الدرعاوي يكتب: واقعية نفقات موازنة 2025
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/05 الساعة 11:29
جاء مشروع قانون موازنة الدولة لسنة 2025 أقرب إلى مشروع قانون 2024، لكن الأخير تعرض لضغوط كبيرة ساهمت في تراجع الإيرادات ونمو النفقات بشكل تجاوز الأهداف والفرضيات الأساسية له، ولعل أبرزها تراجع الإيرادات العامة بأكثر من مليار دينار عن المقدّر، مع زيادة في العجز المستهدف بأكثر من 200 مليون دينار.
النفقات العامة للسنة المقبلة متقاربة جدًا مع فرضيات العام الحالي، حيث بلغت أكثر من 12.5 مليار دينار، بزيادة مقدارها 713 مليون دينار عن الفعلي المحقق في العام الحالي، وبنسبة زيادة بلغت 6 %.
تنقسم النفقات العامة إلى جارية ورأسمالية، والأخيرة سيكون لها تحليل خاص قريبًا، أما النفقات الجارية فهي الأكثر جمودًا في بنودها بحكم صلابة مكوناتها وارتباطها بثوابت الأجور في المقام الأول، حيث بلغت النفقات الجارية في مشروع قانون موازنة 2025 ما مقداره 11.042 مليار دينار، بزيادة فعلية قدرها 504 ملايين دينار عن 2024، أو ما نسبته 4.8 % بالمائة.
يكمن الجمود في هيكل النفقات الجارية في بنود يصعب اتخاذ أي إجراءات تصحيحية بشأنها خلال فترة زمنية قصيرة، خاصة ان بند الرواتب للجهازين المدني والعسكري والتقاعد يشكل 60 % من تلك النفقات، وإذا أضفنا فوائد الدين، ترتفع هذه النسبة إلى 80 % من إجمالي النفقات الجارية، أما الباقي، فيتوزع كالتالي: نفقات تشغيلية للجهاز المدني بنسبة 5 %، المعونة النقدية 3 %، إعانة المؤسسات العامة 2 %، دعم المواد التموينية وأسطوانة الغاز 2 %، والمعالجات والإعفاءات بنسبة 1 %.
النفقات الجارية تواجه في الموازنة عدة تحديات، أهمها الضغوط الناتجة عن خدمة الديون، والتي تشكل جزءًا كبيرًا من النفقات الجارية في الموازنة، ومع استمرار ارتفاع مستويات الدين العام، يُتوقع أن يزداد العبء المالي المترتب على سداد الفوائد والأقساط، مما يقلل من الموارد المتاحة لبقية النفقات الجارية مثل الرواتب والدعم.
إلى جانب ذلك، فإن ارتفاع أسعار السلع والطاقة على مستوى العالم قد يؤدي إلى زيادة نفقات الحكومة على دعم الوقود والكهرباء، وبالتالي الضغط على الموازنة بشكل كبير وزيادة فاتورة الدعم.
كما أن زيادة عدد الموظفين في القطاع العام ترفع من نفقات الرواتب والأجور مع الزيادة المستمرة في عدد الموظفين، إضافة إلى الأعباء الاجتماعية والنفقات الصحية والتعليمية، وزيادة التضخم كلها عوامل تساهم في زيادة الضغوط على الخزينة، وتشكل عبئًا إضافيًا على النفقات الجارية في الموازنة، مما يعقد تحقيق الاستدامة المالية.
حتى يتم الخروج من الجمود الحاصل في بند النفقات الجارية، فإن الحكومة مطالَبة بمواصلة العمل على إعادة هيكلة الدين العام أو تقليل أعباء الفوائد من خلال الحصول على قروض بشروط أفضل أو تحويل جزء من الدين إلى استثمارات تعود بالنفع على الاقتصاد، مع مواصلة إصلاح النظام الضريبي، وتطوير آليات جديدة لتحسين الإيرادات العامة، وتعزيز الكفاءة الحكومية، وإعادة هيكلة الدعم الاجتماعي بحيث يتم توجيه الدعم بشكل أكثر استهدافًا للفئات الأكثر حاجة، وتحسين فعالية برامج الدعم.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/05 الساعة 11:29