لجنة 'الفوسفات'.. عبث اقتصادي خطير

علاء القرالة
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/12 الساعة 07:21

كل شيء كنت أتوقع أن يحدث إلا أمرا واحدا، هو أن يتدخل مجلس النواب بالقطاع الخاص وان يذهب باتجاه الرقابة عليه في مخالفة دستورية وقانونية تسيء لسمعة اقتصادنا وتزعزع ثقة المستثمرين به، وتطعن بسوق المنافسة وتفشل مخططات الشراكة بين القطاعين بإقامة مشاريعنا الكبرى، فأي عبث هذا؟.

لا اعرف من اقنع النواب بان تشكيل لجنة لدراسة ملف الفوسفات من صلاحياتهم، ولا اعرف اذا كانوا يعلمون بان الفوسفات شركة مساهمة عامة فيها مستثمرون محلون واجانب وعرب، ولا اعرف اذا كانوا يعرفون بان الحكومة تساهم بهذه الشركة من خلال شركة الاستثمار الحكومي كأي مستثمر اخر بالشركة، واذا ما كانوا يريدون الاطمئنان على اموال الشعب كما يقولون فليشكلوا لجنة للاستثمار الحكومي لا للشركة.
الخبير الدستوري نوفان العجارمة قال في تعليقه على قرار تشكيل لجنة من قبل مجلس النواب بخصوص الفوسفات بانه قرار غير دستوري مستندا الى ان المادة(39/ط) من النظام الداخلي لمجلس النواب باللجنة القانونية أناطت (دراسة الأمور المتعلقة بالفساد المالي والإداري في المؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة ومراقبة إجراءات مكافحة الفساد) حيث قصرت تلك الفقرة دراسة الفساد في (المؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة) دون غيرها، فان هذا الامر لا يمكن التوسع في تفسيره، بحيث يشمل شركات القطاع الخاص بما في ذلك الشركات المساهمة ?لعامة (كشركة الفوسفات).
وأشار الى ان التحقيق في شبه فساد في القطاع الخاص (وتحديدا في الشركات المساهمة العامة) يخرج عن اختصاص مجلس النواب الموقر ابتداءً وانتهاءً، ويدخل ضمن صلاحيات النيابة العامة و من يساعدها من الضابطة العدلية، وتحديدا هيئة النزاهة و مكافحة الفساد وفقا لأحكام المادة (16) من (قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016).
القطاع الخاص خط احمر لايجوز ان نعتليه بـ«الشعبويات» و«تبييض الطناجر» اذا ماكنا نريد جذب استثمارات للمملكة فعلا، خاصة اننا جميعا نعمل حاليا لجذب استثمارات وشراكات للحكومة لاجل انشاء مشاريع كبرى يكون فيها القطاع الخاص شريكا رئيسيا، وهنا لابد من سؤال كيف لاستثمار ان يأتي شريكا للحكومة اذا ما كان هناك من يريد ان يستغل استثمارات الحكومة بتصفية الحسابات.
انا شخصيا اجد ان استكمال المضي بمثل هذه السلوكيات طعنة بخاصرة اقتصادنا لابل هي عرقلة ايضا لمشاريعنا التي لا تحتمل التأجيل، وعلى «مجلس النواب» ان يكون درعا يدافع عن «القطاع الخاص» خاصة تلك الشركات التي تعتبر عمودا فقريا لاقتصادنا وصادرتنا كالفوسفات والبوتاس والاتصالات والموانئ التي تساهم بها الحكومة وكما اي مستثمر اخر لا تملكها ولكنها تستثمر بها.
الجلبة التي قامت ولم تقعد على «رئيس مجلس» ادارة الفوسفات غريبة ومستغربة وجراءة ليست بمكانها ولا زمانها، لسبب ان هذا الرئيس لم يعين من الحكومة بل من المستثمرين في تلك الشركة الذين وثقوا به وحقق لهم نتائج مالية هي الاكبر في تاريخ الشركة، فتخيلوا ان الفوسفات دفعت «ضريبة دخل» بما يعادل كل ما تم دفعه من كل البنوك في المملكة كضريبة فقط، عداك عن العوائد التي جلبتها للحكومة.
خلاصة القول، ان مثل هذا الاجراء وهذه السلوكيات تثير حفيظة وقلقل المستثمرين في وقت نحن نحتاج به الى كل مستثمر لاجل تشغيل ابنائنا ورفع معدلات النمو والصادرات للمملكة، لهذا ارجوكم كفوا عن مثل هذا العبث الذي من خلاله نرعب المستثمرين ونفشل مشاريعنا، وكل هذا لاجل شعبويات فارغة وتصفية حساب ما بين هذا وذاك يدفع ثمنها اقتصادنا، فليكن اقتصادنا وقطاعنا الخاص محصنا عن الترهات.

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/12 الساعة 07:21