الحواتمة يكتب: في اليوم الوطني: العلاقات القطرية الأردنية في أفضل حالاتها

الدكتور عادل الحواتمة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/18 الساعة 11:50

هناك تشابه إلى حد كبير بين ظروف نشأة واستقلال دولتي قطر والمملكة الأردنية الهاشمية. فالحماية والانتداب البريطاني كانا شكلين من أشكال الهيمنة البريطانية على البلدين، والتي مارست من خلالهما بريطانيا هيمنتها على منطقتي الخليج وبلاد الشام، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن تلك الممارسات جوبهت بكلا البلدين بإصرار ومقاومة شعبية لإبراز استقلال البلدين من خلال هويتهما العربية والإسلامية الجامعة. فلقد كان العام 1887 حاسمًا بالنسبة لدولة قطر؛ عندما ظهرت ككيان سياسي موحد اجتماعيًا تحت إمرة المغفور له الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني والذي يُعد مُؤسس دولة قطر الحديثة، والتي تخلصت من معاهدة الحماية مع بريطانيا عام 1971 وحصلت على استقلالها. كما كان العام 1921 تاريخ ولادة كيان الأردن سياسيًا من خلال تأسيس إمارة شرق الأردن، والذي حصل على استقلاله لاحقًا عام 1946.

تشارك البلدان تاريخًا عسكريًا متشابهًا من خلال المعارك التي خاضاها ضد الجيل التركي من الدولة العثمانية، بعد أن تخلت بآخرعهدها عن وظيفتها كامبراطورية عثمانية حامية للدين الإسلامي، والتي كانت تحكم بمنهجه بشكل متوازن وكان بمثابة عقدًا اجتماعيًا وسياسيًا بينها وبين الأمصار العربية والإسلامية، إلا أن هذا تغير لاحقًا؛ فغابت العدالة والمساواة وبرزت العنصرية وسياسة التتريك؛ فكانت وقودًا للثورات والمعارك المختلفة التي خاضتها قطر بقيادة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني في العام 1893 في معركة الوجبة ضد الأتراك بقيادة والي البصرة محمد حافظ باشا، حيث انتصرت القوات القطرية على القوات التركية رافعةً من معنويات القطريين والعرب بأن الظلم والتهميش لا بد وأن يزول ما دام هناك كرامة وعِزّة وإصرار. وبالمقابل، كانت الثورة العربية الكبرى عام 1916 رمزًا لمقاومة الظلم التركي بشكل أشمل بعد مجموعة مقدمات لثورات داخلية محدودة بالأردن كثورة قبيلة بني حميدة عام 1889 وثورة الشوبك 1905، وثورة الكرك عام 1910.
لقد أسس هذا التاريخ المشترك لعلاقات راسخة بين البلدين؛ حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية في العام 1972 والتي شهدت بداية تعاون وثيق في المجالات العسكرية والقضائية والتعليمية. فالقيادات السياسية المتعاقبة في البلدين حريصة على ديمومة وتنمية العلاقات الثنائية في كافة المجالات؛ حيث كان المغفور له الملك الحسين بن طلال أول زعيم في العالم زار قطر وهنأ سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بمناسبة توليه مقاليد الحكم، كما كان جلالة الملك عبدالله الثاني أول زعيم عربي يزور قطر ويهنئ سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بمناسبة تسميته أميرًا لدولة قطر. الزيارات الثنائية بين الزعماء لا تتوقف، وتدفع بالعلاقات لمستوىً متقدم، حيث يوجد أكثر من 20 مذكرة تفاهم واتفاقية في مجالات مختلفة في التعليم، والنقل، والصحة، والاستثمار، والدفاع، كما يوجد أثر من 1550 شركة أردنية قطرية تعمل في قطر، وتزيد الجالية الأردنية في قطر عن سبعون ألفًا. وتعد الدوحة من أكبر الدول المُستثمرة بالسوق الأردني، كما أنها لا تتوقف عن إبراز الدور الأخوي كلما كان الأردن في ضائقة مالية نتيجة أعباء اللاجئين وشُح دعم الأنوروا.
تتطابق المواقف السياسية للبلدين في كثير من المجالات فكلا البلدين يستعد لأجندات الإدارة الأمريكية الجديدة. كما أنهما يتشاركان المواقف المُقاومة للاعتداء البربري الذي تقوده إسرائيل ضد أخوتنا في فلسطين، وبشكل خاص في غزة، وكلاهما يسعى أيضًا لتفعيل أدوار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لتقودا جهود العمل العربي والإسلامي المشترك. العلاقات الأخوية بين البلدين في طريقها للتطور والازدهار نتيجة الحاجة المُلّحة لحالات تكامل ناجحة بين الدول العربية، ولإدراك القيادتين أيضًا أهمية وضرورة ذلك. ولا يسعنا في الختام، إلا أن نقول: كل عام وقطر بألف خير شعبًا وقيادةً ونحو مزيد من الازدهار والإنجاز بإذن الله.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/18 الساعة 11:50