ماذا يعني تفكيك جبهة المقاومة؟.. نقيب الصحفيين راكان السعايدة يكتب
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/28 الساعة 13:59
حتى اللحظة، لا يمكن تقديم تفسير حاسم ونهائي لخلفيات اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني، ولا حتى إجابة سؤال: هل يستمر هذا "الاتفاق" لأمد بعيد أم ينهار؟.كل هذا رهن بحسابات الطرفين، حزب الله والكيان، وبالضرورة إيران أيضًا.لكن؛ إذا كانت حسابات الكيان تستهدف فصل وحدة ساحات المقاومة وإعادة تنشيط جيشه وتنظيمه وتعبئة مخازن سلاحه، والتخفيف من عزلته والتحضير لاستقبال إدارة ترمب للبيت الأبيض؛ فالأمر يحتاج وقفة متأنية.لجهة حزب الله؛ الأمر مرتبط بالاستهدافات العميقة التي طاولت حتى أمينه العام حسن نصر الله، وربما يريد، مرغمًا، وقف النار ليلتقط أنفاسه ويعيد تنظيم صفوفه وتثبيت قياداته الجديدة وضبط الخرق الأمني الواسع في بنيته.وللطرفين أيضًا، حزب الله والكيان، حسابات تتصل بالبنية الاجتماعية لكل منهما، والعوامل الخارجية المؤثرة، إقليميًا ودوليًا.الأهم في هذا السياق هو انعكاس وقف إطلاق النار على المقاومة في قطاع غزة وعلى القضية الفلسطينية بعامة. وسؤال: كيف سيعيد الكيان توجيه القوة التدميرية باتجاه القطاع والضفة الغربية وما ستؤول إليه أوضاعهما؟.إن مراجعة أدبيات الكيان السياسية والدينية أولًا، وتصريحات قواه المتطرفة الحاكمة ثانيًا تخلص إلى نتيجة واحدة، هي: التهجير؛ تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ومن الضفة الغربية.وأياً تكن طريقة التهجير، كَرهًا أو طوعًا، فهو هدف الكيان، وقد وفر له أسبابًا كافية لجعله ممكنًا، بفهمه وتقييمه وحساباته، وإن كان نفاذ مخططاته مرهون بمدى استجابة أبناء القطاع والضفة.وهؤلاء، أي أبناء القطاع والضفة، وحتى نكون واقعيين وموضوعيين، دفعوا ويدفعون أثمانًا باهظة جدًا، وكل إنسان عنده طاقة احتمال محدودة مهما كبرت، وبدون إسناد لن تصمد هذه الطاقة طويلًا.ما أريد قوله هو أن تفكيك وحدة ساحات المقاومة يعني استفراد الكيان الصهيوني بقطاع غزة والضفة الغربية، وهذا يرتب على الأردن ومصر تحديدًا، وأكثر من أي بلدان الإقليم الأخرى، التحسب للقادم.لأن تضييق سبل العيش على أبناء قطاع غزة وتأخير الإعمار وتخطيط اليمين الصهيوني الحاكم للاستيطان في شماله، كلها عوامل تمهد للتهجير باتجاه مصر.ومخطط هذا اليمين في الضفة الغربية والقدس المحتلة هو ضم الضفة وحسم ملف القدس، وإقفال ملف الدولة الفلسطينية مع ما يعنيه هذا من إجراءات للتخلص من أكبر كتلة بشرية باتجاه الأردن.لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تنتهي الأحداث في الضفة والقطاع كما انتهت إليه بين الكيان وحزب الله، هذه حقيقة يجب أن نؤمن بها.الكيان الصهيوني يرى في الواقع الراهن فرصة تاريخية لن تتكرر لإنفاذ مشروعه بضمّ الضفة (أو ما يسميه يهودا والسامرة) وأجزاء من القطاع، وترمب وإدارته سيدعمان ذلك.هذا يفرض على الأردن، والمفترض مصر كذلك، اتخاذ إجراءات عميقة وحاسمة حيال المشروع الصهيوني وتحضيرًا جديًا لمقاومته وإفشاله في القطاع والضفة، بالعمل مع المجتمع الإقليمي والدولي، من جهة، ومع الفلسطينيين ذاتهم في الضفة والقطاع.إن أخطار المشروع الصهيوني ويمينه الحاكم المتطرف على الأردن أكبر من غيره؛ أخطار جدية ووجودية، والأردن القوي بمؤسساته ومجتمعه بات حاجة ملحة للاشتباك مع هذه الأخطار.وأي تقليل من حجم الأخطار والتحديات سيكون منطقًا عبثيًا، وأي رهان على دعم الخارج أكثر من الرهان على تماسك الداخل والتقليل من أهمية تصليبه وتقوية تماسكه هو منطق عبثي أيضًا.لقد تُركت غزة تقاوم وحدها، مع الأسف، وعلينا توقع أن نقاوم وحدنا المشروع الصهيوني الذي يستهدفنا والأشقاء في الضفة، وألا نراهن إلا على أنفسنا، مع ما يتطلبه هذا الرهان من مراجعات شاملة وقرارات وسياسات وإجراءاتنوعيةومؤثرة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/28 الساعة 13:59