ترامب والتركة الثقيلة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/11 الساعة 03:08
ما ينتظر الرئيس الأميركي رقم 47 دونالد ترامب القادم الى البيت الأبيض بداية العام القادم 2025 تركة ثقيلة، خلفها له الرئيس الحالي بايدن وهي فشل ذريع في السياسة الأميركية الداخلية والخارجية والتي أضرت بالاقتصاد الأميركي، فالتوترات الجيوسياسية التي لا تزال قائمة تسببت بعبء ثقيل على الاقتصاد الأميركي، وسنتطرق لبعض تلك الجوانب ولنبدأ في السياسة الخارجية الأميركية.
أولا: الحرب الروسية -الأوكرانية، هذه الحرب المستمرة منذ 33 شهرا لم تحقق أهدافها العسكرية على الأرض ولا أهدافها الاقتصادية بفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وفصلها بالكامل عن أوروبا، حيث حقق الاقتصاد الروسي هذا العام نموا اقتصاديا أفضل من اقوى اقتصاد في أوروبا وهي ألمانيا، وليس هذا فحسب بل أدت الحرب إلى تراجع كبير في الاقتصاد الأوروبي إنعكس على حياة الأوروبيين في الارتفاع الكبير لتكاليف المعيشة، وما رأيناه من إقالة وزير المالية الألماني من قبل الرئيس الألماني شولتز وتحميله لهذا الوزير مسؤولية فشل السياسات المالية وضعف الاقتصاد الألماني خير دليل على ذلك، فصرف عشرات المليارات من الدولارات من قبل الولايات المتحدة وأوروبا على حرب غير مجدية استنزفت الاقتصادين الأوروبي والأميركي، ومما زاد الأمر سوءاً أن تصبح سياسات الولايات المتحدة الاستراتيجية الخارجية وقراراتها تتبع لصالح الرئيس الأميركي لإثبات نجاحه أمام منافسه القادم، فتوجيه بايدن للأوكرانيين بمهاجمة مقاطعة كورسك الروسية لمحاولة الاحتفاظ بأوراق نجاح له في أي مفاوضات قادمة أمام روسيا لإثبات ان الحرب لا تزال في صالح الأوكرانيين، ولا زال يدعم أوكرانيا حيث سيوجه بتقديم مساعدات لأوكرانيا بقية هذا العام بقيمة 6 مليارات دولار.ثانيا: حرب غزة وجنوب لبنان، هاتان الحربان لم تحققا اي نجاح عسكري على الأرض فلا يزال طرفا المقاومة في غزة والجنوب اللبناني قادرين على إطلاق الصواريخ على اسرائيل ولا يزال هناك محتجزون إسرائيليون في غزة، وسكان الشمال الإسرائيلي غير قادرين على العودة إلى منازلهم، فما أراده الرئيس الحالي بايدن قبل أكثر من ثلاثة شهور بإطلاق مبادرته في صفقة تبادل لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة، وإيقاف الحرب لم تتحقق وزاد الأمر سوءا باشتعال جبهة جنوب لبنان والإشتباك المباشر بين إسرائيل وإيران، وما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحقا بإقالة وزير دفاعه جالانت لمعارضته في قراراته الشخصية التي تدعم المتطرفين الذين يساندونه وهو إعفاء ابناء المتطرفين الدينيين من الخدمة العسكرية وإغلاق اي منفذ لتبادل المحتجزين، والذي كان وزير الدفاع السابق جالانت يعارضه بذلك، لكن تفرد نتنياهو بسياسته الشخصية للقضاء على سكان غزة وإبادتهم وكذلك نقل تجربة غزة إلى الجنوب اللبناني، حيث يسابق نتنياهو الدموي الزمن في ذلك قبل تسلم الرئيس ترامب مهامه، فهذا الفشل الأميركي في الشرق الأوسط يضاف لفشل بايدن في الحرب الروسية-الأوكرانية.ثالثا: التوترات في شبه الجزيرة التايوانية، لم يفلح الرئيس بايدن بمحاصرة الصين ومنع التكنولوجيا المتقدمة من الرقاقات الإلكترونية عنها، رغم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لنقل مصنع الرقاقات من تايوان، فما شاهده العالم هو تمكن الصين هذا العام من إنتاج رقاقات تماثل الرقاقات التايوانية في الحجم، رغم التضييق على الصين في تايوان وأوروبا لمنع نقل تلك التكنولوجيا إلى الصين، وقد رأينا توترات عسكرية في تايوان خلال حقبة الرئيس بايدن كادت تشعل حربا في تلك الجزيرة.رابعا: أضرت هذه التوترات الجيوسياسية والحروب التي دعمتها الولايات المتحدة وخصوصا حرب غزة وحرب الجنوب اللبناني بسمعة الولايات المتحدة نتيجة دعمها لإسرائيل والكيل بمكيالين، عند قيام حليفتها إسرائيل بضربها في عرض الحائط لكل المواثيق والقرارات الدولية في حربها الدموية التي تستهدف المدنيين في غزة الأطفال منهم والنساء فقد تجرأت اسرائيل على التطاول على هيئة الأمم المتحدة لا وبل اغلقت مؤسساتها في غزة.خامسا: تمدد بريكس وفقدان حلفاء موثوقين مما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل الدولار والاقتصاد الأميركي.هذا بعض من السياسات الخارجية التي فشلت إدارة بادين في التعامل معها أما بالنسبة للسياسة الداخلية فقد تأثرت تأثرا كبيرا في السياسة الخارجية نتيجة إنشغال الرئيس بايدن بدعم تلك الحروب بعشرات المليارات من الدولارات بدل إنفاقها في الداخل، إضافة إلى ضعف حكومته في التعامل مع الملف الاقتصادي الذي انعكس على المواطن الأميركي سلبا من غلاء فاحش في الأسعار وتكاليف المعيشة وبطالة، فلم تكن لديه الحلول الاستراتيجية لدعم الاقتصاد فكان التضخم مسيطرا طيلة فترة حكمه، حتى ومع تخفيضه للفائدة يوم الخميس الماضي 25 نقطة بالتزامن مع إرتفاع المعيشة والتضخم 2.7% والمتوقعة كانت 2.6% للشهر الماضي وهي لا تزال بعيدة عن المستهدفة 2%، ولا زالت مشكلة المهاجرين العالقين والبالغ عددهم 10 مليون لاجىء،وكذلك لم يدعم بايدن الصناعات الأميركية بالشكل الصحيح فهي تعاني من ضرائب مرتفعة وارتفاع تكاليف الإنتاج وقد رأينا التفوق في مبيعات صناعة السيارات الكهربائية الصينية على مثيلتها الأميركية، وكذلك عدم التوسع في إنتاج النفط لتوفير كميات من النفط الأميركي تغطي السوق المحلي للصناعات وللمستهلك الأميركي، إضافة الى مشكلة الدين الأميركي التي ما زالت تؤرق الأميركيين والتي ستبلغ قرابة 36 ترليون دولار عند إستلام ترامب الحكم.إذن مع تسلم الرئيس ترامب مقاليد الحكم هل سيفي بوعوده بإنهاء الحروب وإنعاش الاقتصاد الأميركي؟إن ما سيفعله ترامب في أوكرانيا هو المناداة للجلوس على طاولة المفاوضات لجميع الأطراف ووقف الدعم لأوكرانيا مما يجبر حلفاءه الأوروبيين لدفع الفاتوره الأميركية اذا طالت المفاوضات لدعم أوكرانيا،إضافة إلى فرض 2%من موازنة دول حلف الناتو لصالح موازنة الدفاع.بالنسبة للقضية الفلسطينية سيعمل ترامب على إيقاف حرب غزة وحرب لبنان،والتهدأة مع إيران بدخول في مفاوضات بخصوص البرنامج النووي الإيراني،مشروطا بعدم إرتكاب إسرائيل قبل تسلم ترامب الحكم خطأ إستراتيجيا بضرب المفاعل النووي الإيراني والذي سيزيد الأمور تعقيدا.إن المعايير السابقة إختلفت فترامب يدرك ان صفقة القرن التي أتى فيها خلال حقبة رئاسته الأولى أصبحت اليوم محفوفة بالمخاطر، فما فعلته المقاومة في غزة لن تمرر صفقة القرن بصيغتها السابقة،دون حل للدولتين ولن يكون ذلك التطبيع مع الدول العربية وتمرير المخططات الإقتصادية الدولية بالقفز عن القضية الفلسطينية،إضافة إلى أن ترامب يجب أن يدرك بأن دول العالم تبحث دوما عن مصالحها الإقتصادية فالأمور إختلفت عن السابق فلم يبق شرطي واحد للعالم نتيجة لولادة الأقطاب والتحالفات الجديدة مما سيصعب مهمته القادمة.mhaddadin@jobkins.com
أولا: الحرب الروسية -الأوكرانية، هذه الحرب المستمرة منذ 33 شهرا لم تحقق أهدافها العسكرية على الأرض ولا أهدافها الاقتصادية بفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وفصلها بالكامل عن أوروبا، حيث حقق الاقتصاد الروسي هذا العام نموا اقتصاديا أفضل من اقوى اقتصاد في أوروبا وهي ألمانيا، وليس هذا فحسب بل أدت الحرب إلى تراجع كبير في الاقتصاد الأوروبي إنعكس على حياة الأوروبيين في الارتفاع الكبير لتكاليف المعيشة، وما رأيناه من إقالة وزير المالية الألماني من قبل الرئيس الألماني شولتز وتحميله لهذا الوزير مسؤولية فشل السياسات المالية وضعف الاقتصاد الألماني خير دليل على ذلك، فصرف عشرات المليارات من الدولارات من قبل الولايات المتحدة وأوروبا على حرب غير مجدية استنزفت الاقتصادين الأوروبي والأميركي، ومما زاد الأمر سوءاً أن تصبح سياسات الولايات المتحدة الاستراتيجية الخارجية وقراراتها تتبع لصالح الرئيس الأميركي لإثبات نجاحه أمام منافسه القادم، فتوجيه بايدن للأوكرانيين بمهاجمة مقاطعة كورسك الروسية لمحاولة الاحتفاظ بأوراق نجاح له في أي مفاوضات قادمة أمام روسيا لإثبات ان الحرب لا تزال في صالح الأوكرانيين، ولا زال يدعم أوكرانيا حيث سيوجه بتقديم مساعدات لأوكرانيا بقية هذا العام بقيمة 6 مليارات دولار.ثانيا: حرب غزة وجنوب لبنان، هاتان الحربان لم تحققا اي نجاح عسكري على الأرض فلا يزال طرفا المقاومة في غزة والجنوب اللبناني قادرين على إطلاق الصواريخ على اسرائيل ولا يزال هناك محتجزون إسرائيليون في غزة، وسكان الشمال الإسرائيلي غير قادرين على العودة إلى منازلهم، فما أراده الرئيس الحالي بايدن قبل أكثر من ثلاثة شهور بإطلاق مبادرته في صفقة تبادل لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة، وإيقاف الحرب لم تتحقق وزاد الأمر سوءا باشتعال جبهة جنوب لبنان والإشتباك المباشر بين إسرائيل وإيران، وما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحقا بإقالة وزير دفاعه جالانت لمعارضته في قراراته الشخصية التي تدعم المتطرفين الذين يساندونه وهو إعفاء ابناء المتطرفين الدينيين من الخدمة العسكرية وإغلاق اي منفذ لتبادل المحتجزين، والذي كان وزير الدفاع السابق جالانت يعارضه بذلك، لكن تفرد نتنياهو بسياسته الشخصية للقضاء على سكان غزة وإبادتهم وكذلك نقل تجربة غزة إلى الجنوب اللبناني، حيث يسابق نتنياهو الدموي الزمن في ذلك قبل تسلم الرئيس ترامب مهامه، فهذا الفشل الأميركي في الشرق الأوسط يضاف لفشل بايدن في الحرب الروسية-الأوكرانية.ثالثا: التوترات في شبه الجزيرة التايوانية، لم يفلح الرئيس بايدن بمحاصرة الصين ومنع التكنولوجيا المتقدمة من الرقاقات الإلكترونية عنها، رغم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لنقل مصنع الرقاقات من تايوان، فما شاهده العالم هو تمكن الصين هذا العام من إنتاج رقاقات تماثل الرقاقات التايوانية في الحجم، رغم التضييق على الصين في تايوان وأوروبا لمنع نقل تلك التكنولوجيا إلى الصين، وقد رأينا توترات عسكرية في تايوان خلال حقبة الرئيس بايدن كادت تشعل حربا في تلك الجزيرة.رابعا: أضرت هذه التوترات الجيوسياسية والحروب التي دعمتها الولايات المتحدة وخصوصا حرب غزة وحرب الجنوب اللبناني بسمعة الولايات المتحدة نتيجة دعمها لإسرائيل والكيل بمكيالين، عند قيام حليفتها إسرائيل بضربها في عرض الحائط لكل المواثيق والقرارات الدولية في حربها الدموية التي تستهدف المدنيين في غزة الأطفال منهم والنساء فقد تجرأت اسرائيل على التطاول على هيئة الأمم المتحدة لا وبل اغلقت مؤسساتها في غزة.خامسا: تمدد بريكس وفقدان حلفاء موثوقين مما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل الدولار والاقتصاد الأميركي.هذا بعض من السياسات الخارجية التي فشلت إدارة بادين في التعامل معها أما بالنسبة للسياسة الداخلية فقد تأثرت تأثرا كبيرا في السياسة الخارجية نتيجة إنشغال الرئيس بايدن بدعم تلك الحروب بعشرات المليارات من الدولارات بدل إنفاقها في الداخل، إضافة إلى ضعف حكومته في التعامل مع الملف الاقتصادي الذي انعكس على المواطن الأميركي سلبا من غلاء فاحش في الأسعار وتكاليف المعيشة وبطالة، فلم تكن لديه الحلول الاستراتيجية لدعم الاقتصاد فكان التضخم مسيطرا طيلة فترة حكمه، حتى ومع تخفيضه للفائدة يوم الخميس الماضي 25 نقطة بالتزامن مع إرتفاع المعيشة والتضخم 2.7% والمتوقعة كانت 2.6% للشهر الماضي وهي لا تزال بعيدة عن المستهدفة 2%، ولا زالت مشكلة المهاجرين العالقين والبالغ عددهم 10 مليون لاجىء،وكذلك لم يدعم بايدن الصناعات الأميركية بالشكل الصحيح فهي تعاني من ضرائب مرتفعة وارتفاع تكاليف الإنتاج وقد رأينا التفوق في مبيعات صناعة السيارات الكهربائية الصينية على مثيلتها الأميركية، وكذلك عدم التوسع في إنتاج النفط لتوفير كميات من النفط الأميركي تغطي السوق المحلي للصناعات وللمستهلك الأميركي، إضافة الى مشكلة الدين الأميركي التي ما زالت تؤرق الأميركيين والتي ستبلغ قرابة 36 ترليون دولار عند إستلام ترامب الحكم.إذن مع تسلم الرئيس ترامب مقاليد الحكم هل سيفي بوعوده بإنهاء الحروب وإنعاش الاقتصاد الأميركي؟إن ما سيفعله ترامب في أوكرانيا هو المناداة للجلوس على طاولة المفاوضات لجميع الأطراف ووقف الدعم لأوكرانيا مما يجبر حلفاءه الأوروبيين لدفع الفاتوره الأميركية اذا طالت المفاوضات لدعم أوكرانيا،إضافة إلى فرض 2%من موازنة دول حلف الناتو لصالح موازنة الدفاع.بالنسبة للقضية الفلسطينية سيعمل ترامب على إيقاف حرب غزة وحرب لبنان،والتهدأة مع إيران بدخول في مفاوضات بخصوص البرنامج النووي الإيراني،مشروطا بعدم إرتكاب إسرائيل قبل تسلم ترامب الحكم خطأ إستراتيجيا بضرب المفاعل النووي الإيراني والذي سيزيد الأمور تعقيدا.إن المعايير السابقة إختلفت فترامب يدرك ان صفقة القرن التي أتى فيها خلال حقبة رئاسته الأولى أصبحت اليوم محفوفة بالمخاطر، فما فعلته المقاومة في غزة لن تمرر صفقة القرن بصيغتها السابقة،دون حل للدولتين ولن يكون ذلك التطبيع مع الدول العربية وتمرير المخططات الإقتصادية الدولية بالقفز عن القضية الفلسطينية،إضافة إلى أن ترامب يجب أن يدرك بأن دول العالم تبحث دوما عن مصالحها الإقتصادية فالأمور إختلفت عن السابق فلم يبق شرطي واحد للعالم نتيجة لولادة الأقطاب والتحالفات الجديدة مما سيصعب مهمته القادمة.mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة ـ نشر في 2024/11/11 الساعة 03:08