السحيمات يكتب: ماذا قدم الأردن لغزة

م.حمزة السحيمات
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/16 الساعة 11:00

مع اقتراب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، المتوقع أن يبدأ صباح الأحد القادم 16كانون الثاني 2025، نسترجع الدور الأردني الرسمي والشعبي للأهل في قطاع غزة. وما قُدّم ليس منّةً على أحد ، بل هو واجب يعكس التزام الأردن التاريخي تجاه القضية الفلسطينية الذي لم يتخلَّ ولن يتخلى عنه.

بدأت خطوات الدعم الأردني بعد أيام قليلة من السابع من أكتوبر 2023، عندما بدأت اسرائيل عدوانها الهمجي على غزة، فطالبت عمّان على الفور بوقف العدوان الغاشم على القطاع. وفي الثامن عشر من أكتوبر 2023، أعلن الأردن إلغاء القمة الرباعية التي كانت مقررة في عمّان بمشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك احتجاجاً على مجزرة المستشفى المعمداني والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى الأبرياء.
وفي الأول من نوفمبر 2023، قامت وزارة الخارجية الأردنية باستدعاء السفير الأردني لدى الكيان الصهيوني فوراً، مع الطلب بعدم عودة السفير الاسرائيلي الى عمان حتى تتوقف الحرب. وكان لجلالة الملك عبدالله الثاني دور بارز في جولاته المكوكية لمختلف دول العالم وسعيه الحثيث لوقف العدوان الغاشم، وتوضيح أن ما يجري لم يبدأ في 7 اكتوبر، بل هو نتيجة ممارسات اسرائيل العدوانية منذ سبعة عقود بحق الفلسطينيين.
وشهدنا جميعنا التحركات والتصريحات والمواقف الديبلوماسية في المحافل الدولية من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي، صاحب عبارة أن "حماس فكرة والفكرة لا تموت". وبعد إغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات الإنسانية الى القطاع، اتخذ الأردن قراراً جريئاً بإرسال المساعدات جواً من خلال سلاح الجو الملكي الأردني، وبدعم من عدة دول عربية وأجنبية، لكسر الحصار المفروض على القطاع. تبع ذلك تقديم المساعدات براً عبر جسر الملك حسين، بعد أن مارس الاردن ضغوطاً على اسرائيل عبر الولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى ذات العلاقة لفتح المعابر، حيث جاءت معظم المساعدات من تبرعات الأردنيين ومن خلال الهيئة الخيرية الهاشمية. كما استقبل الأردن العشرات من الأطفال المصابين بمرض السرطان في مركز الحسين للسرطان.
أما على أرض غزة الصمود، واصل المستشفى الميداني الأردني في الشمال بتقديم خدماته الإنسانية دون توقف رغم كل المخاطر التي عاشها ضباط وأفراد المستشفى، ولم يغلق الأردن المستشفى رغم كل هذه المخاطر، بل أنشاْ مستشفى ميداني آخر في جنوب القطاع بتاريخ العشرين من نوفمبر 2023.
أما على المستوى الشعبي، فقد أدت المقاطعة الشعبية للشركات والعلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني الى إغلاق معظم فروع تلك الشركات في الأردن وخسارة مادية كبيرة للعلامات التجارية الأخرى. كما شهد الأردن تظاهرات ومسيرات شعبية في جميع المحافظات، وكانت حاضرة ولم تغب طيلة هذه الحرب الشعواء، حيث تعاملت الدولة بتوفير الحماية للمشاركين فيها. في وقت لم يكن يستطيع مواطن في دول عربية أخرى حتى التعبير عن رأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان صوت الشباب الأردني يصدح عالياً دعماً واسناداً للأهل في غزة. ولا يمكننا أن نغفل دور الأطباء الأردنيين الذين تطوعوا للذهاب الى القطاع لمعالجة ومداوة المرضى والجرحى من الغزيين.
كل هذا الدعم، ورغم حجم الضغوط الإقليمية والدولية التي تواجه الأردن، إنما يعكس موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية وضرورة صمود أهلها على أرضها الطاهرة. وبرغم محدودية الموارد الاقتصادية للأردن مقارنة بغيره، فإن الأردن، قيادةً وشعباً ، يمتلك من الإنسانية والكرامة والعزيمة التي مكّنته ُمن تقديم هذا الدعم المستمر طيلة فترة العدوان والتي تجاوزت 467 يوماً.

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/16 الساعة 11:00