'فوكوياما' إن حكى: 'محور الشر' بات حقيقة واقعة؟ (2-2)

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/16 الساعة 08:18

استكمالاً لمقالة أمس/الأحد حول المقابلة التي أجراها المُؤرِخ فرانسيس فوكوياما, الأميركي الجنسية من أصول يابانية, وصاحب الكتاب الشهير الموسوم «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» الصادر في العام 1992, أي بعد عام واحد من تفكّك الاتحاد السوفياتي وانهيار منظومة الدول الإشتراكية وحلف وارسو وخصوصاً سقوط جدار برلين في العام 1991. حسمَ فيه/فوكوياما الصراع بين الرأسمالية لصالح نُسختها النيوليبرالية «المُتوحشة» (كما يجب التذكير), و«هزيمة» الاشتراكية بشكل عام (وليس بنسختها السوفياتية فحسب), التي ثبتَ فشلها ولم تعُد قابلة ?لتطبيق, او نظرية جاذبة للشعوب, على ما زعم.

فإن ما يمكن الخروج به في العجالة الثانية هذه من قراءة المؤرخ الأميركي/فوكوياما, الذي تحدّث على نحو حاسم عن «نهاية التاريخ», لكنه بعد ذلك وكما بات معروفاً «تراجَع» عن «نبؤاته» تلك و«مواعظه» المُتفائلة, على نحو عكسته إجاباته على أسئلة قناة الدعاية الأميركية المسمومة المُسماة «الحُرة», والتي ستنتهي إلى «الإقفال» بعد أقل من أسبوعين من الآن. بقوله: ان الولايات المتحدة «فشِلت تماماً» في «فرض نظام» على الشرق الأوسط بعد/2003 (عام الغزو الأميركي ــ البريطاني للعراق)، وان الرئيس المُنتخب ترامب, «لن» ينجح أيضاً لو حا?لَ, لافتاً/فوكوياما الى ان أي «استقرار في الشرق الأوسط» يلزمه حكومات مُتماسكة، ومُؤشرات إيجابية في الخليج.
مَن المقصود بـ«محور الشر», ومَن هُم أركانه في قراءة فوكوياما؟.
كعادته في إستخلاص النتائج و«الأحكام المُسبَقة» التي يلجأ اليها صاحبنا, فإنه عرّج او قل بدأ بالصين, عبر الزعم بانها «باتت أقلّ حرية في عهد «شي» (يقصِد بالطبع الرئيس الصيني شي جين بينغ/م. خ)، وتراجُع اقتصاد السوق، بعد محاولة الدولة «تفكيكه وزيادة سيطرتها على الموارد». هذا الأمر ــ أضافَ الكاتب ــ أضرَّ بالاقتصاد وتراجُع النمو وسوف يستمر في التراجع. الصين ــ أردفَ ـ ستظل «قوية», لكن ــ استدرك على نحو لافت ليواصل الإساءة ليس الا ــ عجلة النمو «لن» تتسارع مثلما كانت قبل 10 سنوات» وفق زعمه. في الآن ذاته يُقِرّ ف?كوياما بـ«أننا نتّجِه إلى عالم مُتعدد الأقطاب أكثر»، ثم لا يلبث ان يُبدي تراجُعاً ملحوظاً عندما يقول:هذا «لا» يعني بالضرورة (مراكز قوى) مثل: الولايات المتحدة والصين وروسيا فقط، لكن أيضاً «قوى مُتوسطة» مثل: تركيا وإيران ودول الخليج التي «باتت أكثر نفوذاً»، وهذا أمر جيد ــ يُضيف ــ لأن هذه الدول» تستطيع أن تكون إستقلالية في تحديد مساراتها».
على «المدى البعيد ــ يلفِتُ فوكوياما ــ «ليس واضحاً أن نرى توازناً مُختلفاً للقوى حول العالم»، لكنه يُشير مُتوقعاً «ضعفا» للولايات المتحدة. ثم ينتقل الى أوكرانيا لكن من باب الطعن بروسيا, زاعماً ان هناك «جنود كوريّون شماليون, يحاربون إلى جانب الروس", في أوكرانيا، وهناك «إيران» التي تُزود الروس بالأسلحة والمُعدات، ولم يستثنِ «الصين» التي تُزودها بـ«التقنية». وفق مزاعمه. هذا يعني ــ أردفَ فوكوياما ــ أننا «نرى تحالفاً حقيقياً ودعماً عسكرياً مُتبادلاً بين هذه الدول، وهذا «أمر لم يَحدث من قبل» وهذا يعني أيضاً ـ? يلفت الإنتباه ــ أن «الضعف والإنقسام في الغرب يَحدث في التوقيت الخطأ.» إلى ان «يُتحفنا» بخلاصة من منظور إمبريالي عنصري, يغرِف من مَعين الإستثنائية الأميركية وتفوّق الرجل الأبيض, قائلاً: إن «دول مِحور الشر»، وهو المصطلح الذي أطلقه جورج بوش الابن، «بات حقيقة واقعة الآن».
في النهاية وبعيداً عن تحليلاته وقراءاته السياسية بأبعادها المُختلفة, ذات النظرة الأحادية المحمولة على ثقافة إمبريالية عدوانية توسعية, يقول فوكوياما: ان انتشار الإعلام الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي, بات يُشكل هاجساً مع التطوّر الذي طرأ على هذه المجالات خلال السنوات القليلة الماضية. مُعتقداً أن تأثير الإعلام الرقمي بات «مُدمِراً», لأنه خلقَ عالماً «معلوماتياً بديلاً", سهَّلَ نشر المعلومات المُضللة، لأن أي شخص ــ أضافَ ــ بات يستطيع أن يقول ما يشاء مع أقل قدر من المحاسبة. ناهيك عن رأيه في «تأثير» الذكاء الا?طناعي أيضاً الذي بات «أكثر تعقيداً», كونه «أحدثَ تشتتاً», لكنه أيضاً ــ ختمَ ــ مُفيد في نواحٍ أخرى مثل زيادة الإنتاجية الاقتصادية وتعزيز المُساواة.
* استدراك:
دعم أميركي للاحتلال
أعرب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي عن اعتقاده أن «الإجراءات الإسرائيلية في سورية ستكون مُؤقتة»، مُعتبراً أن «ما تفعله إسرائيل في سورية هو تحديد التهديدات وتحييدها». مُضيفاً، في إطار حماسته لما يقوم به جيش العدو في سورية، أن «توغل إسرائيل في المنطقة العازلة في سورية «منطقي ومُتوافق مع حق الدفاع عن النفس». دون إهمال «دفاع» بائع الأوهام/ بلينكن عن إرتكابات الكيان، مُعتبراً في صفاقة, أنه يسعى لـ(ضمان عدم وقوع ترسانة الجيش السوري في «الأيدي الخطأ»). زاعماً: إن «الغرضَ المُعلن» من هذه الإجراءات الإسر?ئيلية, هو محاولة ضمان أن المعدات العسكرية التي «تخلّى» عنها الجيش السوري «لن تقع في الأيدي الخطأ»، كالإرهابيين والمتطرفين وما إلى ذلك.
kharroub@jpf.com.jo

مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/16 الساعة 08:18