ضرورة توحيد جهود المؤسسات الحكومية في ملف الشباب تحت مظلة وزارة الشباب الأردنية: رؤية استراتيجية وتوجه سياسي

مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/09 الساعة 23:07
مدار الساعة - كتب -محمد صبيح الزواهرة -في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي يشهدها الأردن والمنطقة، يُعتبر الشباب عنصرًا أساسيًا في بناء المستقبل وصناعة التغيير. ومع ذلك، تواجه المملكة تحديات في التنسيق بين مختلف المؤسسات الحكومية والشبه حكومية التي تعمل مع الشباب، ما يؤدي إلى تشتت الجهود وتبذير الموارد المخصصة لهذه الفئة المهمة. بناءً على هذه التحديات، من الضروري أن تركز الحكومة الأردنية على استراتيجية وطنية موحدة للشباب تحت إشراف وزارة الشباب، لضمان تنسيق الجهود واستثمار الموارد بشكل فعال، بما يحقق نتائج ملموسة وملائمة لمتطلبات العصر.
رؤية استراتيجية موحدة
تتمثل الفكرة الاستراتيجية في أن تتولى وزارة الشباب الأردنية مسؤولية توحيد ملف العمل الشبابي، حيث تعمل الوزارة كمظلة رئيسية تجمع كافة الجهات الحكومية والشبه حكومية المعنية بشؤون الشباب. هذه الرؤية تتماشى مع مفهوم إدارة التغيير الاستراتيجي (Strategic Change Management)، التي تهدف إلى تحقيق التطوير المستدام من خلال التنسيق والتكامل بين مختلف الأطراف المعنية. هذا التوجه سيحسن من استثمار الموارد والجهود ويقلل من الازدواجية والتكرار، مما يساهم في خلق بيئة عمل أكثر كفاءة.
المنهجية: التحديد المرحلي للأولويات
وفقًا لهذه الاستراتيجية، يجب أن يتم تحديد الأولويات بناءً على احتياجات الشباب في كل مرحلة من مراحل التنمية، بحيث تركز الوزارة في كل فترة على ملف واحد يتم تحديده وفق دراسة علمية مدروسة، مع وضع مؤشرات قياس الأداء (Performance Indicators) دقيقة لمتابعة تقدم العمل في هذا الملف. بعد الانتهاء من فترة العمل على ملف معين، يتم الانتقال إلى ملف آخر وفق الأولويات الجديدة التي تحددها الدراسة الميدانية واحتياجات المجتمع. هذا النهج يضمن التركيز الكامل على ملف واحد، مما يعزز فعالية البرامج ويحد من تبذير الأموال والموارد.
النظريات الإدارية المؤيدة للفكرة
هذه الفكرة تستند إلى نظرية الإدارة الاستراتيجية الوطنية (National Strategic Management Theory) التي تؤكد على أهمية وجود رؤية شاملة ومتكاملة تركز على تحقيق أهداف محددة تسهم في التطوير المستدام للمجتمع. هذا النوع من الإدارة يتطلب التنسيق بين جميع الوزارات والمؤسسات المعنية، بحيث تعمل ضمن خطة متكاملة تُحدد فيها الأهداف، وتُوزع الموارد بشكل عادل وفعال. يُعتبر نموذج الإدارة الاستراتيجية للقطاع العام (Public Sector Strategic Management Model) من أنجح النماذج لتنسيق وتوجيه الجهود الحكومية، حيث يركز على التكامل بين الأهداف الوطنية والموارد المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة.
إضافة إلى ذلك، من المهم أن يكون هناك تعاون وثيق بين وزارة الشباب، وزارة الثقافة، ووزارة الشؤون السياسية، لضمان إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة. هذا التعاون يشكل مثالاً على إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية (Strategic Human Resource Management)، حيث يتم تأهيل الشباب بشكل متكامل من خلال تطوير مهاراتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، مما يساهم في تشكيل قادة المستقبل الذين يتحملون مسؤولياتهم تجاه الوطن بوعي وإدراك سياسي.
ارتباط ذلك برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد
إن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للشباب باعتبارهم نواة التغيير وأداة الضغط نحو دفع الدولة الأردنية إلى الأمام، تشكل أساسًا مهمًا لفهم أهمية تعزيز دور الشباب في المجتمع الأردني. جلالة الملك وسمو الأمير الحسين يركزان على أن الشباب هم القوة الحية التي تملك القدرة على دفع عجلة التقدم في البلاد، وهم العنصر الأساسي في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. إن توحيد الجهود الحكومية والشبه حكومية لخدمة الشباب تحت مظلة وزارة الشباب يتناغم مع رؤية جلالتهما في تمكين الشباب ليكونوا شركاء حقيقيين في صنع القرار والتنمية.
في هذا السياق، من خلال إدارة التغيير الاستراتيجي ومؤشرات قياس الأداء التي تضمن متابعة فعالية البرامج، يمكن للأردن أن يخلق بيئة تنموية متكاملة تؤهل الشباب ليكونوا فاعلين في بناء المستقبل وتوجيه السياسة الوطنية. هذه الاستراتيجية تمثل خطوة مهمة نحو تنفيذ التوجيهات الملكية في تحويل الشباب إلى طاقة محورية، تتحمل مسؤولياتها تجاه الوطن وتساهم بشكل فعّال في صياغة مستقبل الأردن.
إن توحيد الجهود في ملف الشباب تحت مظلة وزارة الشباب الأردنية يعد خطوة استراتيجية حاسمة لإنشاء بيئة سياسية وإدارية متكاملة تخدم مصلحة الوطن والشباب على حد سواء. من خلال هذه الاستراتيجية، سنتمكن من توجيه الموارد بفعالية أكبر لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الفرص لشبابنا ليكونوا قادرين على مواجهة التحديات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية. وبما أن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد تضع الشباب في صلب التغيير والتنمية، فإن هذه الرؤية تحتاج إلى تطبيق عملي ومستمر، مما يتطلب من الحكومة العمل بشكل متكامل وموحد تحت قيادة وزارة الشباب.
وبناءً على ذلك، نأمل أن يتم دعم هذه الرؤية الاستراتيجية وتنفيذها بشكل عاجل، بحيث نتمكن من بناء جيل مؤهل قادر على المساهمة الفعالة في المستقبل، ويسهم في تحقيق الاستقرار والتقدم للمملكة الأردنية الهاشمية. كما أن هناك فرصة سانحة للتنسيق مع المنظمات الدولية في الأردن، للاستفادة من الدعم المالي المتاح، والموارد، والخبرات التي يمكن نقلها إلى مؤسسات الدولة العاملة مع الشباب، مما يعزز من فعالية هذا المشروع ويسهم في تحقيق أهدافه بشكل أكثر شمولية.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/01/09 الساعة 23:07