الرواشدة يكتب: ‏من يُدير النقاش العام إذا غابت الأحزاب؟

حسين الرواشدة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/24 الساعة 23:08

هل نحتاج إلى نقاش وطني عام حول تحديات المرحلة القادمة ومخاطرها على بلدنا؟ أكيد نعم. من الجهة التي يُفترض أن تتولى إدارة هذا النقاش، الأحزاب السياسية مثلا؟ أين هي الأحزاب السياسية، هل سمعتم لها صوتا منذ نحو شهرين، أقصد يوم الانتخابات (9/10)؟ لا أريد أن أُقلّب مواجعنا الوطنية، فلطالما رأيت أن التعليق على ما حدث في انتخابات مجلس النواب، أو قبل ذلك في نتائج الانتخابات، ليس وقته، وإن كان مهما وخطيرا، أما لماذا، فلأنه كان بتقديري أمامنا هدف واحد وهو حماية الأردن والحفاظ على مصالحه، والدفاع عن وجودنا وحدودنا بوجه أعداء يتربصون بنا، وسوى الروم خلف ظهورنا فرس وعرب، وروم ايضاً.

‏في وقت مضى، تساءلت عن الشخصيات الوطنية ( كبار البلد ) كما يحلو أن يسميهم البعض، تساءلت، أيضا، عن «الجماعة الوطنية» والنخب السياسية التي اقتسمت الغنائم، ولا تزال، تساءلت عن مراكز الدراسات والجامعات والوسائط الاجتماعية، قلت : لا بد أن يقول هؤلاء كلمتهم فيما يواجهنا من أحداث، وما ينتظرنا من استحقاقات، للأسف معظمهم اختفوا وغابوا عن المشهد، أو انشغلوا بالتصفيق، أو تقاسموا وجبات الجاهات والموائد، بعضهم اعتزل بدافع الحرد أو انتظار دعوات الاستشارة، قليلون آثروا الصمت حفاظاً على هيبتهم وكرامتهم، أو لأن صوتهم لم يعد مسموعاً ولا مقبولاً.
‏ما علينا، الآن لدينا مشروع تحديث سياسي انتج أحزاباً وصلت للبرلمان، توزعت عليها بعض المناصب الحكومية، وبدأ بعضها بتصحيح مساراته، قلت : تصحيح، واقصد إعادة تدوير وفق الوصفات الجاهزة ذاتها، ما علينا أيضاً، الآن لا يمكن أن نستمر في الاتجاه الخطأ، ولا يجوز أن نبقى ننتظر لأربع سنوات قادمة نعيد انتاج 50 نائبا حزبيا بذات النسخة، وفق معلومات مؤكدة تجربة الحزبية في بلدنا خضعت للمراجعة خلال الأسابيع المنصرمة بشكل جذري، أول قطرات غيث هذه المراجعة هطلت قبل أيام، حيث دفع بعض الذين أخفقوا بإدارة ملفها مواقعهم، والحبل على الجرار..
‏تقع على عاتق الأحزاب الوطنية التي تؤمن بالأردن، كما يُفترض، مسؤولية إدارة النقاش العام، لكن هل هي مؤهلة لذلك؟ ربما لا، لأسباب عديدة مفهومة، ما البديل إذاً؟ العشائر مثلا؟ ألم نصمم مسار التحديث السياسي لتجاوز هذا الإطار الاجتماعي نحو تحول ديمقراطي يضع السياسة على سكتها الصحيحة؟ المطلوب،إذاً، أن ندفع هذه التجربة للأمام، ونرفع الوصايات عنها، ويتحرر أصحابها من حسابات المصالح الذاتية، والامتدادات الخارجية، هذا ممكن وضروري طبعا، واجب الدولة أن تساعد في ذلك، ومسؤولية النخب الحزبية أن تخرج من بياتها الشتوي، وتتحدث باسم الأردنيين وتتواصل معهم، إذا لم ننجح في ذلك فإن النتيجة هي «الفشل «، وبلدنا لا يتحمل هذا الثمن أبدا.
‏رجاءً، أيها الحزبيون لا تخذلوا الأردنيين، أقل الواجب أن تفتحوا أبواب أحزابكم أمامهم، وأن تديروا معهم ما يلزم من نقاشات وطنية تأخذ بلدنا، في هذه الظروف الصعبة، إلى سكة السلامة، وتخرجنا من دائرة الصمت والانتظار، إلى الحركة والفعل والإنجاز.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/24 الساعة 23:08