خضر يوقّع في المكتبة الوطنية روايته «يافا.. بوينس آيريس.. يافا» : رحلة عودة (صور)
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/27 الساعة 04:14
مدار الساعة - وسط حضور لافت، وقّع الكاتب والإعلامي محمد جميل خضر مساء أمس في المكتبة الوطنية، الطبعة الثانية من روايته الأولى "يافا.. بوينس آيريس.. يافا" الصادرة قبل أيام عن دار "الأهلية للنشر والتوزيع" في عمّان.
خضر طلب من الحضور في مستهل حفل التوقيع الذي قدم مداخلات نقدية فيه الروائي السوري خيري الذهبي والشاعر عمر شبانة، الوقوف دقيقة حداد على روح الفنان الراحل ياسر المصري، مستذكراً إضاءات من مسيرته الفنية الدرامية الحافلة، ملاحظاً المشاركة الرسمية الخجولة في مختلف تفاصيل رحيله من جنازةٍ وبيت عزاء وما إلى ذلك.
مشاركة الروائي السوري خيري الذهبي في حفل التوقيع حملت دلالات مهمة، وهي مشاركة أصرّ عليها الروائي الذي يقيم حالياً في عمّان، رغم وعكة صحية ألمّت به قبيل حفل التوقيع بساعات.
الذهبي ذهب في مداخلته النقدية إلى أن الفلسطيني حين يعقد العزم على الكتابة، فإن فلسطين تكون حاضرة في باكورة ما يكتبه شعراً أو نثراً أو دراسات نقدية. وهو ما لاحظه، كما يوضح، من مجمل الكتابات الفلسطينية التي اطّلع عليها. في هذا السياق يبيّن الذهبي صاحب المسيرة الروائية الممتدة على مساحة 44 عاماً، أن ما يميّز ذهاب محمد جميل خضر لهاجسه الفلسطيني عند إنجازه روايته الأولى، هو ابتعاده في هذا الخيار عن النمطية والشعاراتية والمباشرة، مثنياً على المدخل الذي ولج من خلاله خضر إلى فلسطينه: الموسيقى. مستعرضاً مفاصل رئيسية في الرواية الواقعة بـ 362 صفحة من القطع المتوسط، يتوقف الذهبي صاحب رواية "لو لم يكن اسمها فاطمة"، عن قضايا محورية وربما إشكالية في آن، مكونات المجتمع الفلسطيني قبل عام 1948؛ البعد الحضري والمديني للشعب الفلسطيني، خصوصاً في المدن الساحلية مثل يافا وحيفا وعكا. كما يتوقف عند الربط الذي قصده خضر في الرواية بين فلسطين والعراق ولبنان وكثير من دول المهجر اللاتينيّة، متأمّلاً بعمق الغاية من جعل العود (أحد أبطال الرواية) يُصنع في العراق على يد العواد محمد فاضل، قبل أن يعود به الفنان محمد غازي (أحد ركائز الرواية) هدية عراقية لفلسطين. "الموسيقى وجهة ذكية ومغايرة يعبر خضر من خلالها إلى فلسطينه"، يقول الذهبي صاحب رواية "الإصبع السادسة". الشاعر عمر شبانة وضع يده في مداخلته على نقاط جوهرية شكّلت عناصر إيجابية في رواية خضر الأولى التي صمم غلافيها بشكل أخّاذ الشاعر زهير أبو شايب. شبانة صاحب ديوان "سيرة لأبناء الورد"، يتساءل في مستهل مداخلته: هل يمكن اعتبار العمل رحلة بحث روائية عن الموسيقار الفلسطيني محمّد غازي؟ أم هل هو رصد لوجهات الشتات الفلسطيني، وصولاً للهجرات التي سبقت الشتات بمائة عام تقريباً عندما هاجر منذ منتصف القرن التاسع عشر، كثير ممن آثروا الهروب من التجنيد العثمانيّ القسري، فلسطينيون من بيت لحم على وجه التحديد وسوريون ولبنانيون هاجروا إلى تشيلي وغيرها هروباً من جحيم السفربرلك وويلات الحروب التي خاضتها آنذاك الدولة العثمانية ضد الامبراطورية الروسية؟ شبانة صاحب ديوان "احتفال الشبابيك بالعاصفة" يتوقف في مداخلته عند سيرة الموسيقار الفلسطيني محمد غازي، وما تعرض له من إهمال وتهميش، مسترسلاً هنا حول الدور الذي لعبه فنانون وإعلاميون فلسطينيون خلال النصف الأول من القرن العشرين، في النهضة الفنية والإعلامية العربية في لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر وغيرها. ومن بين هؤلاء يستعرض شبانة إضافة لمحمد غازي وصبري الشريف، بعض الأسماء: رياض البندك، عبود عبد العال، وروحي خمّاش وغيرهم. ومن الإعلاميين: صبحي أبو لغد ومحمد الغصين وكامل قسطندي وغيرهم. في سياق آخر، يصف شبانة الذي صدرت له قبل أسابيع عن هيئة الكتاب في القاهرة، مجموعة مختارات شعرية حملت عنوان: "تحوّلات طائر الفينيق"، دقة وصف خضر للأمكنة كما لو أنه يتلمس غرف بيته، يقول شبانة حول هذه التفصيلة: "في ذكره للأمكنة الفلسطينيية، وخصوصًا يافا، يتجوّل فيها كما لو كانت مدينته التي يعيش فيها، شوارعها ومقاهيها وفنادقها، في جولة تحمل بعدين أو أكثر، البعد السياحيّ السطحيّ للمدينة، والأهمّ هو البعد التاريخيّ والحضاريّ لها، حيث تبدو مدينة أسطوريّة مقدّسة، رغم الوصف التفصيليّ لجوانب من حياة الناس ونقاشاتهم. وهذا ما يحدث تجاه كلّ مدينة يأتي عليها المؤلّف، حيث يبدي معرفة واسعة بالخرائط وأسماء المدن والشوارع والفنادق، كما لو كان دليلًا سياحيّا، ولكنّه دليل مرتبط بالمكان "ارتباطًا ثقافيّا" لو جاز لنا هذا التعبير، إذ يبدو هذا الارتباط، في حميميّة اللغة التي يكتب بها، وهي حميميّة تبلغ حدود التقديس و"الأسطرة". الروائي محمد جميل خضر قدّم شهادة حول تجربته مع منجزه الروائي الأول قال فيها: "بنت المصادفة "يافا.. بوينس آيرس.. يافا".. بنت اللحظة الفارقة عندما نقرر أن نرتقي أمواج المغامرة الكبرى.. بنت الحلم وبنت البلاد وبنت الجنون.. عند أبواب الانكفاء، جرّدتُ أصابعي من النوسان، عكفتُ أكتب وأرسم وأصنع الحدث. فلسطين حاضرة دائماً، فهي بوصلتي وقبلتي وصلاتي. منجزها الحضاريّ المدينيّ الجماليّ كان حاضراً أيضاً. الارتقاء فوق الوجع جعلني أنسج من قصة العود حلماً. التحايل كان رفيقي مرّة، والوضوح رفيقي مرّات". وفي نهاية الحفل قدم الفنان محمد قنديل وصلة غنائية، جاب خلالها مع عوده حدائق الطرب الأصيل، مختاراً من أرشيف الفنان محمد غازي بعض موشحاته وموروثه الغنائي الموسيقي الفذ، الذي أكد قنديل قبل أن يبدأ الغناء أنه موروث لا يقل شأناً عن موروث عمالقة الغناء العربي لو نال الإنصاف الذي يستحقه.
الذهبي ذهب في مداخلته النقدية إلى أن الفلسطيني حين يعقد العزم على الكتابة، فإن فلسطين تكون حاضرة في باكورة ما يكتبه شعراً أو نثراً أو دراسات نقدية. وهو ما لاحظه، كما يوضح، من مجمل الكتابات الفلسطينية التي اطّلع عليها. في هذا السياق يبيّن الذهبي صاحب المسيرة الروائية الممتدة على مساحة 44 عاماً، أن ما يميّز ذهاب محمد جميل خضر لهاجسه الفلسطيني عند إنجازه روايته الأولى، هو ابتعاده في هذا الخيار عن النمطية والشعاراتية والمباشرة، مثنياً على المدخل الذي ولج من خلاله خضر إلى فلسطينه: الموسيقى. مستعرضاً مفاصل رئيسية في الرواية الواقعة بـ 362 صفحة من القطع المتوسط، يتوقف الذهبي صاحب رواية "لو لم يكن اسمها فاطمة"، عن قضايا محورية وربما إشكالية في آن، مكونات المجتمع الفلسطيني قبل عام 1948؛ البعد الحضري والمديني للشعب الفلسطيني، خصوصاً في المدن الساحلية مثل يافا وحيفا وعكا. كما يتوقف عند الربط الذي قصده خضر في الرواية بين فلسطين والعراق ولبنان وكثير من دول المهجر اللاتينيّة، متأمّلاً بعمق الغاية من جعل العود (أحد أبطال الرواية) يُصنع في العراق على يد العواد محمد فاضل، قبل أن يعود به الفنان محمد غازي (أحد ركائز الرواية) هدية عراقية لفلسطين. "الموسيقى وجهة ذكية ومغايرة يعبر خضر من خلالها إلى فلسطينه"، يقول الذهبي صاحب رواية "الإصبع السادسة". الشاعر عمر شبانة وضع يده في مداخلته على نقاط جوهرية شكّلت عناصر إيجابية في رواية خضر الأولى التي صمم غلافيها بشكل أخّاذ الشاعر زهير أبو شايب. شبانة صاحب ديوان "سيرة لأبناء الورد"، يتساءل في مستهل مداخلته: هل يمكن اعتبار العمل رحلة بحث روائية عن الموسيقار الفلسطيني محمّد غازي؟ أم هل هو رصد لوجهات الشتات الفلسطيني، وصولاً للهجرات التي سبقت الشتات بمائة عام تقريباً عندما هاجر منذ منتصف القرن التاسع عشر، كثير ممن آثروا الهروب من التجنيد العثمانيّ القسري، فلسطينيون من بيت لحم على وجه التحديد وسوريون ولبنانيون هاجروا إلى تشيلي وغيرها هروباً من جحيم السفربرلك وويلات الحروب التي خاضتها آنذاك الدولة العثمانية ضد الامبراطورية الروسية؟ شبانة صاحب ديوان "احتفال الشبابيك بالعاصفة" يتوقف في مداخلته عند سيرة الموسيقار الفلسطيني محمد غازي، وما تعرض له من إهمال وتهميش، مسترسلاً هنا حول الدور الذي لعبه فنانون وإعلاميون فلسطينيون خلال النصف الأول من القرن العشرين، في النهضة الفنية والإعلامية العربية في لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر وغيرها. ومن بين هؤلاء يستعرض شبانة إضافة لمحمد غازي وصبري الشريف، بعض الأسماء: رياض البندك، عبود عبد العال، وروحي خمّاش وغيرهم. ومن الإعلاميين: صبحي أبو لغد ومحمد الغصين وكامل قسطندي وغيرهم. في سياق آخر، يصف شبانة الذي صدرت له قبل أسابيع عن هيئة الكتاب في القاهرة، مجموعة مختارات شعرية حملت عنوان: "تحوّلات طائر الفينيق"، دقة وصف خضر للأمكنة كما لو أنه يتلمس غرف بيته، يقول شبانة حول هذه التفصيلة: "في ذكره للأمكنة الفلسطينيية، وخصوصًا يافا، يتجوّل فيها كما لو كانت مدينته التي يعيش فيها، شوارعها ومقاهيها وفنادقها، في جولة تحمل بعدين أو أكثر، البعد السياحيّ السطحيّ للمدينة، والأهمّ هو البعد التاريخيّ والحضاريّ لها، حيث تبدو مدينة أسطوريّة مقدّسة، رغم الوصف التفصيليّ لجوانب من حياة الناس ونقاشاتهم. وهذا ما يحدث تجاه كلّ مدينة يأتي عليها المؤلّف، حيث يبدي معرفة واسعة بالخرائط وأسماء المدن والشوارع والفنادق، كما لو كان دليلًا سياحيّا، ولكنّه دليل مرتبط بالمكان "ارتباطًا ثقافيّا" لو جاز لنا هذا التعبير، إذ يبدو هذا الارتباط، في حميميّة اللغة التي يكتب بها، وهي حميميّة تبلغ حدود التقديس و"الأسطرة". الروائي محمد جميل خضر قدّم شهادة حول تجربته مع منجزه الروائي الأول قال فيها: "بنت المصادفة "يافا.. بوينس آيرس.. يافا".. بنت اللحظة الفارقة عندما نقرر أن نرتقي أمواج المغامرة الكبرى.. بنت الحلم وبنت البلاد وبنت الجنون.. عند أبواب الانكفاء، جرّدتُ أصابعي من النوسان، عكفتُ أكتب وأرسم وأصنع الحدث. فلسطين حاضرة دائماً، فهي بوصلتي وقبلتي وصلاتي. منجزها الحضاريّ المدينيّ الجماليّ كان حاضراً أيضاً. الارتقاء فوق الوجع جعلني أنسج من قصة العود حلماً. التحايل كان رفيقي مرّة، والوضوح رفيقي مرّات". وفي نهاية الحفل قدم الفنان محمد قنديل وصلة غنائية، جاب خلالها مع عوده حدائق الطرب الأصيل، مختاراً من أرشيف الفنان محمد غازي بعض موشحاته وموروثه الغنائي الموسيقي الفذ، الذي أكد قنديل قبل أن يبدأ الغناء أنه موروث لا يقل شأناً عن موروث عمالقة الغناء العربي لو نال الإنصاف الذي يستحقه.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/08/27 الساعة 04:14