اللوزي تكتب: خطاب ملكي يعزز العزيمة الأردنية ويدعو إلى مسيرة التحديث والاصطفاف الوطني

المهندسة نور أحمد اللوزي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/18 الساعة 19:45
في وقت تتسارع فيه التحديات على الأصعدة الداخلية والإقليمية، جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة ليُجسد رؤية واضحة لمستقبل الأردن، ويعزز الثقة في قدرته على تحقيق التقدم رغم الصعاب. الخطاب كان بمثابة دعوة مفتوحة لجميع الأردنيين، من مسؤولين ومواطنين، للعمل بروح الفريق الواحد من أجل وطنهم، والاصطفاف خلف مشروع التحديث السياسي والاقتصادي الذي أطلقه جلالته.
وما يميز خطاب جلالة الملك هو تأكيده المستمر على التحديث السياسي الذي يمر عبر عدة محاور أساسية: تعزيز دور الأحزاب السياسية، زيادة تمثيل المرأة والشباب في الحياة العامة، وتفعيل التعاون بين الحكومة والبرلمان. مؤكداً جلالته على ضرورة أن يكون التنافس البرلماني على البرامج والأفكار، وأن تكون النزاهة والشفافية هما الأساس الذي يقوم عليه عمل النواب. هذه الرسالة تواكب الحاجة الماسة لإصلاح سياسي حقيقي، وتُظهر التزام الأردن بتطوير مؤسسات الدولة، وضمان تمثيل أكثر عدالة لجميع أطياف المجتمع.
أما فيما يخص الشق الاقتصادي، فقد أكد جلالة الملك على أهمية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي تهدف إلى إطلاق إمكانات الاقتصاد الوطني، ورفع معدلات النمو خلال العقد المقبل. هذا الطموح ليس بعيد المنال، بل يتكئ على العديد من العوامل الإيجابية مثل الكفاءات البشرية الأردنية والعلاقات الطيبة التي تربط المملكة مع دول العالم. جلالته لا يقتصر على الدعوة إلى التغيير، بل يضع المسؤولية على عاتق الجميع، محذرًا من أن التقدم لا يمكن أن يتحقق دون تحديث القطاع العام وتوفير إدارة كفؤة قادرة على تقديم خدمات نوعية للمواطنين. وهذا، بالطبع، يتطلب تعاونًا وثيقًا بين السلطات التنفيذية والتشريعية، وإرادة سياسية قوية.
ومن ناحية السياسة الخارجية، لا يمكن تجاهل الموقف الثابت والواضح لجلالة الملك تجاه القضية الفلسطينية. خطاب الملك كان حاسمًا في التأكيد على أن الأردن لن يتراجع عن دوره في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومواصلة الوصاية الهاشمية عليها. وفي ظل الظروف الراهنة من تصعيد في غزة والضفة الغربية، يواصل الأردن تقديم الدعم الإنساني والسياسي للفلسطينيين، الأمر الذي يعكس عمق الالتزام الأردني بقضية فلسطين، لا سيما في ظل محاولات البعض لتصفية القضية أو التلاعب بمصير الشعب الفلسطيني.
أمّا أبرز ما حمله الخطاب الملكي اليوم، هو إشادة جلالته بالجهود الجبارة التي يبذلها الجيش الأردني والأجهزة الأمنية في الدفاع عن الوطن وأمنه. وتأكيد جلالة الملك على أن "النشامى، النشامى" هو تعبير فخور عن قوة الأردن في مواجهة التحديات، سواء كانت في الداخل أو على الحدود. لقد أثبتت قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية مرارًا وتكرارًا أنها درع الوطن الحصين، وأن الأردنيين على استعداد دائم للوقوف صفًا واحدًا دفاعًا عن أمنهم واستقرارهم.
في ختام الخطاب، أعاد جلالة الملك التأكيد على أن الأردن سيظل دائمًا قويًا وصامدًا في وجه الرياح العاتية، وأن المسيرة مستمرة نحو بناء وطن أفضل لكل الأردنيين. مع التركيز على "الإنسان" كأغلى ما في هذه المسيرة، فإن رسالته كانت واضحة: المستقبل يُصنع بالإيمان والعزيمة، والرهانات على تطور البلاد هي رهان على قدرة الشعب الأردني على التغيير والنماء.
إنّ خطاب جلالة الملك كان بمثابة خارطة طريق للمرحلة القادمة في تاريخ الأردن. هو دعوة لصحوة سياسية واقتصادية تواكب التغيرات العالمية والتحديات الإقليمية، وهو أيضًا تكريس لفخر أردني حقيقي ينبع من قيم العروبة والانتماء الوطني. هذه الكلمات لا تحمل فقط إشارات إلى ضرورة التغيير، بل هي دعوة للعمل الجاد والمستمر من أجل أردن أفضل وأقوى، يحافظ على هويته، ويحقق تطلعات أبنائه نحو غدٍ مشرق.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/18 الساعة 19:45