النفقات الرأسمالية

سلامة الدرعاوي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/09 الساعة 23:04

عادةً ما تكون النفقات الرأسمالية العمود الفقري للنمو الاقتصادي المتوقع، وهي المحرك الرئيسي لدفع عجلة النشاط إلى الأمام، لكن بشرط أن تكون تلك المشاريع تحقق القيمة المضافة التي تمكّن الاقتصاد من تحقيق النمو المستهدف.

والمقصود بذلك هو قيمة مضافة تساهم في خلق فرص عمل للأردنيين، وتستخدم مدخلات إنتاج محلية، وتساهم في التصدير وجذب العملة الأجنبية، وفيها إضافة نوعية في مجالات الابتكار وتكنولوجيا المعلومات، لكن بدون هذه الشروط، تبقى المشاريع بلا أي مردود حقيقي، وتصبح جزءًا مشابها لما يحتويه بند النفقات الجارية.
وفي مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2025، تم تخصيص 1.469 مليار دينار كنفقات رأسمالية، وهي تزيد عما تحقق فعليًا في سنة 2024 بمقدار 209 ملايين دينار، أو ما نسبته 16.5 %.
هيكل النفقات الرأسمالية للعام المقبل موزع بين مشاريع للوزارات بقيمة 627 مليون دينار، بزيادة 110 ملايين دينار، أو ما نسبته 21 % عن الفعلي لعام 2024، وما قيمته 242 مليون دينار لمشاريع خطة التحديث الاقتصادي، بزيادة مقدارها 29 مليون دينار، أو ما نسبته 14 %، كما تشمل مشاريع للأجهزة الأمنية والسلامة العامة بقيمة 253 مليون دينار، ومشاريع للمحافظات بقيمة 136 مليون دينار، بزيادة نسبتها 66 %، أو ما مقداره 54 مليون دينار عن الفعلي للعام الحالي، إضافة إلى مشاريع للبلديات بقيمة 180 مليون دينار، بزيادة 16 مليون دينار، أو ما نسبته 10 % عن سنة 2024.
أهم ما يميز تلك المشاريع هو إدراج مخصصات لتنفيذ مشاريع رئيسية استراتيجية للدولة، وهي مشروع الناقل الوطني ومشروع سكة حديد العقبة.
أهمية هذين المشروعين تكمن في أن إخراج ملفاتهما من أدراج الحكومة إلى حيّز التنفيذ الفعلي سيكون له مردود أساسي وهام في تحقيق معدلات النمو المستهدفة دون أي إشكاليات وتحت أي مستجدات طارئة، نظرًا لدورهما الكبير في تحريك عجلة الاقتصاد والدخول في مرحلة تستحق المتابعة والتقييم المستمرين، وهذا يشكل بحد ذاته تحديًا كبيرًا أمام الجهاز الإداري للحكومة لإنجاز هذين المشروعين وفق جدول زمني محدد ووفق ما هو مخطط له.
لكن هناك جملة من التحديات التي قد تواجه النفقات الرأسمالية في الموازنة لعام 2025. من أبرزها الضغط على الإيرادات العامة، ما يؤثر على قدرة الحكومة على تمويل النفقات الرأسمالية، ومع استمرار زيادة الديون، قد يؤدي ذلك إلى تخصيص جزء كبير من الموازنة لخدمة الديون، مما يقلل من الموارد المتاحة للاستثمار في المشروعات الرأسمالية الضرورية لتحفيز النمو الاقتصادي.
كما أن تقلبات أسعار السلع والخدمات، كأسعار المواد الخام والطاقة، قد تتسبب في زيادة تكاليف تنفيذ المشروعات الرأسمالية، مما يؤدي إلى تقليص حجم المشروعات أو تأجيل بعضها.
ولا ننسى أن الحكومة تواجه ضغوطًا من فئات مختلفة من المجتمع تتعلق بتخصيص النفقات لصالح تحسين الخدمات العامة، كالصحة والتعليم، بدلًا من الاستثمارات الرأسمالية.
تنفيذ النفقات الرأسمالية يبقى في النهاية مرهونًا بتغير أولويات الحكومة في ظل التحديات المالية، مما يدفع إلى التركيز على المشاريع التي تعود بالفائدة المباشرة والفورية، مثل تلك المتعلقة بالبنية التحتية الأساسية، كما أن التحديات الإقليمية، كالأزمات السياسية أو الاقتصادية في المنطقة، قد تؤثر سلبًا على قدرة الأردن على جذب الاستثمارات الأجنبية أو الحصول على تمويل دولي للمشروعات الرأسمالية.
لذلك، أمام الحكومة تحد كبير يتمثل في تحسين إدارة الإيرادات العامة وتنويعها، وتعزيز الشفافية والمساءلة في تنفيذ المشروعات الرأسمالية، وتسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحديد أولويات واضحة ومستدامة للمشروعات الرأسمالية.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/09 الساعة 23:04