الذكاء الاصطناعي والإبداع العربي: تطور أم تحدي؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/24 الساعة 12:09
مدار الساعة - كتب: الطالب: إبراهيم محمد إبراهيم المصري - جامعة البلقاء التطبيقية - من الحقائقِ الثابتةِ أنَّ برامج الذكاء الاصطناعي أحدثت ثورةً وتطوراً لجميع لغاتِ العالم، لما في هذه البرامج من ميزاتٍ وتقنيات تخدمُ بها جميعَ اللغاتِ من ضمن هذه اللغات هي اللغة العربية.
فاللغة العربية كبقية اللغات العالمية أصبحت تستفيد من برامج الذكاء الاصطناعي التي تطورت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. ولهذه البرامج فوائد كثيرة أفادت بها اللغة العربية وفي مستوياتها كافة، سواءٌ كان ذلك على مستوى تَعَلُّمِها، أو تحليل نصوصها، أو المساعدة على تطوير مهارات الفرد بها، ولعل الفائدة الأهم لهذه البرامج تكمن في تسهيل عملية البحث عمّا يرغب الفرد بالحصولِ عليه من معلومات وغيرها، فأصبحت هذه البرامج عالماً مليئاً بالمعلومات التي تخص اللغة العربية ومن السهل الوصول إلى أية معلومة يحتاجها الفرد بكل سهولة ويسر أو حتى على مستوى الإبداع وهو العنصر الأبرز في وقتنا الحاضر لقد كان للذكاء الاصطناعي تأثيرٌ كبيرٌ في كثيرٍ من الإبداعات الأدبية وأغراضها وموضوعاتها كافة، فقد ساهمت هذه البرامج في إبداع النصوصِ شعريةً كانت أو نثريةً فأصبحت برامج الذكاء الاصطناعي من الوسائل التي يعتمد عليها كثيرٌ من المبدعين في إنجاز أعمالهم وعلى الرغم ممّا تحمله هذه البرامج من إيجابيات، إلا أنها لا تخلو بطبيعة الحال من سلبيات، فأصبحت هذه البرامج تتحول من برامج مساعدة إلى وسيلة (للإبداع الكاذب)، فأصبح من الصعب التمييز إن كان الإبداعُ هو عملاً إنسانياً أم إبداعَ برامجِ الذكاء الاصطناعي؟ في ظلِ وجود برامج قادرة على محاكاة ما يقوم بهِ الإنسان، بل قد تفوق عليه وتقوم بأفضل ممّا يقوم به وهذا الأمر سيؤدي إلى فوضى على مستوى الإبداع فنحن أمام تطور عصري كبير، لكن هذا التطور أصبح يضعنا أمام احتمالات خطيرة، من أبرزها إمكانية أن يؤدي هذا التطور إلى موت المبدع واندثار دوره في ظل وجود برامج قادرة على أداء ما يقوم به المبدع (الإنسان) بكفاءة عالية، بل قد تتجاوز في بعض الأحيان قدرة الإنسان وكفاءته في العمل الإبداعي ومن هذا المنطلق أصبحت لهذه البرامج جوانب إيجابية وجوانب أخرى سلبية في الوقت نفسه وفي ظل هذا التطور المشهود على مستوى الذكاء الاصطناعي، لا نعلم ما الذي ستؤول إليه هذه اللغة.
هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على عنصر رئيسي من عناصر الإبداع وهو المبدع؟ إن التطورات التي يشهدها عصرنا وتجاربه تدل على أن هذا الاحتمال بات قريباً جداً، ومن وجهة نظري أقول: إن اللغة العربية مقبلة على فقدان هذا العنصر البشري الأساسي في عملية الإبداع لأسباب عدة من أبرزها هو أننا أصبحنا نشاهد إبداعاتٍ وأعمالاً قام الذكاء الاصطناعي بإبداعها وهي أعمال توازي الأعمال البشرية وربما تتجاوزها وتتفوق عليها في بعض الأحيان.
لكن السؤال هنا: هل الذكاء الاصطناعي يملكُ الموهبة التي يملكُها المبدع (الإنسان)؟ وهل هو قادر على محاكاة هذه الموهبة؟ يبقى هذا الأمر رهيناً لآراء النقاد لكن من وجهة نظري إن الموهبة أمر رباني يصعب على أي برنامج ذكاء اصطناعي مهما بلغ من التطور والتميز أن يَمْلِكَها، ولكن مع ذلك ليس من المستحيل أن يحاكيها لكن ستبقى هذه المحاكاة بعيدة عن الشعور والإحساس الحقيقي الذي يحويه الإنسان.
فهذا الأمر وضع النقاد أمام تساؤلات كثيرة فمن أبرز هذه التساؤلات إذا كان العمل الإبداعي مشتركاً بين برنامج الذكاء الاصطناعي والإنسان فلمن الحق في نسبة العمل إليه؟ هل هو من حق البرنامج؟ أم من حق المبدع؟ أم من حقهما معاً؟
فالأمر تحول إلى فوضى في كثير من الأمور التي تخص الإبداع والابتكار، والتي لا يوجد لها إجابات إلى وقتنا الحاضر وحتى على مستوى البحوث والدراسات وغيرها فأصبح الكثير من الأشخاص يلجأون إلى برامج الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم.
وهنا نحن أمام سؤال مهم جداً في ما يخص الأمانة العلمية، وهو هل من الأمانة العلمية أن يعتمد المبدع أو الباحث على برامج الذكاء الاصطناعي في إنجاز أعمالهم وفي النهاية ينسبون هذه الأعمال إليهم؟ فمن المؤكد أنَّ هذه الأعمال أصبحت بعيدة كل البعد عن الأمانة العملية لكن يبقى الأمر رهيناً لآراء النقاد والمتلقين في ظل عدم وجود ضوابط ومعايير تضبط هذا الأمر.
وفي ختام هذه المقالة، يبقى للذكاء الاصطناعي فضلٌ كبيرٌ في خدمة اللغة العربية، على الرغم من وجود سلبيات قد تضع عاتقاً كبيراً على المؤسسات التعليمية والثقافية والنقاد لمحاولة ضبط الأمور. لكن تبقى الإيجابيات هي العنصر الأبرز في هذه البرامج، التي ساعدت الإنسان في التخلص من كثير من الصعوبات والتحديات التي كانت تواجه اللغة العربية وأصبح من السهل اليسير الاستفادة من اللغة، في ظل وجود هذه البرامج التي تملك ميزات كثيرة جداً، لمساعدة الإنسان على الاستفادة منها بطريقة سليمة لا بطريقة سقيمة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/24 الساعة 12:09