أسعار المياه والواقع المائي.. أيّ تناقض!

تخيلوا معي بان اسعار «مياه المنازل» الشهرية في الاردن لا تتجاوز ثمن «عبوة مياه» صغيرة يتم شراؤها من اي ماركت او بقالة في المملكة ولايتجاوز ثمنها 15 قرشا، لهذا دعونا نتخيل بان الاردني يستحم ويجلي وينظف ويسقي الزرع المنزلي ويشرب فقط بمبلغ لا يتجاوز ثمن تلك العبوة في دولة تعتبر من الافقر مائيا في العالم واكثرها شحا بهذا المصدر المهم.

لا ابالغ اذا قلت ان اسعار المياه لدينا هي من الاقل بالعالم اذا لم تكن الاقل مقارنة بدول توجد فيها «انهار و بحيرات وينابيع وشلالات ومخزون مياه جوفية ضخم»،غير انني استغرب من حجم الدعم الحكومي الموضوع على الفاتورة والذي يتخطى ضعف قيمة الفاتورة نفسها، وخاصة في ضوء العجز المالي الذي تعيشه المالية العامة لها.

ومن اجل استمرار تدفق المياه اليك دون انقطاع تحتاج لاجراءات استدامة منها الصيانة وايجاد مصادر مياه جديدة، الامر الذي يتطلب كلفا مالية عالية لربما لا تستطيع الدولة تحملها وحدها، فأن تزيد التعرفة قرشا او قرشين لضمان استمراريتها دون انقطاع فهذا امر في مصلحة الجميع،والا من اين لها ان تفعل ذلك ومن يتحمل منا انقطاعها لا سمح الله اياما وشهورا.

في الواقع يمكن للشركات ان لا ترفع التعرفة وان تبقيها على ماهي عليه الان وتحقق بذلك شعبويات كبيرة غير ان النتيجة المستقبلية ستكون كارثية على الجميع من انهيار للشبكة وترهلها وارتفاع فاقد المياه وزيادة الاوضاع تعقيدا ما سيدفعها مجبورة مستقبلا على رفع اسعارها اضعافا مضاعفة.

خلاصة القول، تعرفة المياه لدينا في الاردن لم تتغير منذ 10 سنوات تقريبا فتكلفة المتر الواحد من المياه حاليا تصل لـ 2.4 قرش فيتحمل المستهلك 87 فلسا وتدعم الحكومة ما تبقى بقيمة 1.6 قرش للمتر منها تقريبا، وهذا يعني ان تعديل التعرفة سيكون غير ملموس من المستهلكين على الاطلاق، فلندفع قرشا الان كي لا ندفع دنانير مستقبلا لتراجع كفاءة الشبكة وانقطاع المياه لفترات طويلة مستقبلا.