البناء السردي في رواية اغتراب وحنين للكاتبة المحامية نرجس صالح الشناق

مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/22 الساعة 19:48
مدار الساعة - مصطفى القرنه -تتناول رواية اغتراب وحنين للكاتبة المحامية نرجس صالح الشناق( نرجس العرب ) موضوعات الحنين والاغتراب بأسلوب فني يجذب القارئ إلى أعماق النفس البشرية. تُظهر الرواية كيف يمكن أن يكون الحنين إلى الوطن أو الماضي محركاً للأحداث، بينما يعكس الاغتراب شعوراً بالعزلة وفقدان الهوية.رواية "اغتراب وحنين" الفائزة بجائزة الإبداع الشبابي الأردني العام 2016التي تعاين فيها الكاتبة جملة من الوقائع السائدة في المجتمع وخصوصا لدى الشباب الذين يتوجهون للهجرة بحثا عن العمل، لافتة الى العديد من التحديات التي تعاند مصائر شخوص الرواية.تدور الأحداث حول البطلة سمر التي تكون على علاقة عاطفية بشاب يتركها من أجل الهجرة والبحث عن العمل، وهناك تنقطع اخباره عنها بعد ان قرر الزواج من امرأة أجنبية ليقيم في بلدها , اما هي فتقوم بفتح "مخيطة" صغيرة مع نساء الحي لتواصل النجاح في عملها لتمتلك فيما بعد مصنعا للألبسة الجاهزة .وفي إطار عملها تلتقي برجل ثري يهتم بشؤون الأطفال الصم والبكم من خلال مؤسسته الخيرية التي تعنى بهم ليتبين فيما بعد انه ذئب في ثياب حمل يعتدي على الأطفال الصم .تتميز الرواية ببناء سردي محكم، حيث يتم التنقل بين الزمنين، الماضي والحاضر، بطريقة تعكس صراع الشخصية الرئيسية سمر مع ذكرياتها. تستخدم الكاتبة تقنية الفلاش باك لإحياء لحظات مؤثرة من الماضي، مما يعمق من إحساس الحنين. تتجلى هذه التقنية في كيفية تفاعل الشخصية مع المكان والزمان، مما يزيد من تعقيد تجربتها النفسية.تُعتبر الشخصية الرئيسية سمر رمزاً للحنين والاغتراب، إذ تعكس تجاربها شعور الكثيرين الذين يعانون من فقدان الأمل أو الهوية. تتطور الشخصية بشكل ملحوظ، حيث تتأرجح بين الرغبة في العودة إلى الجذور وبين التكيف مع واقع جديد. الشخصيات الثانوية تُعزز من هذه الفكرة، إذ تُظهر كيف تؤثر العلاقات الاجتماعية على تجربة الاغتراب.تتعدد الموضوعات التي تناقشها الرواية، حيث يبرز الحنين كقوة دافعة نحو البحث عن الهوية والانتماء. من جهة أخرى، يُظهر الاغتراب كيف يمكن أن يؤدي فقدان الجذور إلى شعور بالضياع. تعكس الرواية أيضاً صراعات الجيل الجديد الذي يواجه تحديات العولمة والانتقال الثقافي، مما يضيف عمقاً للقضية.يتميز أسلوب الكاتبة بالشاعرية والعمق، حيث يُستخدم الوصف المكثف للتعبير عن المشاعر المعقدة. يمتاز النص بلغة غنية بالاستعارات والتشبيهات التي تُعزز من تأثير الحنين والاغتراب. كما أن استخدام الحوار الداخلي يُتيح للقارئ استكشاف الصراعات النفسية للشخصيات بوضوح، مما يخلق تواصلاً عاطفياً عميقاً.وفي نهاية المطاف تُعد رواية اغتراب وحنين عملاً أدبياً يستكشف الحنين والاغتراب بشكل متقن، وليس أدل من فوزها بجائزة الشباب فهي تقدم نظرة عميقة إلى التجربة الإنسانية. من خلال تصوير الصراعات الداخلية والتحديات الاجتماعية، تظهر الكاتبة كيف يمكن أن يكون الحنين مدخلاً للشفاء أو مأساة مؤلمة. تعد الرواية دعوة للتفكر في مفهوم الانتماء والبحث عن الهوية في عالم متغير، مما يجعلها نصاً قيماً لكل من يسعى لفهم تعقيدات النفس البشرية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/22 الساعة 19:48