ما خلفيات السقوط السريع لحلب؟
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/02 الساعة 20:05
مدار الساعة - بينما كانت الصراعات بين إسرائيل والقوات المدعومة من إيران تنتشر عبر الشرق الأوسط وتمتد إلى سوريا، كان الرئيس السوري بشار الأسد صامتاً بشكل واضح.
ومع استمرار الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، وانهيار الدولة وإفلاسها، وانشغال الداعمين للحكومة السورية: روسيا وإيران وحزب الله، وإضعافهم بسبب صراعاتهم الخاصة، كان يبدو أن الأسد يتحوط في رهاناته.لكن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقول إن الهجوم المفاجئ الذي شنه المتمردون الإسلاميون الأسبوع الماضي، الذين استولوا على حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، في غضون 48 ساعة من شن هجومهم، كشف بشكل كبير عن عدم الاستقرار في سوريا.وقال حايد حايد، المحلل السوري في تشاتام هاوس: " الجميع ينتظرون لمعرفة ما إذا كان الحكومة السورية قادرة على حشد قواتها وحلفائها للرد".وكان الأسد بالفعل في مأزق، إذ حذرت إسرائيل، التي شنت عشرات الضربات ضد أهداف تابعة لإيران في سوريا، الأسد علناً من أنه في مرمى نيرانها وأن عليه اختيار أحد الجانبين. ويرى مراقبون للشأن السوري أن الرئيس بشار الأسد قد يكون وجد فرصة لاستعادة بعض الاستقلالية عن داعميه الدوليين، مع تصاعد الحديث في بعض الدول العربية والأوروبية حول إمكانية إعادة العلاقات معه.ومع انحسار أسوأ فصول الحرب الأهلية، برزت الحاجة للتعامل مع ملفات شائكة كأزمة اللاجئين وتهريب المخدرات.رغم ذلك، كشفت التطورات الأخيرة عن اعتماد الأسد الكبير على روسيا وإيران والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران لمواجهة التهديدات الداخلية.وهذا الاعتماد ظهر جلياً مع تقدم المتمردين، بقيادة هيئة تحرير الشام، باتجاه مدينة حلب ذات الكثافة السكانية العالية، واستمرارهم جنوباً نحو حماة.الرد العسكري
في مواجهة هذا التقدم، تراجعت القوات الموالية للنظام، لكنها حاولت إعادة تنظيم صفوفها.ويوم الأحد، استهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية مناطق في حلب وإدلب بعدة غارات جوية، حيث تُعد إدلب معقلاً رئيسياً لهيئة تحرير الشام.الإحباط واليأس
بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية السورية، يقول المحللون إن مشاعر الإحباط واليأس تفشت حتى داخل الجيش السوري.وأوضح تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، أن "الوحدات العسكرية كانت تتراجع واحدة تلو الأخرى، تنهار وتنسحب من مواقعها".فيما يعاني الاقتصاد السوري منذ سنوات من أزمات متراكمة، أبرزها العقوبات الغربية وانهيار النظام المصرفي في لبنان، الذي كان ملاذاً تقليدياً لرجال الأعمال السوريين.ووفقاً للخبير الاقتصادي جهاد يازجي، ازدادت معاناة السوريين فقراً خلال السنوات الخمس الماضية، بينما لم تتمكن الحكومة من تحسين الأوضاع.وأشار يازجي إلى أن الاقتصاد يعاني من الفساد المتغلغل في الدولة، فضلاً عن سياسات مثل فرض الضرائب المتزايدة ومصادرة الأراضي.وأضاف: "الكثيرون يشعرون بالغضب لأنهم، بعد سنوات من الولاء، أصبحوا أسوأ حالاً".تراجع المعنويات
محاولات إصلاح الجيش جاءت "أقل من اللازم ومتأخرة للغاية"، بحسب يازجي، حيث استمرت المعنويات المنخفضة نتيجة التجنيد الإجباري وإلغاء الإعانات، ما أثّر سلباً على الجنود.ورغم المحاولات الروسية لدفع النظام نحو تسوية سياسية، لم تظهر أي إرادة حقيقية لتحقيق ذلك. ومع ذلك، برزت جهود إعادة التواصل مع الأسد عقب زلزال فبراير (شباط) 2023 الذي ضرب تركيا وشمال سوريا.أعادت دول أوروبية، مثل إيطاليا، فتح سفاراتها في دمشق، بينما قادت السعودية جهوداً لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.أما تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، فقد أبدت اهتماماً بتطبيع العلاقات مع الأسد. ومع ذلك، رفض الأخير أي تنازل، خاصة بشأن قضية اللاجئين، التي تُعد حساسة في السياسة الداخلية التركية.الأسد يرفض التنازل
بدلاً من التفاوض مع أنقرة، واصل الأسد قصف إدلب، ما تسبب في نزوح آلاف السوريين نحو الحدود التركية، التي تستضيف بالفعل نحو 3 ملايين لاجئ وتدعم المتمردين شمال سوريا.ويرى محللون أن الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام قد يخدم المصالح التركية، وربما يمنح أنقرة نفوذاً أكبر في المفاوضات المستقبلية.وأشار المحلل السوري مالك العبدة إلى أن الأسد كان بإمكانه استغلال فرصة للتفاوض مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لترتيب منطقة نفوذ تركية في شمال سوريا، بشكل يحفظ ماء الوجه سياسياً، لكنه رفض، متمسكاً برؤيته أن التنازلات تمثل ضعفاً.وهذا التعنت، مع الاعتماد المستمر على روسيا وإيران والجماعات المرتبطة بهما، يؤكد حجم الدور الذي تلعبه القوى الأجنبية في استمرار النزاع السوري. 24
ومع استمرار الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، وانهيار الدولة وإفلاسها، وانشغال الداعمين للحكومة السورية: روسيا وإيران وحزب الله، وإضعافهم بسبب صراعاتهم الخاصة، كان يبدو أن الأسد يتحوط في رهاناته.لكن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقول إن الهجوم المفاجئ الذي شنه المتمردون الإسلاميون الأسبوع الماضي، الذين استولوا على حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، في غضون 48 ساعة من شن هجومهم، كشف بشكل كبير عن عدم الاستقرار في سوريا.وقال حايد حايد، المحلل السوري في تشاتام هاوس: " الجميع ينتظرون لمعرفة ما إذا كان الحكومة السورية قادرة على حشد قواتها وحلفائها للرد".وكان الأسد بالفعل في مأزق، إذ حذرت إسرائيل، التي شنت عشرات الضربات ضد أهداف تابعة لإيران في سوريا، الأسد علناً من أنه في مرمى نيرانها وأن عليه اختيار أحد الجانبين. ويرى مراقبون للشأن السوري أن الرئيس بشار الأسد قد يكون وجد فرصة لاستعادة بعض الاستقلالية عن داعميه الدوليين، مع تصاعد الحديث في بعض الدول العربية والأوروبية حول إمكانية إعادة العلاقات معه.ومع انحسار أسوأ فصول الحرب الأهلية، برزت الحاجة للتعامل مع ملفات شائكة كأزمة اللاجئين وتهريب المخدرات.رغم ذلك، كشفت التطورات الأخيرة عن اعتماد الأسد الكبير على روسيا وإيران والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران لمواجهة التهديدات الداخلية.وهذا الاعتماد ظهر جلياً مع تقدم المتمردين، بقيادة هيئة تحرير الشام، باتجاه مدينة حلب ذات الكثافة السكانية العالية، واستمرارهم جنوباً نحو حماة.الرد العسكري
في مواجهة هذا التقدم، تراجعت القوات الموالية للنظام، لكنها حاولت إعادة تنظيم صفوفها.ويوم الأحد، استهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية مناطق في حلب وإدلب بعدة غارات جوية، حيث تُعد إدلب معقلاً رئيسياً لهيئة تحرير الشام.الإحباط واليأس
بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية السورية، يقول المحللون إن مشاعر الإحباط واليأس تفشت حتى داخل الجيش السوري.وأوضح تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، أن "الوحدات العسكرية كانت تتراجع واحدة تلو الأخرى، تنهار وتنسحب من مواقعها".فيما يعاني الاقتصاد السوري منذ سنوات من أزمات متراكمة، أبرزها العقوبات الغربية وانهيار النظام المصرفي في لبنان، الذي كان ملاذاً تقليدياً لرجال الأعمال السوريين.ووفقاً للخبير الاقتصادي جهاد يازجي، ازدادت معاناة السوريين فقراً خلال السنوات الخمس الماضية، بينما لم تتمكن الحكومة من تحسين الأوضاع.وأشار يازجي إلى أن الاقتصاد يعاني من الفساد المتغلغل في الدولة، فضلاً عن سياسات مثل فرض الضرائب المتزايدة ومصادرة الأراضي.وأضاف: "الكثيرون يشعرون بالغضب لأنهم، بعد سنوات من الولاء، أصبحوا أسوأ حالاً".تراجع المعنويات
محاولات إصلاح الجيش جاءت "أقل من اللازم ومتأخرة للغاية"، بحسب يازجي، حيث استمرت المعنويات المنخفضة نتيجة التجنيد الإجباري وإلغاء الإعانات، ما أثّر سلباً على الجنود.ورغم المحاولات الروسية لدفع النظام نحو تسوية سياسية، لم تظهر أي إرادة حقيقية لتحقيق ذلك. ومع ذلك، برزت جهود إعادة التواصل مع الأسد عقب زلزال فبراير (شباط) 2023 الذي ضرب تركيا وشمال سوريا.أعادت دول أوروبية، مثل إيطاليا، فتح سفاراتها في دمشق، بينما قادت السعودية جهوداً لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.أما تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة السورية، فقد أبدت اهتماماً بتطبيع العلاقات مع الأسد. ومع ذلك، رفض الأخير أي تنازل، خاصة بشأن قضية اللاجئين، التي تُعد حساسة في السياسة الداخلية التركية.الأسد يرفض التنازل
بدلاً من التفاوض مع أنقرة، واصل الأسد قصف إدلب، ما تسبب في نزوح آلاف السوريين نحو الحدود التركية، التي تستضيف بالفعل نحو 3 ملايين لاجئ وتدعم المتمردين شمال سوريا.ويرى محللون أن الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام قد يخدم المصالح التركية، وربما يمنح أنقرة نفوذاً أكبر في المفاوضات المستقبلية.وأشار المحلل السوري مالك العبدة إلى أن الأسد كان بإمكانه استغلال فرصة للتفاوض مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لترتيب منطقة نفوذ تركية في شمال سوريا، بشكل يحفظ ماء الوجه سياسياً، لكنه رفض، متمسكاً برؤيته أن التنازلات تمثل ضعفاً.وهذا التعنت، مع الاعتماد المستمر على روسيا وإيران والجماعات المرتبطة بهما، يؤكد حجم الدور الذي تلعبه القوى الأجنبية في استمرار النزاع السوري. 24
مدار الساعة ـ نشر في 2024/12/02 الساعة 20:05