة تحت الاحتلال ، و نعتز بذلك .
لقد أظهر الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ، و لا زال ، شجاعة و اقداما قل نظيرهما في الوقوف إلى جانب أهلنا في غزة و في الضفة الغربية ، و مع شعب لبنان الشقيق مع انطلاقة تداعيات السابع من أكتوبر ، عبر المحافل الإقليمية و الدولية ، و تقديم المساعدات الطبية و الإنسانية و المستشفيات و المخابز الميدانية دون كلل أو ملل ، ولم يشهد التاريخ المعاصر أن قائدا عربيا أو عالميا صعد فوق طائرة نقل عسكرية لتوصيل المساعدات العينية للفلسطينيين الأشقاء في غزة المكلومة كما فعل جلالة الملك . وحرك الأردن حافلاته برا و جوا من أجل ذلك ، ولم ينتظر شكرا إلا من الله سبحانه و تعالى . وقصدت إسرائيل في المقابل عدم الأصغاء للدول العربية التي وقعت السلام معها من أجل وقف نزيف الحرب في غزة بالذات ، و لا زالت تواصل حربها عليها و توقع الشهداء رغم اعلان وقف اطلاق النار بجهد مباشر من دولة قطر ، و الأمر ينسحب على المجتمع الدولي الذي أفشلت رسالته لفترة طويلة من الزمن . وهدف إسرائيل بعيد المدى الصيد في الماء العكر ( إعادة بناء غزة و جنوب لبنان على نفقة قطر و العرب و المجتمع الدولي من دون الالتفات لعائلات الشهداء حتى ) ، واستفادت إسرائيل من مقارنة العرب لشهداء فلسطين و لبنان بشهداء الحرب العالمية الثانية للتسبب في قتل المزيد من الفلسطينيين تحديدا ، و مؤسسات خارجية توجه كما علمت عبر المؤتمرات الدولية التي أشارك بها لتسجيل أرقام قتلى مرتفعة في الحروب بهدف التخفيف من عدد سكان الأرض البالغ تعدادهم حوالي عشرة مليارات إنسان .
بماذا تفكر إسرائيل لاحقا بعد معركتي غزة و لبنان ، نشاهد ملامحه مبكرا على محيا أمريكا – جو- بايدن و توني بلينكين ، و ننتظر قدوم الرئيس ترمب بشأنه ، و المخطط المعلن القادم هو ضم غزة للضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية ،وهو قرار إسرائيلي – أمريكي فوقي لم يستشار الشعب الفلسطيني به ، ولا حتى دول مجلس الأمن صاحبة قرار ( الفيتو ) . ومن بدأ السابع من أكتوبر رغم بسالته لم يتوقع رقم ضحايا المعركة غير المحسوبة نتائجها ، ومن بدأ الحرب الإسرائيلية لم يتوقع أن يشاهد و يسمع بعدد الرهائن الذي طال انتظار الشارع الإسرائيلي لهم ، و قصدت حماس تحويلهم لورقة ضغط مؤقتة للافراج عن معتقلين فلسطينيين ، و لدحر الاحتلال ، و لوقف الحرب ، و لم تتوقع إسرائيل رقم قتلاها من العسكريين ذات الوقت .و أستغرب مصطلح ( الوطن الإسرائيلي ) الذي يستخدمه قادتها أمثال نتنياهو رئيس الوزراء ، و الرئيس إسحاق هرتزوغ ، بينما هي إسرائيل كيان احتلالي ، استيطاني ، توسعي ، شرير مسخ لا يؤتمن جانبة ، ويتمدد عند اقتناص الفرص تماما كما السرطان .
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/18 الساعة 11:07