مسلسل باب الحارة.. ومشهد سجن صيدنايا

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/11 الساعة 02:17

.. أتذكر باب الحارة، لقد حضرت حلقات المسلسل كاملة.. يا ترى قائد سجن (صيدنايا).. هل شاهد المسلسل مثلنا؟ وكان يجلس في رمضان لمتابعة العقيد (ابو شهاب).. وكيف (يمسح الأرض) بمدير المخفر (أبو جودت).. كم كان باب الحارة كذبة درامية محترفة..

شاهدنا نماذج (ابو شهاب) في سجن صيدنايا، كيف فقدوا ذاكرتهم.. وكيف فقدوا النطق، في صيدنايا لا يوجد (عقيد).. ولا يوجد (ابو حاتم) الذي يقف للجنود على باب القهوة ويطردهم.. في (صيدنايا) الكل يخضع للجلاد والكل يخضع لحبل المشنقة.. والكل نهايته في (ثلاجة الموتى)..
أنا لا أعرف كيف صمتوا عن العقيد (ابو شهاب) ولم يعتقلوه بتهمة التآمر على الدولة والمجتمع؟
هل حقيقة أن رجال الدرك كانوا يأتون إلى (أبو بشير الفران) وفي لحظة يطردهم بحجة أن الخبز قد نفد، من أين جاء (ابو بشير) بكل هذه الجرأة؟.. وكيف تقع الحارة في أزمة خانقة، حين ينظر ابن الفران إلى بنت (أبوعصام).. كانت جريمة مخلة بالشرف، لدرجة أن (أبو عصام).. ضرب البنت، وأخفى المعلومة عن أشقائها ولم ينم الليل، مع أن ما خرج من صيدنايا.. يؤكد أن هنالك مجموعة من النساء سجن مع أطفالهن، وبعضهن أنجبن في السجن..
ما زلت أتذكر صرخة: (يا باطل اسحب ولك.. بلاش ايئولوا أخذتك غدر).. ما زلت أتذكر مصطلح (العقيد) و(الأبظاي) وكيف يهب معتز مثل الأسد لمهاجمة شباب جاءوا من حارة (ابو نار).. هل كل ذلك كان كذبة؟
الشعب السوري، عظيم، ومقاتل من الطراز الرفيع.. الشعب السوري هو الذي أنتج يوسف العظمة، أنتج زعيم الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش.. هو الذي أنتج الثائر العظيم ابراهيم هنانو، وأنتج الزعيم صالح العلي.
والشعب السوري هو الذي أنتج فارس الخوري المسيحي الذي ترأس وزارة الأوقاف، وجلس على رئاسة وزراء سوريا.. هو الذي أنتج التسامح والتنوير والشعر والأدب والمحبة.
لكن يبدو أن النظام أراد أن تكون رجولة هذا الشعب فقط في الدراما عبر باب الحارة.. عبر أبو عصام وأبو شهاب وعائلة أبو حاتم وحارة أبو النار، أراد أن يختصر البطولة لديهم في المسلسلات.. أراد أن يؤسس من كلمة (أم عصام) لزوجها الفنان عباس النوري (فشرت) ثورة عارمة تجتاح بيوت دمشق وحمص.. ويجلس الثوار فيها على الكراسي وينتظرون رد (ابو عصام) في الحلقة القادمة.
أنا منذ أمس وأنا أقرأ مشهد باب الحارة، ومشهد سجن صيدنايا.. وثمة فصام غريب لم أفهمه أبدا..
أخطر ما في سوريا أن يعتقل العقل قبل البشر، هي تحتاج الآن لتحرير العقل قبل تحرير البشر من السجون.
Abdelhadi18@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/11 الساعة 02:17