السكران يكتب: 'الريلز'.. سحر مؤقت وثمن نفسي باهظ
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/16 الساعة 14:43
شركات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تسعى دائمًا إلى إتحافنا بأي جديد لجذبنا للإبحار في عالم تطبيقاتها، وآخر تلك الصيحات التي انتشرت كالنار في الهشيم هي مقاطع الفيديو القصيرة التي تُسمى بـ"الريلز"، حيث أصبحنا جميعًا نجلس على حافة السرير كل ليلة، نمرر بإصبعنا عبر عالم لا نهاية له من "الريلز"، حتى نجد أنفسنا نشاهد عشرات الفيديوهات في أقل من دقيقة، تحتوي على مشاهد طبخ، يليها فيديو لقطط ترقص، ثم مقطع آخر عن كارثة طبيعية، تلحقها مشاهد لحادث دموي في نقطة ما من هذا العالم، فتدخلنا تلك المشاهد التي تحتوي على مشاعر مختلفة من حالات نفسية متنوعة.. فرح، حزن، طموح، ولعاب يسيل من منظر لحوم مشوية.. إنها جولة ترفيهية – نفسية مجانية، لكن هل يدرك أحدنا الثمن الذي ندفعه نفسيًا، خاصة على أطفالنا؟
الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذه العادة المسلية قد تترك آثارًا سلبية على الصحة النفسية، فحسب دراسة نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مؤخرًا، فإن مشاهدة الأطفال لمقاطع "الريلز" بكثرة يعود عليهم بتأثيرات سلبية متعددة، منها الإدمان، وقلة التركيز، وتأثير سلبي على نمط الحياة، والتعرض لمحتوى غير مناسب، وقلة النشاط البدني،وذلك لأن خوارزميات التطبيقات تسعى لتقديم محتوى جذاب ومناسب لكل مستخدم، مما يجعل من الصعب التوقف عن مشاهدة "الريلز".
ولمزيد من الإثارة، فإن دراسة أخرى نقلها موقع "إندبندنت عربية" أوضحت أن مشاهدة مقاطع "الريلز" تحفز الدماغ على إطلاق الدوبامين (المادة المسؤولة عن الشعور بالسعادة)، لكن لا تنخدع، فالأمر يشبه خدعة سحرية، حيث ينتهي بك المطاف مدمنًا لهذه الجرعة السريعة من المتعة، لتبحث بعدها عن الفيديو التالي كأنك تبحث عن إبرة في كومة قش.
فإن تدفق المشاهد العاطفية من الضحك إلى البكاء يسبب اضطرابات في النوم وفرط نشاط لدى الأطفال والكبار أيضًا. ببساطة، تتحول إلى شخص يشعر بالحماس والانهيار العاطفي في نفس الدقيقة! يقودك ذلك إلى تبلد في التفكير والمشاعر والإدمان التقني كما أكده علماء النفس في دراسات عدة.
إذا، ما الحل؟ هل نلقي هواتفنا في البحر الميت ونعود للعب كرة القدم في الحارة؟ ليس تمامًا، لكن تقنين وقت المشاهدة أصبح ضرورة وليس رفاهية، تحديد فترة لا تتجاوز 30 دقيقة يوميًا قد يكون كافيًا لمنع عقلك من التحول إلى شاشة بث مباشر 24/7.
وفيما يخص الأطفال، حاول أن تبدل وقت الشاشة بأنشطة تفاعلية وواقعية، مثل الرياضة أو الرسم – أي شيء لا يطلق "لايكات"!
ويبدو أن "الريلز" هي عصا سحرية تضحكنا لدقائق، لكنها تخفي وراءها الكثير من التحديات النفسية. لذا، قبل أن تكمل الفيديو التالي، اسأل نفسك: هل أريد حقًا فاتورة إضافية في عيادة الطب النفسي؟
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/16 الساعة 14:43