فشِلت كل محاولات مجرم الحرب الفاشي الصهيوني/ نتنياهو, لـِ«تأخير» مثوله أمام المحكمة المركزية في تل أبيب, عند الساعة التاسعة من صباح غد الثلاثاء. تارة بالزعم أنه لا يتهرّب من المحكمة، وإنما «يضطر» لطلب التأجيل، كونه «مضطراً» لذلك فعلاً في «إدارة شؤون الدولة». وطوراً شن حملة تشويه لخصومه في أجهزة «إنفاذ القانون» (في الشرطة والجيش والسلك القضائي/ يَصفِهم بـ«الدولة العميقة»), عبر تحميلهم مسؤولية الحملة عليه, حدّ اتهامهم بمحاولة الانقلاب عليه وعلى حكومته «المُنتخَبة». مُقرِّراً أن هناك «انسجاماً» غير مَعقول بين «مختلف المؤسسات العليا» في المواقف ضده. لم يلبث/نتنياهو أن تساءَل بمرارة: هل هذا الانسجام هو مجرد صدفة؟, لقد اعتاد هؤلاء ـ تابعَ ـ على إسقاط حكومات ووزراء ومسؤولين مُنتخَبين آخرين، واليوم ـ أردفَ ـ عندما يرون أن «أمامهم رئيس حكومة قوياً»، لا يقدِرون على تحمّل ذلك، فيتصرفون بقسوة وشراسة».
شكوى مريرة, محمولة على غرور وفائض ثقة وعنجهية وتعالٍ, ممن رأى نفسه في مكانة ودور رئيس الوزراء الإنجليزي/ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية, في الوقت الذي نظرَ إلى بن غوريون نظرة «استعلاء», كونه/نتنياهو «تفوّق» على بن غوريون, في «المدة الأطول» التي قضاها رئيساً للوزراء في الدولة الفاشية العنصرية الاستعمارية. ناهيك عما يقوم به أنصاره في حزب الليكود والقوى اليمينية والفاشية في الائتلاف الحاكِم, من هجمات لاذعة ومُركّزة على وسائل التواصل الاجتماعي, ضد قضاة وبخاصة المستشارة القضائية/غالي بهراف ميارا, كذلك علماء ووسائل إعلام, وبالذات صحيفة «هآرتس» وناشرها/عاموس شوكين, الذي وصفَ المُقاتلين الفلسطينيين في قطاع غزة, بـ«مُقاتلي الحرية»، زد عليهم عدد من أبرز الصحافيين وكُتابُ الأعمدة. وكم كان لافتاً أن هجمات شرسة كهذه لم تُوفر جنرالات في الجيش/ رئيس الأركان هليفي, والمخابرات الداخلية/الشاباك رونين بار.
وإذ تبدأ جلسات المحكمة التي تأجلت كثيراً وطويلاً بفعل مناورات والاعيب نتنياهو المعروفة, حيث يُحاكَم نتنياهو على ثلاثة ملفات/ قضايا (بعد أن كانت «أربعة», حيث تم استبعاد الملف/3000), بدأت التحقيقات فيها قبل «ثماني سنوات», في مثل هذه الأيام من العام/ 2016. إلى أن تم توجيه «ثلاث تُهَم» له في أواخر العام/2019 هي: (خيانة الأمانة, قبول الرشى والاحتيال). ثم مَثُلً أمام المحكمة لـ«أول مرّة» في 24/5/2020. ناهيك عما ينتظره من «محاكمات» عندما تقف حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع الصهيوأميركية على قطاع غزة المنكوب, وبخاصة «إخفاق» 7 أكتوبر/2023 وما يواجهه أيضاً من تحقيقات «جارية الآن», بشأن سلوك الدائرة المُقرّبة منه/نتنياهو خلال الحرب على غزة، بشأن «ثلاثة» ملفات. الأول: يتعلّق بتسريب أسرار الدولة, بهدف تحقيق مكاسب سياسية، والثاني: مُخالفة البروتوكولات المُتبعة، والثالث: الابتزاز.
في هذا الشأن كَتبتْ أسرة تحرير «هآرتس» مقالة بعنوان: «يُوجَد مُتّهَم واحد: نتنياهو», جاء فيها: بداية شهادة رئيس الوزراء/نتنياهو في مُحاكمته الجنائية، المُخطط لها الثلاثاء/غداً، تترافق وضجيجاً شديداً وعنيفاً, من جانب نتنياهو ومُقربيه ضد جهاز إنفاذ القانون، والمستشارة القانونية للحكومة، ووسائل الإعلام وقادة الأجهزة الأمنية. يخوض نتنياهو ـ أضافت هآرتس ـ معركتين حرِجتين من ناحيته: الأولى: إدارة محاكمة وبداية شهادته التي حاول تأجيلها مراراً (نهج غريب إذا أخذنا بالحسبان ادعاءه بأن «القضايا انهارت» الملاحظة للصحيفة ـ م.خ). الثانية: هي المعركة على رواية إخفاق/7 أكتوبر, بما في ذلك دحرجة الاتهامات إلى الجيش و«الشاباك»، والتنكّر للمسؤولية والاعتراض على إقامة لجنة تحقيق رسمية, للتحقيق في الإخفاق الأكثر رعباً في تاريخ الدولة. هو ورفاقه ـ أردفت أسرة التحرير ـ في المعركة الثانية لا يأخذون أسرى، ولا يُريدون مخطوفين. فالتهجّم من نتنياهو ووزرائه على الناطق العسكري/هاغاري, الذي وصفَ قانون فيلدشتاين إنه «قانون خطير على الجيش الإسرائيلي، سيُؤدي إلى وضع يُمكِّن كل جندي من سرقة الوثائق. وخطير على أمن الدولة»، يعكس الوضع التراكمي لهذه الحكومة.
نتنياهو المُتهَم جنائياً ـ استطردت الصحيفة ـ دائم التهجّم على جهاز إنفاذ القانون, ويبعث بوزرائه لمهاجمة المستشارة القانونية للحكومة/غالي بهرب ميارا، وقادة «الشاباك» والجيش، الذين منهم بدأ التحقيق مع فيلدشتاين, في قضية التسريب وإضعاف وسائل إعلام مُستقلة لا تنتمي لقنواته. إن الثقافة السيئة للتهجم على جهاز إنفاذ القانون التي تبناها منذ بدأت تحقيقاته، تتسلّل إلى باقي أجزاء الائتلاف. كلما اقتربَ موعد شهادة نتنياهو ـ ختمتْ هآرتس ـ تشتد التهديدات على المُوظفين العموميين, وعلى قادة جهاز الأمن ووسائل الإعلام. حذارِ من الخوف. ثمة مُتهَم واحد، اسمه نتنياهو.
كيف ردَّ أنصار نتنياهو وماذا في جعبتهم؟ خاصة إذا تم «عزل» نتنياهو؟. هل تذهب إسرائيل إلى «حربٍ أهلية»؟.
نُكمِل غداً.
kharroub@jpf.com.jo