الأجور الطبية: وزارة عاجزة عن الحسم.. والمواطن يتحمل الثمن
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/16 الساعة 16:02
مدار الساعة - كتبت: جوان الكردي - لطالما كان ملف تسعيرة الأجور الطبية في الأردن شائكاً يحمل في طياته الكثير من التوترات والخلافات بين الأطراف المختلفة: الأطباء والمستشفيات وشركات التأمين والمواطنين ووزارة الصحة.
هذا الجدل، الذي يبدو أنّ لا نهاية له، يعكس فشلاً واضحاً في إدارة هذا الملف من قبل وزارة الصحة والحكومة، ليبقى المواطن الخاسر الأول والأكبر في هذه المعادلة.
الأسئلة التي تفرض نفسها هنا: هل المشكلة تكمن في القوانين والتشريعات والسلطات الممنوحة لكل جهة فاعلة التي تنظم هذا القطاع؟ أم أن الخلل في الأشخاص أنفسهم؟ وهل نعاني من ضعف في الكفاءات الإدارية؟ أم غياب الإرادة السياسية لحسم هذا الملف؟
تعاقبت الحكومات، وتعاقب معها وزراء الصحة، لكن الإشكالية بقيت قائمة. عدم القدرة على حسم الخلاف حيال قائمة الأجور الطبية يعكس ضعفاً في التخطيط والرؤية الاستراتيجية.
وبدلاً من اتخاذ قرارات جريئة تحقق التوازن بين الأطراف المختلفة، اختارت الحكومة سياسة التسويف وشراء الوقت.
الوزراء الذين يفتقرون إلى الحزم والقدرة على اتخاذ القرارات المصيرية لا يستحقون البقاء في مناصبهم.
وزير الصحة، ومن خلفه الحكومة، هو المسؤول الأول عن وضع حد لهذا الجدل، ومنحه صلاحيات واسعة تمكنه من فرض حلول مرضية وعادلة. فكيف يمكن لوزير يتردد في اتخاذ موقف أن يدير قطاعاً حيوياً وهو الأشد حساسية كالصحة؟!
المواطن.. الحلقة الأضعف دائماً
المواطن الأردني، الذي يعاني أصلًا من ضغوط اقتصادية خانقة، يجد نفسه عاجزاً أمام تسعيرة طبية لا يملك القدرة على تحملها. شركات التأمين تبحث عن تقليل التكاليف، الأطباء يطالبون بـ"حقوقهم"، والمستشفيات تطالب بحصصها، فيما يبقى المواطن الضحية الذي يدفع الثمن.
هل القوانين هي السبب؟
إن الخلل يكمن في التشريعات التي تنظم القطاع الصحي، حيث تتصف بالمرونة الزائدة أو عدم الوضوح، مما يترك المجال واسعاً للتأويلات والخلافات. لكن، حتى في ظل وجود قوانين غير مكتملة، يبقى الوزير مسؤولاً عن اقتراح تعديلات، والضغط لتمرير قوانين تضمن العدالة وتحمي حقوق الجميع.
هل المشكلة في الأشخاص؟
المشكلة ليست في القوانين بقدر ما هي في الأشخاص الذين يديرون هذا الملف. فهل هي قلة خبرة إدارية أو قدرة على الحوار مع الأطراف المختلفة أو ضعف القدرة على اتخاذ القرار؟ اذن لن ينجحوا أبداً في حل هذه الإشكالية.
إرادة سياسية وكفاءات حقيقية
حل أزمة تسعيرة الأجور الطبية، بتقديري، لا يحتاج معجزات، بل إرادةً سياسيةً حقيقيةً وكفاءات إدارية قادرة على حسم الخلافات.
والمطلوب: تحديث التشريعات الصحية لتكون أكثر وضوحاً وعدالة. وتعزيز الرقابة على المستشفيات والأطباء وشركات التأمين. واختيار مسؤولين يمتلكون الخبرة والشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة. وإشراك المجتمع في النقاشات لضمان تمثيل صوت المواطن.
الحكومات التي تفشل في إدارة هذا الملف تفقد شرعيتها أمام المواطن. فهم عاجزون عن الحسم، والأولوية دائما يجب أن تكون مصلحة المواطن، وليس لإرضاء أطراف وتضخيم المكاسب.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/16 الساعة 16:02