عندما ساهمت الولايات المتحدة في تأسيس نظام ولاية الفقيه بإيران!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 16:47

مدار الساعة- قبل توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكُبرى الذي صحبه توقعات تقارب مفتوحة الاحتمالات؛ كانت إيران بمثابة الشيطان الأكبر بالنسبة للولايات المُتحدة الأمريكية التي كانت كذلك بدورها بالنسبة لإيران، بحسب ما تُبرز الخطابات والمواقف الرسمية لكلتا الدولتين.

لكنّ المثير للاهتمام حقًا، هو المُساهمة الأمريكية بصورة أو بأخرى في تشكيل “إيران ولاية الفقيه”، أو ما يُعرف بالثورة الإسلامية في إيران، التي صعّدت أوجهًا مُتطرفة في تعاطيها مع الولايات المتحدة و”الغرب” بصورة عامة.

ماذا تعرف عن سليل العائلة المالكة الذي ثار على قريبه الشاه؟

ينتمي محمد مُصدّق لعائلة أرستقراطية مرموقة. كان والده جابيًا للضرائب، ووالدته حفيدة شاه فتح علي شاه ثاني حُكام السلالة القاجارية التي حكمت إيران حتى عام 1925، قبل انقلاب رضا بهلوي على الشاه أحمد مرزا القاجاري.

محمد مصدق الذي ولد في يونيو 1882 بطهران، يُعتبر أكثر عراقة من حيث النسب، من محمد رضا بهلوي آخر شاهٍ لإيران، الذي ينتمي لأسرة امتهنت الجندية في ظل حكم السلالة القاجارية التي كانت حاكمة للبلاد منذ عام 1779. فيما كانت عائلة بهلوي حديثة عهد بالشاهانية التي حصلوا عليها على يد رضا بهلوي والد محمد الذي تولى بدوره الحكم بتدخل بريطاني مُباشر عام 1941.

أمّا مُحمد فقد سُمّي مُصدّق كلقب شرفي ناله من الأسرة القاجارية الحاكمة، لعمله هو شخصيًا في جباية الضرائب وصولًا إلى منصب المُستوفي أو رئيس جامعي الضرائب في سن صغيرة. لاحقًا انتقل إلى أوروبا لدراسة الماجستير والدكتوراه، في وقت مُتزامن مع اضطراب الوضع الداخلي في إيران، التي شهدت هبّات سياسية ضد نظام الشاه القاجاري الضعيف، حيث كانت بلاده وقتها حرفيًا بمثابة ضيعةٍ خاصة ببريطانيا وروسيا.

عُرفت تلك الهبّات السياسية بالثورة المشروطة، أو الثورة الإيرانية الدستورية، والتي قادتها في البداية طبقة التُجار على إثر فرض مزيد من الضرائب عليهم بُغية سداد الشاه ديونه لروسيا. والأموال التي استدانها الشاه كانت بغرض الصرف على نمط حياته شديد البذاخة والإسراف.

تحوّلت الثورة وقتها إلى ثورةٍ سياسية تطالب بوضع دستور حاكم للسلطات، وإنشاء مجلس نيابي لتمثيل الشعب. وبالفعل حدث الأمر في 1906 إذ دُعي لأوّل انتخابات برلمانية في إيران، كما تأسس المجلس الذي دفع هو الآخر نحو صياغة دستور على شاكلة الدستور البلجيكي.

محمد مُصدق كان ممن انتخبوا للبرلمان عن دائرة أصفهان. فضلًا عن كونه من الأسماء السياسية التي ساهمت في الثورة المشروطة. كان وقتها في الرابعة والعشرين من عمره. ومن وقتها بدأت حياته السياسية، التي تنقّل فيها بين المناصب المُختلفة داخل الجهاز التنفيذي فضلًا عن التشريعي.

وكما هو واضح فقد كانت اتجاهاته السياسية الإصلاحية حاكمة لتحركاته، التي من بينها التحرك ضد شاه إيران الذي هو قريب له بشكل أو بآخر من جهة أمه. السياسة الإصلاحية أيضًا كانت حاكمة له في التعامل مع نوع آخر من الحراك الثوري، وهو الذي أطاح بحكم السلالة القاجارية، آتيًا بأُخرى وهي البهلوية.

في عام 1925 عرض بعض نواب البرلمان إصدار تشريع بعزل الشاه أحمد القاجاري، وحل مؤسسة الحكم القاجارية، وإبدالها بأخرى بقيادة رضا خان، الذي سيصبح الشاه رضا بهلوي. كان مُصدّق رافضًا لهذا المُقترح، وكان يرى أنّه بمثابة الانقلاب الصريح على دستور 1906، وفي المُقابل لذلك عرض أن يبقى رضا خان رئيسًا للوزراء. لكن على ما يبدو كان لرأي محمد مصدق قلّة مُقتنعة به داخل البرلمان، الذي قرر أخيرًا خلع الشاه أحمد القاجاري، وتعيين رضا البهلوي شاهًا جديدًا للبلاد.

رضا بهلوي (يسار) بصحبة كمال أتاتورك (يمين)

رضا بهلوي كان قبل ذلك وزيرًا للدفاع، قاد انقلابًا على الحكومة عام 1921، ثُم تولى رئاسة الوزراء ما بين عامي 1923 و1925 قبل انقلابه على العرش ليصبح بدوره شاهًا جديدًا للبلاد وأول حاكم لعائلة بهلوي التي لم تنعم كثيرًا بالحُكم.

عقب ذلك وبسبب موقفه الرافض للانقلاب على العرش من قبل رضا بهلوي، انعزل محمد مصدق بنفسه عن الحياة السياسية، أو يُقال إنّه أُجبر على اعتزال السياسية، ونُفي إلى قريته لفترة طويلة، حتى نفي رضا بهلوي ووصول نجله إلى سُدّة الحكم.

ماذا حدث عندما أمم مصدق النفط الإيراني؟

عام 1941 تعرّضت إيران لغزو مُزدوج من بريطانيا في الجنوب والاتحاد السوفيتي في الشمال. كلتا الدولتان بسطتا نفوذهما بشكل صريح على مُقدرات البلاد الاقتصادية، وكرستا لتحكمهما السابق في الشؤون السياسية، ومن ذلك خلع رضا بهلوي الذي قيل إنّه كان مُتعاطفًا مع هتلر في الحرب العالمية الثانية.

نُفي رضا بهلوي إلى الهند ومنها خرج أخيرًا إلى جنوب إفريقيا. وعُيّن نجله محمد وريثًا للعرش. في تلك الفترة عاد محمد مصدق إلى الحياة السياسية مرة أخرى، ليعاد انتخابه نائبًا في البرلمان عام 1944، ومنه انطلق إلى تشكيل اتحاد مُعارض لنظام الشاه من جهة، وللاستعمار الأجنبي من جهة أُخرى. هذا الاتحاد عُرف بالجبهة الوطنية، التي كان يطمح مصدق من خلالها إلى تقليص سلطات الشاه إلى أكبر قدر ممكن، فيما يشبه النموذج البريطاني، بحيث يُصبح منصب الشاه شرفيًا بعيدًا عن شؤون الحُكم. بالإضافة إلى ما يخص نظام الحكم الداخلي، كان مصدق مُعارضًا للتدخلات الأجنبية التي وصلت إلى حد التحكم شبه الكامل في المُقدرات الاقتصادية وعلى رأسها النفط الإيراني الذي ساهم كثيرًا في تمويل دول التحالف وعلى رأسها بريطانيا في حربها ضد هتلر ودول المحور.

وصل مصدق إلى رئاسة الوزراء أخيرًا عام 1951، ولكن هذا الوصول كانت له مُسبباته، وقد اشتعلت الأوضاع في البلاد قُبيله بما لا يُمكن تغافل ذكره. شهدت البلاد موجة احتجاج شديدة وواسعة مُطالبة بتأميم النفط الإيراني الذي كانت تُسيطر عليه شركة بريطانية تقريبًا لم تكن تُعطي إيران شيئًا من إيرادات النفط. شارك في الاحتجاجات طيف واسع من الشعب الإيراني، بعضه لجأ لأعمال شغب وبعضٍ من العُنف. وقتها كان اللجوء إلى تهدئة الوضع العام الفكرة الأقرب للصواب، وهو بالفعل ما لجأ إليه الشاه بموافقته تعيين مصدق رئيسًا للوزراء بعد أن استقر البرلمان عليه إثر انتخابات حاز فيها على أغلبية ساحقة.

عُيّن مصدق رئيسًا للوزراء عام 1951

أمّا عن سياسات مصدق نفسها، فقد تخللتها العديد من الإصلاحات على المُستوى الاجتماعي بأن قرر صرف بدلات بطالة وغير ذلك، وعلى المُستوى الاقتصادي بأن قام فور استلامه المنصب باستصدار قرار بتأميم النفط الإيراني وإلغاء الامتياز المُعطى للشركة البريطانية والذي كان من المُفترض أن ينتهي بحلول عام 1993!

عائدات النفط تُمكننا من تحقيق كامل الميزانية وأن نُكافح الفقر والمرض والتخلف. أيضًا عندما نقضي على قوة تلك الشركة البريطانية، فإننا بذلك نقضي على الفساد والتآمر الذي أثر على شؤون بلادنا الداخلية. عندما نقضي على تلك الوصاية نهائيًا، تُكون إيران قد حققت استقلالها الاقتصادي والسياسي. –محمد مصدق

بإمكاننا أن نخلص من كلمات مصدق هذه – التي قالها في خطاب عن خطوة التأميم أمام البرلمان – إلى مشروعه وتوجهه السياسي الخاص ببلاده: الاستقلال. مطالب مصدق كانت تتمحور غالبًا باتجاه استقلال بلاده من الوصاية الأجنبية من جانب، واستقلال إرادة شعبه بتقليص سُلطة الشاه من جانب آخر.

وبعد أن كان الشاه بمثابة الوسيط ما بين مصدق وبريطانيا، تحوّل الصراع بشكل واضح إلى ما بينهما دون وساطة. أصبح مصدق بمثابة العدو الأوّل لبريطانيا في منطقة الخليج العربي. لذا فقد أعقبت قراره بتعزيز وجودها العسكري في مياه الخليج العربي. كما ذهبت إلى مُقاضاة مصدق أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة “انتهاكه حقوقها النفطية” التي قُررت لها وفقًا للامتياز الذي لغاه مصدق.

على جانب آخر، دخل مُصدّق في صراع آخر مع الشاه، حول حق تعيين وزير الدفاع، حيث كان الشاه هو من يُعين وزير الدفاع، لكن مصدق رأى أنّ حقه الدستوري أن يباشر هو هذه المهمة بصفته رئيسًا للوزراء الذين من بينهم وزير الدفاع. وكانت هذه بداية توجهه نحو تقليص صلاحيات وسُلطات الشاه وأسرته الحاكمة.

 الشاه محمد رضا بهلوي

مع إصرار الشاه على موقفه، تقدّم مصدق باستقالة ألحقها بخطاب للشعب أوضح فيه أسباب استقالته، بأنّها عائدة إلى أن “ما ناضل الشعب الإيراني من أجله لم يتحقق أخيرًا”. استقالة مصدق وتعيين رئيس وزراء أعلن نيته دخول مفاوضات مع الإنجليز لإنهاء أزمة النفط؛ دفعت المعارضة بأطيافها للخروج إلى الشارع في مظاهرات عارمة مُؤيدة لمصدق. المُظاهرات في النهاية أجبرت الشاه أن يُعيد مصدق لرئاسة الوزراء مع حق تعيين وزير الدفاع.

بعد أن تمكّن رئيس الوزراء القوي، محمد مصدق، من السيطرة على قرار تعيين وزير الدفاع، قام بخفض ميزانية هذه الوزارة، فضلًا عما يُمكن تسميتها بعملية التطهير التي تضمنت الضباط الكبار الموالين للشاه. وما أن انتهى من ذلك، حتى تقدّم خُطوة أخرى إلى الأمام بخفضه المُخصصات المالية للقصر الملكي. بالإضافة إلى وضعه المُؤسسات المدنية التابعة لأسرة الشاه، تحت الرقابة القانونية التي يُشرف هو شخصيًا عليها. وأخيرًا انتهى مُصدق بأن أمم الأراضي الزراعية التي كانت تُسيطر عليها قلة إقطاعية من الأسرة المالكة أو كبار التُجار والساسة.

في خضم تقدّم مصدق لإرساء أركان مشروعه العام، كانت البلاد تتخبط على مُستوى القاعدة لأسباب تتعلق غالبًا بالفقر وزيادة مُعدلات البطالة مع انخفاض حاد في قيمة العملة، على إثر العقوبات التي فرضتها بريطانيا على إيران، بخاصة إغلاقها كافة المنافذ أمام النفط الإيراني. وعلى إثر هذه الضغوطات زادت حدة التوترات بين التحالف الذي شكّله مشروع مصدق بداية الأمر داخل البرلمان. بدأ حُلفاء الأمس في الانقلاب عليه، سواءً الأحزاب اليسارية أو الإسلامية، التي تبنت فتوى أصدرها رجال دين بأنّ مصدق عدو للإسلام لتحالفه مع اليسار!

على جانب آخر، الخلافات بين مصدق وبريطانيا وصلت أوجها، بعد أن قطع مصدق رسميًا كافة علاقات بلاده الدبلوماسية مع بريطانيا، مُعلنًا إياها دولة عدو لإيران.

عملية أجاكس .. كيف أطاحت الولايات المُتحدة بمصدق؟

العداء الرسمي بين إيران بقيادة مصدق، وبريطانيا حليفة الولايات المُتحدة الأمريكية، كان ينطوي على مخافتين أساسيتين بالنسبة لبريطانيا ثُم الولايات المتحدة. المخافة الأولى الانقطاع الدائم للنفط الإيراني الذي كان بمثابة صمام أمان لإعادة إعمار الاقتصاد البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية. المخافة الثانية كانت من توجه إيران جهة الاتحاد السوفيتي مع العقوبات المفروضة عليها. ووقتها كان العالم على أبواب الحرب الباردة، والانقسام ما بين مُعسكري الشرق السوفيتي والغرب الأنجلو–أمريكي.

أخيرًا بات مصدق مصدر قلق للعديد من الأطراف الخارجية والداخلية. وفي النهاية كانت الإطاحة به هي الحل الوحيد لتفادي ما يمثله من خطر على مصالح تلك الأطراف. إنّها طريقة معروفة ومُكررة.

المُخطط الأوّل لعملية الإطاحة بمصدق هي الولايات المتحدة الأمريكية. في البداية كانت أمريكا مُتخوفة من الدخول في مغامرة كهذه، لكن أخيرًا مع وصول أيزنهاور لكرسي الرئاسة الأمريكي تغيّر الموقف الأمريكي تمامًا، مع تصاعد المخاوف من تقارب إيراني سوفيتي.

كانت هُناك تقديرات بأنّ إيران كانت تُواجه خطر السقوط الحقيقي خلف الستار الحديدي، وإذا ما وقع هذا، فإنّ ذلك سيعني نصرًا للسوفييت في الحرب الباردة، وانتكاسة كُبرى للغرب في الشرق الأوسط

وقُبيل الإطاحة بمصدق، كان الشاه محمد رضا بهلوي قد “فرّ” من إيران باتجاه العراق ثُم إيطاليا، ليستقر هُناك مُؤقتًا. أما وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) فكانت تضع الخطوط الأخيرة لعملية الإطاحة بمصدق التي رصدت لها مليون دولار أمريكي. بدأ ذلك تحديدًا مع بدايات عام 1953، ثم في منتصف العام وصل كيرميت روزفلت عميل المُخابرات الأمريكية إلى طهران لإدارة تنفيذ مخطط العملية.

تضمن مخطط العملية في البداية تدشين حملة إعلامية مُناهضة لمصدق في الإعلام العالمي والإيراني المحلي. ثم تمثيل تظاهرات مناهضة لمصدق، بالتنسيق مع شعبان جعفري، الذي بات يُعرف باسم شعبان المجنون. وقد كان بمثابة زعيمًا من زعماء بلطجية إيران. قاد شعبان التظاهرات المُناهضة لمصدق والتي تصدرتها هتافات تُقلل من شأنه. وقد كانت هذه التظاهرات بمثابة لمسة الشرعية على الانقلاب “العسكري” المُخطط له ضد مصدق.

 يُعد شعبان جعفري واحدًا من أبرز من ساهموا في الانقلاب على مصدق

من بين مخططات الإطاحة به أيضًا، كانت حملة الاغتيالات لرموز نظامه وحلفائه عامة، والتي حدثت بعضها في الشوارع على مرأى ومسمع من الناس. لحق ذلك أخيرًا قصف مدفعي لمنزل مصدق بالعاصمة طهران، وأخيرًا إلقاء القبض عليه بعد أن استسلم هو إلى الجنرال فضل الله زاهدي الذي سمّاه الشاه رئيسًا للوزراء بدلًا عن مصدق الذي عزله بمرسوم ملكي وهو خارج البلاد.

حُكم على محمد مصدق وغيره من وزراء حكومته بالإعدام. وفي الوقت الذي نُفذ فيه الحكم ضد عدد من الوزراء، خفف الحكم إلى السجن الانفرادي الذي لحقه إقامة جبرية في قريته الواقعة شمالي إيران، حتى تُوفّي في مارس 1967.

إن حُكم هذه المحكمة قد زاد أمجاد بلادي التاريخية. أنا في غاية الامتنان لإدانة المحكمة لي، فالليلة تعرف الأمة الإيرانية معنى الدُستورية –محمد مصدق

في أغسطس 2013، كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، النقاب عن مجموعة من الوثائق التي تُثبت رسميًا تورط الولايات المتحدة في الانقلاب على مصدق، فيما يعد اعترافًا رسميًا من الولايات المتحدة وللمرة الأولى، بعد نفي دام عقودًا طويلة، تخللته بعض الاعترافات المُتحرجة، كاعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت عام 2000، وكذا اعتراف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه بالقاهرة عام 2009. على جانب، لاتزال بريطانيا تُطلق “نفيًا عامًا” عن أي دورٍ لها في الإطاحة بمصدق.

ما علاقة هذا بالثورة الإسلامية ونظام ولاية الفقيه؟

ساهمت الإطاحة بمصدق، الذي كان بمثابة رئيس الوزراء الأقوى في وجه الشاه؛ إلى تسلط الأخير، وتقوية نفوذه وسلطاته، مع ميول كامل للغرب المتمثل بشكل أساسي في الولايات المُتحدة الأمريكية.

وفي الحقيقة، فقد كان مصدق بمثابة صمام الأمان بالنسبة إلى الغرب من أن تتجه السلطة في البلاد ناحية العمائم؛ لتوجهات مصدق العلمانية الواضحة، فضلًا عن التحالفات التي استطاع صنعها مع اليسار الإيراني والذي مثّل آنذاك، ولاحقًا العدو الداخلي الأبرز للتيارات الدينية، فكما ذكرنا صدرت فتاوى تعتبر مصدق عدوًا للإسلام بسبب هذه التحالفات.

ويُشار إلى أنّه في مرحلة ما، استطاع مصدق خلق تحالفات مع بعض الرموز الدينية مثل آية الله أبو القاسم كاشاني، الذي عيّنه مصدق رئيسًا للبرلمان، قبل أن ينقلب كاشاني عليه بعد فتوى رجال الدين. بل إنّ كاشاني كان ممن تلا الخطابات المُباركة للانقلاب على مصدق.

بالضرورة، قُوّضت الإصلاحات التي قام مصدق بتنفيذها، وزاد التدخل الأجنبي في البلاد، كما زاد القمع ضد المُعارضة بأوجهها اليسارية على الخصوص. كما أنّ الفساد القائم على المحسوبية وتركز السلطة والثروة في يد الشاه ورجاله إيرانيين أو أجانب؛ كل ذلك أدّى إلى موجة غضب عارمة استمرت بضع سنين، قبل أن تُسيطر عليها العمائم التي أتت بنظام ولاية الفقيه. ساسة بوست

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/11 الساعة 16:47