العموش يكتب: صراع القوى (روسيا – تركيا - ايران)

د. سامي علي العموش
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/10 الساعة 10:37

استمراراً لما حدث نتيجة رياح الربيع العربي كما يقال فقد دخلت سوريا في مخاض استمر منذ عام 2011 وحتى هذا التاريخ ومرت في مراحل مختلفة ما بين مد وجزر وعدم استيعاب من الطرف الحاكم بفتح مزيد من الحريات واجراء بعض التعديلات التي تتيح للمواطنين بالمشاركة وصنع القرار ، قوبلت حركتهم بالرفض والمقاومة والزج بالسجون مما زاد الموقف تصعيداً وكانت كنقطة بداية من درعا امتدت الى كافة المحافظات ومع ازدياد التأزيم كان لابد من التدخل الدولي والاقليمي في سوريا حيث كانت اصابع ايران ممتدة داخل الجسم السوري ومسيطرة على الوضع اللبناني من خلال حزب الله وكانت الشعارات والمصالح تخدم ايران ، هذا الوضع المتأزم اعطى فرصة لتركيا للتعامل مع ملف الاكراد الذي يقلقها ويشكل عبئً عليها بالاضافة الى التواجد الروسي في قاعدة حميمين والتي من خلالها تستطيع الوصول الى المياه الدافئة عبر المتوسط ، كل ذلك لا ينفي كذلك تدخل الولايات المتحدة الامريكية ووقوفها على ابار النفط وفقاً لمصالحها في سوريا بالاضافة الى بعض الاطراف الاخرى حجم التصعيد عالي والفساد منتشر والتجارات الممنوعة الخاصة بالمخدرات والتي تشكل فسادً وافساداً للمنطقة والتي تتأثر بها كثير من الدول المجاورة مما استدعى وضع كثير من الامكانات والنفقات لحماية هذه الدول فكان للاصبع الايراني والسوري من خلال المليشيات تدخلاً كثيراً في مسائل الدول حيث شكلت مشكلة متفاقمة تزداد حدة مع الايام كل هذا التمهيد يظهر حجم المشكلة سواء على المستوى الداخلي لسوريا او على المستوى الخارجي للاطراف المتضررة .

بعد اجتياح غزة والجنوب اللبناني واستسلام حزب الله اصبحت الورقة السورية بالمتناول على الطاولة واصبحت عرضة للتغيير اكثر مما مضى فالتواجد الايراني بدء ينتهي من الناحية العسكرية في لبنان ، واسرائيل ضاغطة والوضع الداخلي في سوريا ملتهب حاولت كثير من القوى الخارجية مساعدة النظام على الاستمرار رغم البطش والقتل الا انها وصلت الى نتيجة بأن استمرار النظام سيكون عبثياً ولابد من تغيير قواعد اللعبة بالاتفاق مع كثير من القوى ويبدو ان هناك صفقة مع النظام بحيث تخرج الاسد من سوريا مقابل تسليم الحكم للشعب وهناك قوى كثيرة في سوريا الان استلمت الامور وتحاول ادارة الامور على اساس ثورة بيضاء ليس فيها دماء كون ما ورثه النظام من قتل وتشريد وزج بالسجون وكل اساليب التعذيب بالاضافة الى الفقر وتشريد الشعب كل هذه العوامل ادت ان يكون هناك نوع من التفاهمات للحفاظ على سوريا وعدم الزج بها للتقسيم والتدويل وكان لابد في النهاية من الخروج ببعض النتائج فالخاسر الاكبر بالعملية كلها هو اخراج ايران من اللعبة العسكرية في سوريا اما الدور الروسي فقد عمل على تفاهمات للمرحلة الجديدة بالحفاظ على مصالحه من خلال القواعد العسكرية مثل حميمين وتركيا التي استطاعت ان تتعامل مع ملف الاكراد بالحفاظ على مصالحها بخصوص موضوع الاكراد والولايات المتحدة لها من الاصابع ما يحفظ لها مصالها في الاماكن الاستراتيجية بالاضافة الى بعض المصالح الاقليمية بالدول المحيطة اما الشعب السوري فهو يتنفس ويستنشق الهواء لمرحلة قادمة ليرى فجراً جديدأً واملاً جديداً يحمل التنوع والاجتهاد في الرأي للوصول الى سوريا جديدة تحمل بذور الخير لها ولاهلها والوسط العربي بشكل عام لتعود سوريا قلباً نابضاً يبث الحياة .

مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/10 الساعة 10:37