العتوم يكتب: 'التعاون الروسي' في القاهرة عاصمة العرب

د. حسام العتوم
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/07 الساعة 14:22

لقد أسعدني أن أكون مشاركا في أعمال مؤتمر مؤسسة "التعاون الروسي" وبدعوة رسمية في القاهرة العاصمة المصرية الجميلة والعظيمة، التي أتمنى أن تصبح عاصمة للعرب بعد تلبية نداء شريف العرب وملكهم الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه قائد ثورة العرب الهاشمية الكبرى 1916.

وليس صدفة أن يطلق المصريون على مصرهم مصطلح "أم الدنيا" لكثرة الخيرات فيها وتعدد المصادر الطبيعية ولجمال حضاراتها.
و"التعاون الروسي" تاريخية عريقة تمتد جذورها إلى عام 1925 ،وعبر عامي 1958 / 2008 ، وتعمل الان بأمر رئيس روسيا الاتحادية الصديقة فلاديمير بوتين، ويقود أعمالها يفغيني بريماكوف الحفيد ،والبروفيسور بافل شيفستوف والدكتور فاديم زايجيكوف، وهي معنية بالتعليم والطب، ومهتمة بدور الإعلام الموضوعي في تغطية أنشطتها المتتابعة، وتعقد أعمالها في العديد من دول العالم، وشخصيا حللت ضيفا عليها للمرة الثانية.
ولقد بدأ المؤتمر جلسته الرسمية الأولى برعاية وزير التعليم العالي المصري الدكتور محمد عاشور والسفير الروسي في القاهرة جيورجي باريسنيكوف ، و بحضور 150 مشاركا مثلوا شرق و جنوب العالم ،و تحديدا الشرق القريب و شمال أفريقيا . وهدف المؤتمر إلى متابعة شؤون التعليم والطب خارج روسيا وبالتعاون معها من أجل التطوير و التحديث ،و اثبات أهمية الحضور الروسي وسط دول العالم شرقا و جنوبا خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة الروسية الناهضة و الدول الصديقة لها وشعوبها ،وهو تقليد تاريخي منذ الحقبة السوفيتية ،و برامج عمل تقدم روسيا من خلالها جهودا كبيرة ومال وفير ،ولكي تثبت أيضا مع تواصل اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية / العملية و استمرار الحرب الباردة و سباق التسلح ، بأن روسيا ليست في عزلة و إنما في حالة انفتاح واسع وتقدم على كافة المستويات وفي مقدمتها التنموية الشاملة ، و تنفذ مؤسسة " التعاون الروسي أعمالها من خلال مراكز ثقافية عديدة منتشرة وسط خارطة العالم يبلغ تعدادها من ( 77 إلى 80 مركزا) ترعاها السفارات الروسية مباشرة . وتقدم روسيا حوالي 400 منحة دراسية سنويا ،و يدرس فيها طلبة يمثلون 175 دولة .
بعد كلمة وزير التعليم العالي المصري الترحيبية ، تحدث السفير الروسي في القاهرة جيورجي باريسنيكوف مسلطا الضوء أيضا على سياسة إسرائيل العدوانية التي قدمت لغة القوة على الحوار مع الجيران العرب ،وهو الخطاب الذي يصعب سماعه في الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية المساندة علنا لإسرائيل المحتلة .ووقف المشاركون في المؤتمر دقيقة صمت على أرواح شهداء غزة و لبنان بطلب من رئيسة نادي خريجي روسيا و الاتحاد السوفيتي في الأردن ديما حمشاوي ، وهي التي أوضحت صورة النادي و عرفت بأسماء المشاركين من الأردن . وتحدث طبيب العظام الأردني المعروف حمدي نقرش عن تجربته الناجحة ومن دون أخطاء طبية في مجال العلاج بالارتكاز على نظرية و مدرسة " إليزاروف "الطبية الروسية القديرة .
وجاء في كلمتي التي استلمتها رئاسة مؤسسة " التعاون الروسي " في القاهرة إشادة بحرية الصحافة في الأردن ، و بتقدير الدولة الأردنية ،و جلالة الملك عبد الله الثاني و صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال و كبار رجالات الدولة الأردنية و الدبلوماسية العربية لجهدي في اصدار الكتب ذات العلاقة بشأن السياسة الروسية و الدولية و على مستوى المقالات المتخصصة النادرة في مجالها ،و مطالبتي بضرورة فتح مكتب صحفي روسي- أردني بعمان ،و اسناد الاقلام المهتمة بالشأن الروسي في الخارج ،و دعم الجامعات التي تدرس اللغة الروسية ومن بينها الجامعة الأردنية المحتاجة لصفوف دراسية و تقنيات مرافقة متطورة .
حظيت و صديقي الدكتور حمدي نقرش طبيب العظام بلقاء السفير الأردني الصديق في القاهرة سعادة السيد أمجد بيك العضايلة الذي استقبلنا كعادته بترحاب كبير ،و استمع لحديثنا حول مؤتمر " التعاون الروسي " الذي عقد أعماله هناك، و استفسر عن أحوالنا و انجازاتنا الأدبية و العلمية ،وقدمت لسعادته إسم زميلي في جامعة البترا سابقا أستاذ الشرف في اللغة العربية المتقاعد و القاطن في القاهرة أحمد الخطيب الذي التقيته أيضا هناك . و السفير العضايلة من السفراء الأردنيين النادرين المحبين لكل ماهو أردني ،ويعتبر السفارة الأردنية حيث يعمل بيتا للأردنيين خارج الأردن – الوطن الشامخ بقيادته الهاشمية الحكيمة التي يتقدمها جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله . و التقيت منفردا بسعادة السفير الروسي في ليبيا حيدر أقانين الصديق أيضا ،وهو الذي أعرب عن سعادته بوصول كتابي " إشراقة عالم متعدد الأقطاب لطرفه " ، وهو الكتاب الذي أحتفي به بعمان بتاريخ 28 / 11 / 2024 تحت رعاية دولة السيد أحمد عبيدات وسعادة السفير الروسي غليب ديسياتنيكوف و أركان السفارة الروسية ، ووزعت منه هناك 12 نسخة مجانا على نخبة من المشاركين في مؤتمر " التعاون الروسي " .
القاهرة لمن لا يعرفها، وهي التي أزورها مباشرة للمرة الثانية، و عبرتها قبل ذلك "ترانزيت"، أضخم عاصمة عربية، تعداد سكانها في النهار يفوق 30 مليون نسمة ، و يبلغ عدد سكان جمهورية مصر العربية أكثر من 110 مليون نسمة على مساحة من الأرض تبلغ أكثر من مليون كلم2 ، وهو عدد السكان الكبير الضاغط على الاستفادة السكانية من التنمية الشاملة ، وفي المقابل لدى مصر مشاريعا تنموية عملاقة ، و جيشا قويا ،وعلاقات دولية واسعة متوازنة ، و تبادل تجاري بين مصر و مجموعة العشرين وصل إلى أكثر من 61 مليار دولار خلال العام الحالي 2024 . وشخصيا كنت شاهد عيان على أحوال المصريين داخل العاصمة الذي يجمع بين انتشار الفقر الكبير وعلى مستوى نسبة من البنايات الشاهقة ، وبحجم واسع وسط الأعمال المتواضعة ،و الطبقة المتوسطة العاملة ،و أماكن الثراء الكبير الممثل بانتشار الفنادق الكبيرة التي يفوق حجمها ما نشاهده في عواصمنا العربية .و تمسك مصري بالتعامل مع العملات الأجنبية في مطاراتهم وليس الجنيه المصري، وهي سياسة مصرية اقتصادية هادفة .
" تحيا مصر " شعار يعزز الانتماء لمصر و الاعتزاز بها و برامج عمل تجوب القاهرة ،ومن خلاله يمكن رؤية جمال العاصمة التي تعج بالمتاحف التاريخية و الأهرامات منارة مضيئة على أطرافها . و المصريون يحبون بلدهم كثيرا و العرب و العلاقة مع أصدقاء مصر ،و يحترمون رئيسهم عبد الفتاح السيسي الذي يدير مصر بعقلانية و لا يجازف تجاه الحروب و يتمسك بالسلام عنوانا لمواصلة البناء الوطني، ولا يقبل بمشاريع إقليمية تمس بأمن بلاده الوطني . واللهجة المصرية مميزة تختصر الحديث و الوقت وتعزز الاقتصاد ،و ( أفندم ) كلمة مصرية خادمة جميلة ، و(دانتا تؤمر يا باشا) ليست أقل روعة وخدمة و احتراما، و(نورت مصر) عبارة ترحيبية رائعة تقدر .و المعاملة اللطيفة لزوار مصرتمتاز بجودتها و تزيد من محبة الزائر لها وتعلو على محيا المصريين و تستحق الشكر .
مصر مليئة بالمواقع التاريخية و السياحية المميزة ،وهي مركز لها وسط شمال أفريقيا و الشرق الأوسط ، المتحف الكبير ،و المتحف القديم ، و الأهرامات ، ونهر النيل ، وشرم الشيخ ، و الاسكندرية ،و اطلالة رائعة على البحرين الأبيض المتوسط و الأحمر، و السياحة الروسية كما أعرف إلى المنطقة العربية تفضل مصر، إلى جانب الأردن حيث المغطس و البحر الميت و البتراء و أثار جرش و أم قيس و رم و القصور الصحراوية و نهر الأردن و الكنيسة الروسية . و تتميز العلاقات الروسية و المصرية بدفئها وعمقها، و كذلك المصرية العربية و الدولية .


مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/07 الساعة 14:22